الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                المعذرون : من عذر في الأمر، إذا قصر فيه وتوانى ولم يجد، وحقيقته أنه يوهم أن له عذرا فيما يفعل; ولا عذر له، أو المعتذرون بإدغام التاء في الذال ونقل حركتها إلى العين، ويجوز في العربية كسر العين; لالتقاء الساكنين، وضمها لإتباع الميم، ولكن لم تثبت بهما قراءة، وهم الذين يعتذرون بالباطل، كقوله: يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم ، وقرئ: "المعذرون" بالتخفيف، وهو الذي يجتهد في العذر ويحتشد فيه. قيل: هم أسد، وغطفان. قالوا: إن لنا عيالا، وإن بنا جهدا فائذن لنا في التخلف. وقيل: هم رهط عامر بن الطفيل ، قالوا: إن غزونا معك أغارت أعراب طي على أهالينا ومواشينا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "سيغنيني الله عنكم" . وعن مجاهد : نفر من غفار، اعتذروا فلم يعذرهم الله تعالى، وعن قتادة : اعتذروا بالكذب، وقرئ: "المعذرون" بتشديد العين والذال، من تعذر بمعنى: اعتذر، وهذا غير صحيح; لأن التاء لا تدغم في العين إدغامها في الطاء والزاي والصاد، في المطوعين، وأزكى وأصدق . وقيل: أريد المعتذرون بالصحة، وبه [ ص: 81 ] فسر المعذرون والمعذرون، على قراءة ابن عباس -رضي الله عنه-: الذين لم يفرطوا في العذر، وقعد الذين كذبوا الله ورسوله : هم منافقو الأعراب الذين لم يجيؤوا ولم يعتذروا، وظهر بذلك أنهم كذبوا الله ورسوله في ادعائهم الإيمان. وقرأ أبي: "كذبوا" بالتشديد، سيصيب الذين كفروا منهم : من الأعراب، عذاب أليم : في الدنيا بالقتل، وفي الآخرة بالنار .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية