الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ قلتم [ 61 ]

                                                                                                                                                                                                                                        عطف . يا موسى نداء مفرد لن نصبر نصب بلن على طعام خفض بعلى واحد من نعته فادع سؤال بمنزلة الأمر فلذلك حذفت منه الواو ، ولغة بني عامر : " فادع لنا " بكسر العين لالتقاء الساكنين يخرج لنا جزم لأنه جواب الأمر ، وفيه معنى المجازاة مما تنبت الأرض قال الأخفش : " من " زائدة . قال أبو جعفر : هذا خطأ على قول سيبويه ؛ لأن " من " لا تزاد عنده في الواجب ، وإنما دعا الأخفش إلى هذا أنه لم يجد مفعولا لـ " يخرج " ، فأراد أن يجعل " ما " مفعولا . والأولى أن يكون المفعول محذوفا دل عليه سائر الكلام ، والتقدير : يخرج لنا مما تنبت الأرض مأكولا . من بقلها بدل بإعادة الحروف وقثائها عطف . وقرأ طلحة ، ويحيى بن وثاب : وقثائها بضم القاف ، وتقول في جمعها : قثائي مثل علباء وعلابي ، إلا أن قثاء من ذوات الهمزة ، يقال : أقثأت القوم . قال أبو جعفر : سمعت علي بن سليمان يقول : لا يصح عندي في أتستبدلون الذي هو أدنى إلا أن يكون من ذوات الهمزة من قولهم : دنيء بين الدناءة ، ثم أبدلت الهمزة . قال أبو جعفر : هذا الذي ذكرنا إنما يجوز في الشعر ، ولا يجوز في الكلام ، فكيف في كتاب الله - جل وعز - ؟ ! قال أبو [ ص: 232 ] إسحاق : هو من الدنو أي الذي هو أقرب من قولهم : ثوب مقارب أي قليل الثمن . قال أبو جعفر : وأجود من هذين القولين أن يكون المعنى - والله أعلم - : أتستبدلون الذي هو أقرب إليكم في الدنيا بالذي هو خير لكم يوم القيامة ؛ لأنهم إذا طلبوا غير ما أمروا بقبوله فقد استبدلوا الذي هو أقرب إليهم في الدنيا مما هو خير لهم لما لهم فيه من الثواب . اهبطوا مصرا نكرة . هذا أجود الوجوه ؛ لأنها في السواد بألف ، وقد يجوز أن تصرف ، تجعل اسما للبلاد ، وإنما اخترنا الأول لأنه لا يكاد يقال مثل مصر بلاد ولا بلد ، وإنما يقال لها : بلدة ، وإنما يستعمل بلاد في مثل بلاد الروم . وقال الكسائي : يجوز أن تصرف مصر وهي معرفة لخفتها ، يريد أنها مثل هند ، وهذا خطأ على قول الخليل وسيبويه والفراء ؛ لأنك لو سميت امرأة بزيد لم تصرف . وقال الكسائي : يجوز أن تصرف مصر وهي معرفة ؛ لأن العرب تصرف كل ما لا ينصرف في الكلام إلا أفعل منك . فإن لكم ما سألتم " ما " نصب بإن وضربت عليهم الذلة اسم ما لم يسم فاعله والمسكنة عطف ، وقد ذكرنا الهمز في ( النبيئين ) في الكتاب الذي قبل هذا ذلك بما عصوا قال الأخفش : أي بعصيانهم وكانوا يعتدون عطف عليه .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 233 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية