nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28977_30525_29494قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون .
استئناف للتهديد والتوعد وإعذار لهم بأن إعراضهم لا يرجع بالسوء إلا عليهم ولا يضر بغيرهم ، كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=26وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون .
[ ص: 237 ] والقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=47قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة الآية . كالقول في نظيريه المتقدمين .
وجيء في هذا وفي نظيره المتقدم بكاف الخطاب مع ضمير الخطاب دون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=46قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم الآية لأن هذا ونظيره أبلغ في التوبيخ لأنهما أظهر في الاستدلال على كون المشركين في مكنة قدرة الله ، فإن إتيان العذاب أمكن وقوعا من سلب الأبصار والأسماع والعقول لندرة حصول ذلك ، فكان التوبيخ على إهمال الحذر من إتيان عذاب الله ، أقوى من التوبيخ على الاطمئنان من أخذ أسماعهم وأبصارهم ، فاجتلب كاف الخطاب المقصود منه التنبيه دون أعيان المخاطبين .
والبغتة تقدمت آنفا .
والجهرة : الجهر ، ضد الخفية ، وضد السر . وقد تقدم عنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=55وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة في سورة البقرة .
وقد أوقع الجهرة هنا في مقابلة البغتة وكان الظاهر أن تقابل البغتة بالنظرة أو أن تقابل الجهرة بالخفية ، إلا أن البغتة لما كانت وقوع الشيء من غير شعور به كان حصولها خفيا فحسن مقابلته بالجهرة ، فالعذاب الذي يجيء بغتة هو الذي لا تسبقه علامة ولا إعلام به . والذي يجيء جهرة هو الذي تسبقه علامة مثل الكسف المحكي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=24فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ، أو يسبقه إعلام به كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=65فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام . فإطلاق الجهرة على سبق ما يشعر بحصول الشيء إطلاق مجازي . وليس المراد من البغتة الحاصل ليلا ومن الجهرة الحاصل نهارا .
والاستفهام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=47هل يهلك مستعمل في الإنكار فلذلك جاء بعده الاستثناء . والمعنى لا يهلك بذلك العذاب إلا الكافرون .
والمراد بالقوم الظالمين المخاطبون أنفسهم فأظهر في مقام الإضمار ليتأتى وصفهم أنهم ظالمون ، أي مشركون ، لأنهم ظالمون أنفسهم وظالمون الرسول والمؤمنين .
[ ص: 238 ] وهذا يتضمن وعدا من الله تعالى بأنه منجي المؤمنين ، ولذلك أذن رسوله بالهجرة من
مكة مع المؤمنين لئلا يحل عليهم العذاب تكرمة لهم كما أكرم
لوطا وأهله ، وكما أكرم
نوحا ومن آمن معه ، كما أشار إليه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ، ثم قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وما لهم ألا يعذبهم الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28977_30525_29494قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ .
اسْتِئْنَافٌ لِلتَّهْدِيدِ وَالتَّوَعُّدِ وَإِعْذَارٌ لَهُمْ بِأَنَّ إِعْرَاضَهُمْ لَا يَرْجِعُ بِالسُّوءِ إِلَّا عَلَيْهِمْ وَلَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِمْ ، كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=26وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ .
[ ص: 237 ] وَالْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=47قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً الْآيَةَ . كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرَيْهِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ .
وَجِيءَ فِي هَذَا وَفِي نَظِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِكَافِ الْخِطَابِ مَعَ ضَمِيرِ الْخِطَابِ دُونَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=46قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ الْآيَةَ لِأَنَّ هَذَا وَنَظِيرَهُ أَبْلَغُ فِي التَّوْبِيخِ لِأَنَّهُمَا أَظْهَرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَوْنِ الْمُشْرِكِينَ فِي مُكْنَةِ قُدْرَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ إِتْيَانَ الْعَذَابِ أَمْكَنُ وُقُوعًا مِنْ سَلْبِ الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْعُقُولِ لِنُدْرَةِ حُصُولِ ذَلِكَ ، فَكَانَ التَّوْبِيخُ عَلَى إِهْمَالِ الْحَذَرِ مِنْ إِتْيَانِ عَذَابِ اللَّهِ ، أَقْوَى مِنَ التَّوْبِيخِ عَلَى الِاطْمِئْنَانِ مِنْ أَخْذِ أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ، فَاجْتَلَبَ كَافَ الْخِطَابِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ التَّنْبِيهُ دُونَ أَعْيَانِ الْمُخَاطَبِينَ .
وَالْبَغْتَةُ تَقَدَّمَتْ آنِفًا .
وَالْجَهْرَةُ : الْجَهْرُ ، ضِدَّ الْخُفْيَةِ ، وَضِدَّ السِّرِّ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=55وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَقَدْ أَوْقَعَ الْجَهْرَةَ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ الْبَغْتَةِ وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ تُقَابَلَ الْبَغْتَةُ بِالنَّظْرَةِ أَوْ أَنْ تُقَابَلَ الْجَهْرَةُ بِالْخُفْيَةِ ، إِلَّا أَنَّ الْبَغْتَةَ لَمَّا كَانَتْ وُقُوعَ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ كَانَ حُصُولُهَا خَفِيًّا فَحَسُنَ مُقَابَلَتُهُ بِالْجَهْرَةِ ، فَالْعَذَابُ الَّذِي يَجِيءُ بَغْتَةً هُوَ الَّذِي لَا تَسْبِقُهُ عَلَامَةٌ وَلَا إِعْلَامٌ بِهِ . وَالَّذِي يَجِيءُ جَهْرَةً هُوَ الَّذِي تَسْبِقُهُ عَلَامَةٌ مِثْلَ الْكَسْفِ الْمَحْكِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=24فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ، أَوْ يَسْبِقُهُ إِعْلَامٌ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=65فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ . فَإِطْلَاقُ الْجَهْرَةِ عَلَى سَبْقِ مَا يَشْعُرُ بِحُصُولِ الشَّيْءِ إِطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْبَغْتَةِ الْحَاصِلُ لَيْلًا وَمِنَ الْجَهْرَةِ الْحَاصِلُ نَهَارًا .
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=47هَلْ يُهْلَكُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِنْكَارِ فَلِذَلِكَ جَاءَ بَعْدَهُ الِاسْتِثْنَاءُ . وَالْمَعْنَى لَا يُهْلَكُ بِذَلِكَ الْعَذَابِ إِلَّا الْكَافِرُونَ .
وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الْمُخَاطَبُونَ أَنْفُسُهُمْ فَأُظْهِرَ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِيَتَأَتَّى وَصْفُهُمْ أَنَّهُمْ ظَالِمُونَ ، أَيْ مُشْرِكُونَ ، لِأَنَّهُمْ ظَالِمُونَ أَنْفُسَهُمْ وَظَالِمُونَ الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ .
[ ص: 238 ] وَهَذَا يَتَضَمَّنُ وَعْدًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ، وَلِذَلِكَ أَذِنَ رَسُولُهُ بِالْهِجْرَةِ مِنْ
مَكَّةَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِئَلَّا يَحُلَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ تَكْرِمَةً لَهُمْ كَمَا أَكْرَمَ
لُوطًا وَأَهْلَهُ ، وَكَمَا أَكْرَمَ
نُوحًا وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ، ثُمَّ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=34وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ .