nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28977_31848وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين .
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة . فالمعنى وإذ نري
إبراهيم ملكوت السماوات والأرض إرادة لا إرادة أوضح منها في جنسها والإشارة بقوله وكذلك إلى الإراء المأخوذ من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75نري إبراهيم أي مثل ذلك الإراء العجيب نري
إبراهيم ملكوت السماوات والأرض . وهذا على طريقة قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا . وقد تقدم بيانه في سورة البقرة ، فاسم الإشارة في مثل هذا الاستعمال يلازم الإفراد والتذكير لأنه جرى مجرى المثل .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض إشارة إلى حجة مستنبطة من
nindex.php?page=treesubj&link=28659دلالة أحوال الموجودات على وجود صانعها .
والرؤية هنا مستعملة للانكشاف والمعرفة ، فالإراءة بمعنى الكشف والتعريف ، فتشمل المبصرات والمعقولات المستدل بجميعها على الحق وهي إراءة إلهام وتوفيق ، كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ،
فإبراهيم عليه السلام ابتدئ في أول أمره بالإلهام إلى الحق كما ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة . ويجوز أن يكون المراد بالإراءة العلم بطريق الوحي . وقد حصلت هذه الإراءة في الماضي فحكاها القرآن بصيغة المضارع لاستحضار تلك الإراءة العجيبة كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9الله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا .
والملكوت اتفق أئمة اللغة على أنه مصدر كالرغبوت والرحموت والرهبوت والجبروت . وقالوا : إن الواو والتاء فيه للمبالغة . وظاهره أن معناه الملك بكسر الميم لأن مصدر ملك الملك بكسر الميم ولما كان فيه زيادة تفيد المبالغة كان معناه الملك القوي الشديد . ولذلك فسره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بالربوبية والإلهية .
[ ص: 316 ] وفي اللسان : ملك الله وملكوته سلطانه ولفلان ملكوت
العراق ، أي سلطانه وملكه . وهذا يقتضي أنه مرادف للملك بضم الميم وفي طبعة اللسان في بولاق رقمت على ميم ملكه ضمة .
وفي الإتقان عن
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : أن الملكوت كلمة نبطية . فيظهر أن صيغة فعلوت في جميع الموارد التي وردت فيها أنها من الصيغ الدخيلة في اللغة العربية ، وأنها في النبطية دالة على المبالغة ، فنقلها العرب إلى لغتهم لما فيها من خصوصية القوة . ويستخلص من هذا أن الملكوت يطلق مصدرا للمبالغة في الملك ، وأن الملك ( بالضم ) لما كان ملكا ( بالكسر ) عظيما يطلق عليه أيضا الملكوت .
فأما في هذه الآية فهو مجاز على كلا الإطلاقين لأنه من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول ، وهو المملوك ، كالخلق على المخلوق ، إما من الملك بكسر الميم أو من الملك بضمها .
وإضافة ملكوت السماوات والأرض على معنى ( في ) . والمعنى ما يشمله الملك أو الملك ، والمراد ملك الله . والمعنى نكشف
لإبراهيم دلائل مخلوقاتنا أو عظمة سلطاننا كشفا يطلعه على حقائقها ومعرفة أن لا خالق ولا متصرف فيما كشفنا له سوانا .
وعطف قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وليكون من الموقنين على قوله وكذلك لأن وكذلك أفاد كون المشبه به تعليما فائقا . ففهم منه أن المشبه به علة لأمر مهم هو من جنس المشبه به . فالتقدير : وكذلك نري
إبراهيم ملكوت السماوات والأرض إراء تبصير وفهم ليعلم علما على وفق لذلك التفهيم ، وهو العلم الكامل وليكون من الموقنين . وقد تقدم بيان هذا عند تفسير قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين في هذه السورة .
والموقن هو العالم علما لا يقبل الشك ، وهو الإيقان . والمراد الإيقان في معرفة الله تعالى وصفاته . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وليكون من الموقنين أبلغ من أن يقال : وليكون موقنا كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين في هذه السورة .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28977_31848وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ .
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً . فَالْمَعْنَى وَإِذْ نُرِي
إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِرَادَةً لَا إِرَادَةَ أَوْضَحَ مِنْهَا فِي جِنْسِهَا وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ إِلَى الْإِرَاءِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75نُرِي إِبْرَاهِيمَ أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الْإِرَاءِ الْعَجِيبِ نُرِي
إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا . وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، فَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ يُلَازِمُ الْإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْمَثَلِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِشَارَةٌ إِلَى حُجَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28659دَلَالَةِ أَحْوَالِ الْمَوْجُودَاتِ عَلَى وُجُودِ صَانِعِهَا .
وَالرُّؤْيَةُ هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ لِلِانْكِشَافِ وَالْمَعْرِفَةِ ، فَالْإِرَاءَةُ بِمَعْنَى الْكَشْفِ وَالتَّعْرِيفِ ، فَتَشْمَلُ الْمُبْصَرَاتِ وَالْمَعْقُولَاتِ الْمُسْتَدَلَّ بِجَمِيعِهَا عَلَى الْحَقِّ وَهِيَ إِرَاءَةُ إِلْهَامٍ وَتَوْفِيقٍ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ،
فَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْتُدِئَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ بِالْإِلْهَامِ إِلَى الْحَقِّ كَمَا ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِرَاءَةِ الْعِلْمُ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ . وَقَدْ حَصَلَتْ هَذِهِ الْإِرَاءَةُ فِي الْمَاضِي فَحَكَاهَا الْقُرْآنُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ تِلْكَ الْإِرَاءَةِ الْعَجِيبَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا .
وَالْمَلَكُوتُ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ كَالرَّغَبُوتِ وَالرَّحَمُوتِ وَالرَّهَبُوتِ وَالْجَبَرُوتِ . وَقَالُوا : إِنَّ الْوَاوَ وَالتَّاءَ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ . وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْمِلْكُ بِكَسْرِ الْمِيمِ لِأَنَّ مَصْدَرَ مَلَكَ الْمِلْكُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلَمَّا كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ تُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ كَانَ مَعْنَاهُ الْمِلْكَ الْقَوِيَّ الشَّدِيدَ . وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ .
[ ص: 316 ] وَفِي اللِّسَانِ : مُلْكُ اللَّهِ وَمَلَكُوتُهُ سُلْطَانُهُ وَلِفُلَانٍ مَلَكُوتُ
الْعِرَاقِ ، أَيْ سُلْطَانُهُ وَمِلْكُهُ . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُرَادِفٌ لِلْمُلْكِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفِي طَبْعَةِ اللِّسَانِ فِي بُولَاقَ رُقِّمَتْ عَلَى مِيمِ مُلْكِهِ ضَمَّةٌ .
وَفِي الْإِتْقَانِ عَنْ
عِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْمَلَكُوتَ كَلِمَةٌ نَبَطِيَّةٌ . فَيَظْهَرُ أَنَّ صِيغَةَ فَعَلَوْتٍ فِي جَمِيعِ الْمَوَارِدِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا أَنَّهَا مِنَ الصِّيَغِ الدَّخِيلَةِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَأَنَّهَا فِي النَّبَطِيَّةِ دَالَّةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ ، فَنَقَلَهَا الْعَرَبُ إِلَى لُغَتِهِمْ لِمَا فِيهَا مِنْ خُصُوصِيَّةِ الْقُوَّةِ . وَيُسْتَخْلَصُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَلَكُوتَ يُطْلَقُ مَصْدَرًا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمُلْكِ ، وَأَنَّ الْمُلْكَ ( بِالضَّمِّ ) لَمَّا كَانَ مِلْكًا ( بِالْكَسْرِ ) عَظِيمًا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَيْضًا الْمَلَكُوتُ .
فَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَهُوَ مُجَازٌ عَلَى كِلَا الْإِطْلَاقَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ ، كَالْخَلْقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ ، إِمَّا مِنَ الْمِلْكِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ مِنَ الْمُلْكِ بِضَمِّهَا .
وَإِضَافَةُ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى مَعْنَى ( فِي ) . وَالْمَعْنَى مَا يَشْمَلُهُ الْمُلْكُ أَوِ الْمِلْكُ ، وَالْمُرَادُ مُلْكُ اللَّهِ . وَالْمَعْنَى نَكْشِفُ
لِإِبْرَاهِيمَ دَلَائِلَ مَخْلُوقَاتِنَا أَوْ عَظَمَةَ سُلْطَانِنَا كَشْفًا يُطْلِعُهُ عَلَى حَقَائِقِهَا وَمَعْرِفَةِ أَنْ لَا خَالِقَ وَلَا مُتَصَرِّفَ فِيمَا كَشَفْنَا لَهُ سِوَانَا .
وَعَطْفُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ لِأَنَّ وَكَذَلِكَ أَفَادَ كَوْنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ تَعْلِيمًا فَائِقًا . فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ عِلَّةٌ لِأَمْرٍ مُهِمٍّ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ . فَالتَّقْدِيرُ : وَكَذَلِكَ نُرِي
إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِرَاءَ تَبْصِيرٍ وَفَهْمٍ لِيَعْلَمَ عِلْمًا عَلَى وَفْقٍ لِذَلِكَ التَّفْهِيمِ ، وَهُوَ الْعِلْمُ الْكَامِلُ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَالْمُوقِنُ هُوَ الْعَالِمُ عِلْمًا لَا يَقْبَلُ الشَّكَّ ، وَهُوَ الْإِيقَانُ . وَالْمُرَادُ الْإِيقَانُ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يُقَالَ : وَلِيَكُونَ مُوقِنًا كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .