nindex.php?page=treesubj&link=19881_28639_28644_30454_31848_31851_34189_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا
أمر الله تعالى نبيه أن يبين أنه يسلك الخط المستقيم الذي هو الدين القيم، وأنه ملة إبراهيم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161قل يا
محمد أيها النبي الأمي العربي
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم
كان ذلك الأمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليخاطب به
العرب مخبرا عن نفسه الكريمة، وعمن اتبعه من المؤمنين: هداني ربي الذي خلقني، وربني وقام على كل ما أقوم عليه، فهو القوام على كل نفس، والقائم على كل شيء، فوصف الربوبية في هذا المقام للدلالة على أن الهداية منسوبة إلى الخالق المكون، فهي هداية حق لا ضلال فيها، ولا أوهام ولا أهواء عند الله سبحانه وتعالى، وقد أكد أن الهداية من رب الوجود بـ: (إن)، والهداية كانت إلى دين اتصف بأمور ثلاثة.
أولها: أنه صراط مستقيم، أي: طريق مستقيم موصل إلى الحق الذي لا ريب فيه من غير التواء ولا اعوجاج، فليس فيه تعقيد بل إنه الفطرة المستقيمة، فطرة الله التي فطر الناس عليها.
[ ص: 2761 ] الوصف الثاني: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161دينا قيما أي: حال كونه دينا صحيحا، قيما و: (قيم) مصدر قوم، وزن فعل، كعوج. وهو نقيضه، وقرئ: (قيما) أي: هو في ذاته قيم بلغ أعلى المنزلة في الأديان، والقراءتان متلاقيتان في المعنى، وفي القراءة الأولى كان المصدر وصفا، وذلك في معنى المبالغة في أنه قيم وقويم، كقولك: فلان عدل.
الوصف الثالث: وهو شرف إضافي، فالوصفان الأولان ذاتيان; لأنهما وصفان حقيقيان لأنهما مشتقان من ذات الدين، وذلك الوصف هو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161ملة إبراهيم حنيفا وذكر هذا الوصف ليبين
للعرب الذين كانوا يتفاخرون بنسبهم إلى
إبراهيم، وبأنه أبو العرب، ويدعون أنهم على ملة
إبراهيم مع عبادتهم الأوثان، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يبين لهم بأنه هو الذي على ملة
إبراهيم، وليسوا هم على ملته في شيء.
وهنا وصف ذاتي لهذا الدين جاء في ثنايا ذلك القول. وهو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161حنيفا أي: غير منحرف إلى باطل بل هو مائل إلى الحق متجه إليه، فهو مستقيم متجه إلى الحق فحنيفا صفة للدين.
ثم بين سبحانه ردا على وثنية المشركين فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161وما كان من المشركين أي: ليس لكم أن تفاخروا باتباعكم
إبراهيم، فما كان
إبراهيم من المشركين، ما كان
إبراهيم أبوكم وأبو الأنبياء ممن دخل في صفوف المشركين، بل أوابا مؤمنا. وهذا كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم [ ص: 2762 ] ولقد كانت ملة
إبراهيم عليه السلام سمحة لا ضيق فيها، ودين
محمد عليه الصلاة والسلام دين سمح لا حرج فيه. ولقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28639_28644_30454_31848_31851_34189_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ يَسْلُكُ الْخَطَّ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِي هُوَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَأَنَّهُ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161قُلْ يَا
مُحَمَّدُ أَيُّهَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الْعَرَبِيُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُخَاطِبَ بِهِ
الْعَرَبَ مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ، وَعَمَّنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: هَدَانِي رَبِّي الَّذِي خَلَقَنِي، وَرَبَّنِي وَقَامَ عَلَى كُلِّ مَا أَقُومُ عَلَيْهِ، فَهُوَ الْقَوَّامُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ، وَالْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَوَصْفُ الرُّبُوبِيَّةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْهِدَايَةَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْخَالِقِ الْمُكَوِّنِ، فَهِيَ هِدَايَةُ حَقٍّ لَا ضَلَالَ فِيهَا، وَلَا أَوْهَامَ وَلَا أَهْوَاءَ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَدْ أَكَّدَ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنْ رَبِّ الْوُجُودِ بِـ: (إِنَّ)، وَالْهِدَايَةُ كَانَتْ إِلَى دِينٍ اتَّصَفَ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ.
أَوَّلُهَا: أَنَّهُ صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ، أَيْ: طَرِيقٌ مُسْتَقِيمٌ مُوصِلٌ إِلَى الْحَقِّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْتِوَاءٍ وَلَا اعْوِجَاجٍ، فَلَيْسَ فِيهِ تَعْقِيدٌ بَلْ إِنَّهُ الْفِطْرَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ، فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
[ ص: 2761 ] الْوَصْفُ الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161دِينًا قِيَمًا أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ دِينًا صَحِيحًا، قَيِّمًا وَ: (قِيَمٌ) مَصْدَرُ قَوِمَ، وَزْنُ فِعَلٍ، كَعِوَجٍ. وَهُوَ نَقِيضُهُ، وَقُرِئَ: (قَيِّمًا) أَيْ: هُوَ فِي ذَاتِهِ قَيِّمٌ بَلَغَ أَعْلَى الْمَنْزِلَةِ فِي الْأَدْيَانِ، وَالْقِرَاءَتَانِ مُتَلَاقِيَتَانِ فِي الْمَعْنَى، وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُولَى كَانَ الْمَصْدَرُ وَصْفًا، وَذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُ قَيِّمٌ وَقَوِيمٌ، كَقَوْلِكَ: فُلَانٌ عَدْلٌ.
الْوَصْفُ الثَّالِثُ: وَهُوَ شَرَفٌ إِضَافِيٌّ، فَالْوَصْفَانِ الْأَوَّلَانِ ذَاتِيَّانِ; لِأَنَّهُمَا وَصْفَانِ حَقِيقِيَّانِ لِأَنَّهُمَا مُشْتَقَّانِ مِنْ ذَاتِ الدِّينِ، وَذَلِكَ الْوَصْفُ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَذَكَرَ هَذَا الْوَصْفَ لِيُبَيِّنَ
لِلْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا يَتَفَاخَرُونَ بِنَسَبِهِمْ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ، وَبِأَنَّهُ أَبُو الْعَرَبِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عَلَى مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ مَعَ عِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ، فَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَيِّنُ لَهُمْ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ، وَلَيْسُوا هُمْ عَلَى مِلَّتِهِ فِي شَيْءٍ.
وَهُنَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لِهَذَا الدِّينِ جَاءَ فِي ثَنَايَا ذَلِكَ الْقَوْلِ. وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161حَنِيفًا أَيْ: غَيْرَ مُنْحَرِفٍ إِلَى بَاطِلٍ بَلْ هُوَ مَائِلٌ إِلَى الْحَقِّ مُتَّجِهٌ إِلَيْهِ، فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ مُتَّجِهٌ إِلَى الْحَقِّ فَحَنِيفًا صِفَةٌ لِلدِّينِ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ رَدًّا عَلَى وَثَنِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=161وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَيْ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُفَاخِرُوا بِاتِّبَاعِكُمْ
إِبْرَاهِيمَ، فَمَا كَانَ
إِبْرَاهِيمُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مَا كَانَ
إِبْرَاهِيمُ أَبُوكُمْ وَأَبُو الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ دَخَلَ فِي صُفُوفِ الْمُشْرِكِينَ، بَلْ أَوَّابًا مُؤْمِنًا. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [ ص: 2762 ] وَلَقَدْ كَانَتْ مِلَّةُ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمْحَةً لَا ضِيقَ فِيهَا، وَدِينُ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دِينٌ سَمْحٌ لَا حَرَجَ فِيهِ. وَلَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ