الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        403 376 - وأما حديثه بعد هذا عن يحيى بن سعيد ، عن النعمان بن مرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما ترون في السارق ، والشارب ، والزاني ؟ وذلك قبل أن ينزل فيهم ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هن فواحش وفيهن عقوبة ، وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته ، قالوا : وكيف يسرق صلاته يا رسول الله ؟ قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        8996 - هكذا الرواية في " الموطأ " أسوأ السرقة - بكسر الراء - والمعنى : أسوأ السرقة سرقة من يسرق صلاته .

                                                                                                                        8997 - وقد جاء في القرآن : " ولكن البر من آمن بالله " [ البقرة : 177 ] والمعنى : ولكن البر بر من آمن بالله .

                                                                                                                        8998 - ومن روى : أسوأ السرقة الذي يسرق صلاته - بفتح الراء - يريد أسوأ [ ص: 282 ] السرقة فعلا الذي يسرق صلاته .

                                                                                                                        8999 - والسرقة جمع سارق مثل : الفاسق والفسقة ، والكافر والكفرة .

                                                                                                                        9000 - وهذا الحديث متصل ، ويستند من وجوه صحاح من حديث أبي سعيد الخدري ، وحديث أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله : " أسوأ السرقة الذي يسرق صلاته . . . . . الحديث ، سواء .

                                                                                                                        9001 - وفي حديث عمران بن حصين ، قال : ما تعدون الكبائر فيكم ؟ قالوا : الشرك والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، قال : هن كبائر وفيهن عقوبات . . . . وذكر [ ص: 283 ] الحديث .

                                                                                                                        9002 - وفي حديث مالك من الفقه : طرح العالم على المتعلم المسائل ليختبره بها .

                                                                                                                        9003 - وفيه : أن شرب الخمر والزنا فواحش ، والله - عز وجل - قد حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن .

                                                                                                                        9004 - ومعلوم من قوله : " ما ترون في الشارب ؟ " أنه لم يرد شارب الماء ، وكذلك كل ما أباح الله شربه فلم يبق إلا أنه أراد شارب ما حرم الله عليه ، ولا يعلم شرب شرابا مجتمعا على تحريمه إلا الخمر ، وكل مسكر عندنا خمر .

                                                                                                                        9005 - وفيه دليل على أن الشارب يعاقب وعقوبته كانت مردودة إلى الاجتهاد ، فلذلك جمع عمر - رضي الله عنه - الصحابة فشاورهم في حد الخمر ، فاتفقوا على ثمانين ، فصارت سنة ، وعليها العمل عند جمهور فقهاء المدينة .

                                                                                                                        [ ص: 284 ] 9006 - وسيأتي بيان ذلك في موضعه من هذا الكتاب ، إن شاء الله .

                                                                                                                        9007 - وأما السرقة والزنا فقد أحكم الله الحد فيهما في كتابه على لسان نبيه مما لا مدخل للرأي فيه .

                                                                                                                        9008 - وفيه دليل على أن ترك الصلاة وترك إقامتها على حدودها من أكبر الذنوب .

                                                                                                                        9009 - ألا ترى أنه ضرب المثل لذلك بالزاني ، والسارق ، وشارب الخمر ؟ ! .

                                                                                                                        9010 - ومعلوم أن : السرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، من الكبائر .

                                                                                                                        9011 - ثم قال : شر السرقة .

                                                                                                                        9012 - وفي رواية مالك : وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته - يريد : وشر من ذلك كله من يسرق صلاته ، فلا يتم ركوعها ولا سجودها .

                                                                                                                        9013 - وقد مضى القول في تارك الصلاة فيما تقدم من هذا الكتاب .

                                                                                                                        9014 - وأما من لم يتم ركوعها ولا سجودها فلا صلاة له ، وعليه إعادتها ، وأقل ما يجزئه من ذلك أن يضع يديه على ركبتيه ويعتدل راكعا ، أقل ما يقع عليه اسم ركوع ويتمكن فيه .

                                                                                                                        9015 - وكذلك لا يجزئه في السجود أقل من وضع وجهه في الأرض ويديه متمكنا أقل ما يقع عليه اسم ساجد غير ناقر .

                                                                                                                        9016 - قرأت على أبي محمد قاسم بن محمد أن خالد بن سعد حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن فطيس ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا بشر بن عمر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرنا سليمان الأعمش ، قال : سمعت عمارة بن عمير ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود " .

                                                                                                                        [ ص: 285 ] 9017 - وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الملك بن بحر ، قال : حدثنا موسى بن هارون ، حدثنا ابن أخي جويرية ، قال : حدثنا مهدي بن ميمون ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، أنه رأى رجلا يصلي لم يقم ركوعه ولا سجوده ، فلما قضى صلاته دعاه ، فقال له : مذ كم صليت هذه الصلاة ؟ قال : صليتها منذ كذا وكذا ، فقال حذيفة : ما صليت لله صلاة .

                                                                                                                        9018 - وقد أوضحنا ما للفقهاء من تسبيح الركوع والسجود والطمأنينة في ذلك ، في غير موضع ، والحمد لله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية