الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: نعمة من ربكم ، قاله ابن عباس والحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: شدة البلية ، ذكره ابن عيسى.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: اختبار وامتحان ، قاله ابن كامل. قوله عز وجل: وإذ تأذن ربكم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه وإذ سمع ربكم ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: وإذا قال ربكم ، قاله أبو مالك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: معناه وإذ أعلمكم ربكم ، ومنه الأذان لأنه إعلام ، قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        فلم نشعر بضوء الصبح حتى سمعنا في مجالسنا الأذينا



                                                                                                                                                                                                                                        لئن شكرتم لأزيدنكم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي ، قاله الربيع.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم من طاعتي ، قاله الحسن وأبو صالح.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: لئن وحدتم وأطعتم لأزيدنكم ، قاله ابن عباس . ويحتمل تأويلا رابعا: لئن آمنتم لأزيدنكم من نعيم الآخرة إلى نعيم الدنيا. وسئل بعض الصلحاء على شكر الله تعالى . فقال: أن لا تتقوى بنعمه على معاصيه. وحكي أن داود عليه السلام قال: أي رب كيف أشكرك وشكري لك نعمة مجددة منك علي؟ قال: (يا داود الآن شكرتني) . ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وعد الله تعالى بالزيادة على الشكر ، وبالعذاب على الكفر.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 124 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية