الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين يعني اليهود تزعم أن الجنة خالصة لهم من دون الناس، وفيه قولان: أحدهما: من دون الناس كلهم. والثاني: من دون محمد وأصحابه الذين آمنوا به، وهذا قول ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        فقيل: فتمنوا الموت إن كنتم صادقين لأنه من اعتقد أنه من أهل الجنة، كان الموت أحب إليه من الحياة، لما يصير إليه من نعم الجنة، ويزول عنه من أذى الدنيا، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقامهم من النار) . ثم قال تعالى: ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم تحقيقا لكذبهم، وفي تركهم إظهار التمني قولان: أحدهما: أنهم علموا أنهم لو تمنوا الموت لماتوا، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك لم يتمنوه وهذا قول ابن عباس . الثاني: أن الله صرفهم عن إظهار التمني، ليجعل ذلك آية لنبيه صلى الله عليه وسلم. ثم قال تعالى: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة يعني اليهود. ومن الذين أشركوا يعني المجوس، لأن المجوس هم الذين يود أحدهم لو يعمر ألف سنة ، كان قد بلغ من حبهم في الحياة أن جعلوا تحيتهم (عش ألف سنة) حرصا على الحياة، فهؤلاء الذين يقولون: (أن لهم الجنة خالصة) أحب في الحياة من جميع الناس ومن هؤلاء. وما هو بمزحزحه من العذاب أي بمباعده من العذاب أن يعمر لأنه لو عمر ما تمنى، لما دفعه طول العمر من عذاب الله على معاصيه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية