[ ص: 53 ] فصل ومن هذا الباب
nindex.php?page=treesubj&link=28843_29645_26863_29483لفظ " الكفر " و " النفاق " فالكفر إذا ذكر مفردا في وعيد الآخرة دخل فيه المنافقون كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يصلاها إلا الأشقى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الذي كذب وتولى } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير } {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=9قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=72قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=68ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=124ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=125قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=126قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=127وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } وقوله :
[ ص: 54 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } .
وأمثال هذه النصوص كثير في القرآن . فهذه كلها يدخل فيها " المنافقون " الذين هم في الباطن كفار ليس معهم من الإيمان شيء كما يدخل فيها " الكفار " المظهرون للكفر ; بل المنافقون في الدرك الأسفل من النار كما أخبر الله بذلك في كتابه . ثم قد
nindex.php?page=treesubj&link=28843_28674يقرن " الكفر بالنفاق " في مواضع ; ففي أول البقرة ذكر أربع آيات في صفة المؤمنين وآيتين في صفة الكافرين وبضع عشرة آية في صفة المنافقين فقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } . في سورتين وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا } . الآية . وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28674لفظ " المشركين " قد يقرن بأهل الكتاب فقط وقد يقرن بالملل الخمس ; كما في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=17إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد } . و ( الأول ) كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } . وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ } .
وليس أحد بعد مبعث
محمد صلى الله عليه وسلم إلا من الذين أوتوا الكتاب أو الأميين ، وكل أمة لم تكن من الذين أوتوا الكتاب فهم من الأميين ; كالأميين من
العرب ومن
الخزر والصقالبة والهند والسودان وغيرهم من الأمم الذين لا كتاب لهم فهؤلاء كلهم أميون ، والرسول مبعوث إليهم كما بعث إلى الأميين من
العرب .
وقوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وقل للذين أوتوا الكتاب } - وهو إنما يخاطب الموجودين في زمانه بعد النسخ والتبديل - يدل على أن
من دان بدين اليهود والنصارى فهو من الذين أوتوا الكتاب لا يختص هذا اللفظ بمن كانوا متمسكين به قبل النسخ والتبديل ولا فرق بين أولادهم وأولاد غيرهم ; فإن أولادهم إذا كانوا بعد النسخ والتبديل ممن أوتوا الكتاب فكذلك غيرهم إذا كانوا كلهم كفارا وقد جعلهم الذين أوتوا الكتاب بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وقل للذين أوتوا الكتاب } وهو لا يخاطب بذلك إلا من بلغته رسالته ; لا من مات ; فدل ذلك على أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب } يتناول هؤلاء كلهم كما هو مذهب الجمهور من
السلف والخلف وهو مذهب
مالك وأبي حنيفة وهو المنصوص عن
أحمد في عامة أجوبته لم يختلف كلامه إلا في
نصارى بني تغلب ، وآخر الروايتين عنه : أنهم تباح نساؤهم وذبائحهم ; كما هو قول جمهور
الصحابة .
[ ص: 56 ] وقوله في " الرواية الأخرى " : لا تباح ; متابعة
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن لأجل النسب ; بل لكونهم لم يدخلوا في دين
أهل الكتاب إلا فيما يشتهونه من شرب الخمر ونحوه ولكن بعض التابعين ظن أن ذلك لأجل النسب كما نقل عن
عطاء وقال به
الشافعي ومن وافقه من أصحاب
أحمد وفرعوا على ذلك فروعا كمن كان أحد أبويه كتابيا والآخر ليس بكتابي ونحو ذلك حتى لا يوجد في طائفة من كتب أصحاب
أحمد إلا هذا القول ; وهو خطأ على مذهبه مخالف لنصوصه لم يعلق الحكم بالنسب في مثل هذا ألبتة كما قد بسط في موضعه .
ولفظ " المشركين " يذكر مفردا في مثل قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } وهل يتناول أهل الكتاب ؟ فيه " قولان " مشهوران
للسلف والخلف . والذين قالوا : بأنها تعم ; منهم من قال : هي محكمة
كابن عمر والجمهور الذين يبيحون نكاح الكتابيات ; كما ذكره الله في آية المائدة وهي متأخرة عن هذه . ومنهم من يقول : نسخ منها تحريم نكاح الكتابيات . ومنهم من يقول : بل هو مخصوص لم يرد باللفظ العام ، وقد أنزل الله تعالى بعد صلح
الحديبية قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ولا تمسكوا بعصم الكوافر } . وهذا قد يقال : إنما نهى عن التمسك بالعصمة من كان متزوجا كافرة ولم يكونوا حينئذ متزوجين إلا بمشركة وثنية ; فلم يدخل في ذلك الكتابيات .
[ ص: 53 ] فَصْلٌ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=28843_29645_26863_29483لَفْظُ " الْكُفْرِ " وَ " النِّفَاقِ " فَالْكُفْرُ إذَا ذُكِرَ مُفْرَدًا فِي وَعِيدِ الْآخِرَةِ دَخَلَ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لَا يَصْلَاهَا إلَّا الْأَشْقَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=9قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إنْ أَنْتُمْ إلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=72قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=68وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=124وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=125قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=126قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=127وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى } وَقَوْلِهِ :
[ ص: 54 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } .
وَأَمْثَالُ هَذِهِ النُّصُوصِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ . فَهَذِهِ كُلُّهَا يَدْخُلُ فِيهَا " الْمُنَافِقُونَ " الَّذِينَ هُمْ فِي الْبَاطِنِ كُفَّارٌ لَيْسَ مَعَهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ شَيْءٌ كَمَا يَدْخُلُ فِيهَا " الْكُفَّارُ " الْمُظْهِرُونَ لِلْكُفْرِ ; بَلْ الْمُنَافِقُونَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ . ثُمَّ قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28843_28674يُقْرَنُ " الْكُفْرُ بِالنِّفَاقِ " فِي مَوَاضِعَ ; فَفِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ ذَكَرَ أَرْبَعَ آيَاتٍ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَآيَتَيْنِ فِي صِفَةِ الْكَافِرِينَ وَبِضْعَ عَشْرَةَ آيَةً فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } . فِي سُورَتَيْنِ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } . الْآيَةَ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28674لَفْظُ " الْمُشْرِكِينَ " قَدْ يُقْرَنُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَقَطْ وَقَدْ يُقْرَنُ بِالْمِلَلِ الْخَمْسِ ; كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=17إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } . وَ ( الْأَوَّلُ ) كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } . وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ } .
وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَ مَبْعَثِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ أَوْ الْأُمِّيِّينَ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ لَمْ تَكُنْ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فَهُمْ مِنْ الْأُمِّيِّينَ ; كَالْأُمِّيِّينَ مِنْ
الْعَرَبِ وَمِنْ
الْخَزَرِ وَالصَّقَالِبَةِ وَالْهِنْدِ وَالسُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَمِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أُمِّيُّونَ ، وَالرَّسُولُ مَبْعُوثٌ إلَيْهِمْ كَمَا بُعِثَ إلَى الْأُمِّيِّينَ مِنْ
الْعَرَبِ .
وَقَوْلُهُ : { nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } - وَهُوَ إنَّمَا يُخَاطِبُ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَانِهِ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
مَنْ دَانَ بِدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَهُوَ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَا يَخْتَصُّ هَذَا اللَّفْظُ بِمَنْ كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِهِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ غَيْرِهِمْ ; فَإِنَّ أَوْلَادَهُمْ إذَا كَانُوا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ مِمَّنْ أُوتُوا الْكِتَابَ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ كُفَّارًا وَقَدْ جَعَلَهُمْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } وَهُوَ لَا يُخَاطِبُ بِذَلِكَ إلَّا مَنْ بَلَغَتْهُ رِسَالَتُهُ ; لَا مَنْ مَاتَ ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ
السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ
أَحْمَد فِي عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ كَلَامُهُ إلَّا فِي
نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ ، وَآخِرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ : أَنَّهُمْ تُبَاحُ نِسَاؤُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ ; كَمَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ
الصَّحَابَةِ .
[ ص: 56 ] وَقَوْلُهُ فِي " الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " : لَا تُبَاحُ ; مُتَابَعَةً
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ النَّسَبِ ; بَلْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ
أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا فِيمَا يَشْتَهُونَهُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَلَكِنَّ بَعْضَ التَّابِعِينَ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ النَّسَبِ كَمَا نُقِلَ عَنْ
عَطَاءٍ وَقَالَ بِهِ
الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ
أَحْمَد وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا كَمَنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ لَيْسَ بِكِتَابِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى لَا يُوجَدَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِ
أَحْمَد إلَّا هَذَا الْقَوْلُ ; وَهُوَ خَطَأٌ عَلَى مَذْهَبِهِ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِهِ لَمْ يُعَلَّقْ الْحُكْمُ بِالنَّسَبِ فِي مِثْلِ هَذَا أَلْبَتَّةَ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ .
وَلَفْظُ " الْمُشْرِكِينَ " يُذْكَرُ مُفْرَدًا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } وَهَلْ يَتَنَاوَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ ؟ فِيهِ " قَوْلَانِ " مَشْهُورَانِ
لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ . وَاَلَّذِينَ قَالُوا : بِأَنَّهَا تَعُمُّ ; مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هِيَ مُحْكَمَةٌ
كَابْنِ عُمَرَ وَالْجُمْهُورِ الَّذِينَ يُبِيحُونَ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّاتِ ; كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ هَذِهِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : نُسِخَ مِنْهَا تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ لَمْ يَرِدْ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ صُلْحِ
الْحُدَيْبِيَةِ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } . وَهَذَا قَدْ يُقَالُ : إنَّمَا نَهَى عَنْ التَّمَسُّكِ بِالْعِصْمَةِ مَنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا كَافِرَةً وَلَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ مُتَزَوِّجِينَ إلَّا بِمُشْرِكَةٍ وَثَنِيَّةٍ ; فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِيَّاتُ .