nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133nindex.php?page=treesubj&link=28977_29693_29711وربك الغني ذو الرحمة [ ص: 85 ] عطفت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133وربك الغني على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=132وما ربك بغافل عما يعملون إخبارا عن علمه ورحمته على الخبر عن عمله ، وفي كلتا الجملتين وعيد ووعد ، وفي الجملة الثانية كناية عن غناه تعالى عن إيمان المشركين وموالاتهم كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إن تكفروا فإن الله غني عنكم وكناية عن رحمته ؛ إذ أمهل المشركين ولم يعجل لهم العذاب ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب في سورة الكهف .
وقوله : ( وربك ) إظهار في مقام الإضمار ، ومقتضى الظاهر أن يقال : وهو الغني ذو الرحمة ، فخولف مقتضى الظاهر لما في اسم الرب من دلالة على العناية بصلاح المربوب ، ولتكون الجملة مستقلة بنفسها فتسير مسرى الأمثال والحكم ، وللتنويه بشأن النبيء صلى الله عليه وسلم .
والغني : هو الذي لا يحتاج إلى غيره ، والغني الحقيقي هو الله تعالى لأنه لا يحتاج إلى غيره بحال ، وقد قال علماء الكلام : إن
nindex.php?page=treesubj&link=29711_28723_28721صفة الغني الثابتة لله تعالى يشمل معناها وجوب الوجود ؛ لأن افتقار الممكن إلى الموجد المختار الذي يرجح طرف وجوده على طرف عدمه هو أشد الافتقار ، وأحسب أن معنى الغني صفة الوجود في متعارف اللغة ، إلا أن يكون ذلك اصطلاحا للمتكلمين خاصا بمعنى الغني المطلق ، ومما يدل على ما قلته أن من أسمائه تعالى المغني ، ولم يعتبر في معناه أنه موجد الموجودات ، وتقدم الكلام على معنى الغني عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135إن يكن غنيا أو فقيرا في سورة النساء .
وتعريف المسند باللام مقتض تخصيصه بالمسند إليه ؛ أي : قصر الغنى على الله ، وهو قصر ادعائي باعتبار أن غنى غير الله تعالى لما كان غنى ناقصا نزل منزلة العدم ؛ أي : ربك الغني لا غيره ، وغناه تعالى حقيقي ، وذكر وصف الغني هنا تمهيد للحكم الوارد عقبه ، وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133إن يشأ يذهبكم فهو من تقديم الدليل بين يدي الدعوى ، تذكيرا بتقريب حصول الجزم بالدعوى .
[ ص: 86 ] و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133ذو الرحمة خبر ثان .
وعدل عن أن يوصف بوصف الرحيم إلى وصفه بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133ذو الرحمة لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28721_28723الغني وصف ذاتي لله لا ينتفع الخلائق إلا بلوازم ذلك الوصف ، وهي جوده عليهم ؛ لأنه لا ينقص شيئا من غناه ، بخلاف صفة الرحمة فإن تعلقها ينفع الخلائق ، فأوثرت بكلمة ( ذو ) لأن ( ذو ) كلمة يتوصل بها إلى الوصف بالأجناس ، ومعناها : صاحب ، وهي تشعر بقوة أو وفرة ما تضاف إليه ، فلا يقال ذو إنصاف إلا لمن كان قوي الإنصاف ، ولا يقال ذو مال لمن عنده مال قليل ، والمقصود من الوصف بذي الرحمة هنا تمهيد لمعنى الإمهال الذي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133إن يشأ يذهبكم أي : فلا يقولن أحد لماذا لم يذهب هؤلاء المكذبين ؛ أي : أنه لرحمته أمهلهم إعذارا لهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133nindex.php?page=treesubj&link=28977_29693_29711وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ [ ص: 85 ] عُطِفَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=132وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ إِخْبَارًا عَنْ عِلْمِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ عَمَلِهِ ، وَفِي كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ وَعِيدٌ وَوَعْدٌ ، وَفِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ كِنَايَةٌ عَنْ غِنَاهُ تَعَالَى عَنْ إِيمَانِ الْمُشْرِكِينَ وَمُوَالَاتِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَكِنَايَةٌ عَنْ رَحْمَتِهِ ؛ إِذْ أَمْهَلَ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يُعَجِّلْ لَهُمُ الْعَذَابَ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ .
وَقَوْلُهُ : ( وَرَبُّكَ ) إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ ، وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ : وَهُوَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ، فَخُولِفَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ لِمَا فِي اسْمِ الرَّبِّ مِنْ دَلَالَةٍ عَلَى الْعِنَايَةِ بِصَلَاحِ الْمَرْبُوبِ ، وَلِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا فَتَسِيرُ مَسْرَى الْأَمْثَالِ وَالْحِكَمِ ، وَلِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالْغَنِيُّ : هُوَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَالْغَنِيُّ الْحَقِيقِيُّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ بِحَالٍ ، وَقَدْ قَالَ عُلَمَاءُ الْكَلَامِ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29711_28723_28721صِفَةَ الْغَنِيِّ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ تَعَالَى يَشْمَلُ مَعْنَاهَا وُجُوبَ الْوُجُودِ ؛ لِأَنَّ افْتِقَارَ الْمُمْكِنِ إِلَى الْمُوجِدِ الْمُخْتَارِ الَّذِي يُرَجِّحُ طَرَفَ وُجُودِهِ عَلَى طَرَفِ عَدَمِهِ هُوَ أَشَدُّ الِافْتِقَارِ ، وَأَحْسِبُ أَنَّ مَعْنَى الْغَنِيِّ صِفَةُ الْوُجُودِ فِي مُتَعَارَفِ اللُّغَةِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اصْطِلَاحًا لِلْمُتَكَلِّمِينَ خَاصًّا بِمَعْنَى الْغَنِيِّ الْمُطْلَقِ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْتُهُ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمُغْنِي ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُوجِدُ الْمَوْجُودَاتِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الْغَنِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
وَتَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ بِاللَّامِ مُقْتَضٍ تَخْصِيصَهُ بِالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ ؛ أَيْ : قَصْرُ الْغِنَى عَلَى اللَّهِ ، وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ غِنَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَمَّا كَانَ غِنًى نَاقِصًا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ ؛ أَيْ : رَبُّكَ الْغَنِيُّ لَا غَيْرُهُ ، وَغِنَاهُ تَعَالَى حَقِيقِيٌّ ، وَذِكْرُ وَصْفِ الْغَنِيِّ هُنَا تَمْهِيدٌ لِلْحُكْمِ الْوَارِدِ عَقِبَهُ ، وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ فَهُوَ مِنْ تَقْدِيمِ الدَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الدَّعْوَى ، تَذْكِيرًا بِتَقْرِيبِ حُصُولِ الْجَزْمِ بِالدَّعْوَى .
[ ص: 86 ] وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133ذُو الرَّحْمَةِ خَبَرٌ ثَانٍ .
وَعَدَلَ عَنْ أَنْ يُوصَفَ بِوَصْفِ الرَّحِيمِ إِلَى وَصْفِهِ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133ذُو الرَّحْمَةِ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28721_28723الْغَنِيَّ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لِلَّهِ لَا يَنْتَفِعُ الْخَلَائِقُ إِلَّا بِلَوَازِمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ ، وَهِيَ جُودُهُ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ شَيْئًا مِنْ غِنَاهُ ، بِخِلَافِ صِفَةِ الرَّحْمَةِ فَإِنَّ تَعَلُّقَهَا يَنْفَعُ الْخَلَائِقَ ، فَأُوثِرَتْ بِكَلِمَةِ ( ذُو ) لِأَنَّ ( ذُو ) كَلِمَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الْوَصْفِ بِالْأَجْنَاسِ ، وَمَعْنَاهَا : صَاحِبُ ، وَهِيَ تُشْعِرُ بِقُوَّةِ أَوْ وَفْرَةِ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ ، فَلَا يُقَالُ ذُو إِنْصَافٍ إِلَّا لِمَنْ كَانَ قَوِيَّ الْإِنْصَافِ ، وَلَا يُقَالُ ذُو مَالٍ لِمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ قَلِيلٌ ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْوَصْفِ بِذِي الرَّحْمَةِ هُنَا تَمْهِيدٌ لِمَعْنَى الْإِمْهَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=133إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيْ : فَلَا يَقُولُنَّ أَحَدٌ لِمَاذَا لَمْ يُذْهِبْ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ ؛ أَيْ : أَنَّهُ لِرَحْمَتِهِ أَمْهَلَهُمْ إِعْذَارًا لَهُمْ .