nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152nindex.php?page=treesubj&link=28977_27786_19486وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى هذا جامع كل المعاملات بين الناس بواسطة الكلام وهي الشهادة ، والقضاء ، والتعديل ، والتجريح ، والمشاورة ، والصلح بين الناس ، والأخبار المخبرة عن صفات الأشياء في المعاملات : من صفات المبيعات ، والمؤاجرات ، والعيوب ، وفي الوعود ، والوصايا ، والأيمان ، وكذلك المدائح والشتائم كالقذف ، فكل ذلك داخل فيما يصدر عن القول .
والعدل في ذلك أن لا يكون في القول شيء من الاعتداء على الحقوق :
[ ص: 167 ] بإبطالها ، أو إخفائها ، مثل كتمان عيوب المبيع ، وادعاء العيوب في الأشياء السليمة ، والكذب في الأثمان ، كأن يقول التاجر : أعطيت في هذه السلعة كذا ، لثمن لم يعطه ، أو أن هذه السلعة قامت علي بكذا .
ومنه التزام الصدق في التعديل والتجريح
nindex.php?page=treesubj&link=18300وإبداء النصيحة في المشاورة ، وقول الحق في الصلح . وأما الشهادة والقضاء فأمر العدل فيهما ظاهر ،
nindex.php?page=treesubj&link=18085_18577وإذا وعد القائل لا يخلف ، وإذا أوصى لا يظلم أصحاب حقوق الميراث ، ولا يحلف على الباطل ، وإذا مدح أحدا مدحه بما فيه . وأما الشتم فالإمساك عنه واجب ولو كان حقا فذلك الإمساك هو العدل لأن الله أمر به .
وفي التعليق بأداة الشرط في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152وإذا قلتم إشارة أن المرء في سعة من السكوت إن خشي قول العدل . وأما أن يقول الجور والظلم والباطل فليس له سبيل إلى ذلك ، والكذب كله من القول بغير العدل ، على أن من السكوت ما هو واجب .
وفي الموطأ أن رجلا خطب إلى رجل أخته فذكر الأخ أنها قد كانت أحدثت فبلغ ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فضربه أو كاد يضربه ثم قال : ما لك وللخبر .
والواو في قوله : " ولو كان " واو الحال ، ولو وصلية تفيد المبالغة في الحال التي من شأنها أن يظن السامع عدم شمول الحكم إياها لاختصاصها من بين بقية الأحوال التي يشملها الحكم ، وقد تقدم بيانها عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به في سورة آل عمران ، فإن حالة قرابة المقول لأجله القول قد تحمل القائل على أن يقول غير العدل ، لنفع قريبه أو مصانعته ، فنبهوا على وجوب التزام العدل في القول في تلك الحالة ، فالضمير المستتر في كان عائد إلى شيء معلوم من الكلام : أي لو كان الذي تعلق به القول ذا قربى .
[ ص: 168 ] والقربى : القرابة ويعلم أنه ذو قرابة من القائل ، أي إذا قلتم قولا لأجله أو عليه فاعدلوا ولا تقولوا غير الحق ، ولا لدفع ضره بأن تغمصوا الحق الذي عليه ، ولا لنفعه بأن تختلقوا له حقا على غيره أو تبرئوه مما صدر منه على غيره ، وقد قال الله تعالى في العدل في الشهادة في القضاء :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين .
وقد جاء طلب الحق في القول بصيغة الأمر بالعدل ، دون النهي عن الظلم أو الباطل : لأنه قيده بأداة الشرط المقتضي لصدور القول : فالقول إذا صدر لا يخلو عن أن يكون حقا أو باطلا ، والأمر بأن يكون حقا أوفى بمقصد الشارع لوجهين : أحدهما أن الله يحب إظهار الحق بالقول ففي الأمر بأن يكون عدلا أمر بإظهاره ونهي عن السكوت بدون موجب . والثاني أن النهي عن قول الباطل أو الزور يصدق بالكلام الموجه الذي ظاهره ليس بحق ، وذلك مذموم إلا عند الخوف أو الملاينة ، أو فيما لا يرجع إلى إظهار حق ، وتلك هي المعاريض التي ورد فيها الحديث : إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152nindex.php?page=treesubj&link=28977_27786_19486وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى هَذَا جَامِعٌ كُلَّ الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ بِوَاسِطَةِ الْكَلَامِ وَهِيَ الشَّهَادَةُ ، وَالْقَضَاءُ ، وَالتَّعْدِيلُ ، وَالتَّجْرِيحُ ، وَالْمُشَاوَرَةُ ، وَالصُّلْحُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَالْأَخْبَارُ الْمُخْبِرَةُ عَنْ صِفَاتِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمُعَامَلَاتِ : مِنْ صِفَاتِ الْمَبِيعَاتِ ، وَالْمُؤَاجَرَاتِ ، وَالْعُيُوبِ ، وَفِي الْوُعُودِ ، وَالْوَصَايَا ، وَالْأَيْمَانِ ، وَكَذَلِكَ الْمَدَائِحُ وَالشَّتَائِمُ كَالْقَذْفِ ، فَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِيمَا يَصْدُرُ عَنِ الْقَوْلِ .
وَالْعَدْلُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْقَوْلِ شَيْءٌ مِنَ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحُقُوقِ :
[ ص: 167 ] بِإِبْطَالِهَا ، أَوْ إِخْفَائِهَا ، مِثْلَ كِتْمَانِ عُيُوبِ الْمَبِيعِ ، وَادِّعَاءِ الْعُيُوبِ فِي الْأَشْيَاءِ السَّلِيمَةِ ، وَالْكَذِبِ فِي الْأَثْمَانِ ، كَأَنْ يَقُولَ التَّاجِرُ : أُعْطِيتُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا ، لِثَمَنٍ لَمْ يُعْطَهُ ، أَوْ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا .
وَمِنْهُ الْتِزَامُ الصِّدْقِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ
nindex.php?page=treesubj&link=18300وَإِبْدَاءِ النَّصِيحَةِ فِي الْمُشَاوَرَةِ ، وَقَوْلُ الْحَقِّ فِي الصُّلْحِ . وَأَمَّا الشَّهَادَةُ وَالْقَضَاءُ فَأَمْرُ الْعَدْلِ فِيهِمَا ظَاهِرٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=18085_18577وَإِذَا وَعَدَ الْقَائِلُ لَا يُخْلِفُ ، وَإِذَا أَوْصَى لَا يَظْلِمُ أَصْحَابَ حُقُوقِ الْمِيرَاثِ ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَاطِلِ ، وَإِذَا مَدَحَ أَحَدًا مَدَحَهُ بِمَا فِيهِ . وَأَمَّا الشَّتْمُ فَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ وَاجِبٌ وَلَوْ كَانَ حَقًّا فَذَلِكَ الْإِمْسَاكُ هُوَ الْعَدْلُ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ .
وَفِي التَّعْلِيقِ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152وَإِذَا قُلْتُمْ إِشَارَةٌ أَنَّ الْمَرْءَ فِي سَعَةٍ مِنَ السُّكُوتِ إِنْ خَشِيَ قَوْلَ الْعَدْلِ . وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ الْجَوْرَ وَالظُّلْمَ وَالْبَاطِلَ فَلَيْسَ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى ذَلِكَ ، وَالْكَذِبُ كُلُّهُ مِنَ الْقَوْلِ بِغَيْرِ الْعَدْلِ ، عَلَى أَنَّ مِنَ السُّكُوتِ مَا هُوَ وَاجِبٌ .
وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ إِلَى رِجْلٍ أُخْتَهُ فَذَكَرَ الْأَخُ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَحْدَثَتْ فَبَلَغَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَضَرَبَهُ أَوْ كَادَ يَضْرِبُهُ ثُمَّ قَالَ : مَا لَكَ وَلِلْخَبَرِ .
وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ : " وَلَوْ كَانَ " وَاوُ الْحَالِ ، وَلَوْ وَصْلِيَّةٌ تُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَالِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَظُنَّ السَّامِعُ عَدَمَ شُمُولِ الْحُكْمِ إِيَّاهَا لِاخْتِصَاصِهَا مِنْ بَيْنِ بَقِيَّةِ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَشْمَلُهَا الْحُكْمُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، فَإِنَّ حَالَةَ قَرَابَةِ الْمَقُولِ لِأَجْلِهِ الْقَوْلُ قَدْ تَحْمِلُ الْقَائِلَ عَلَى أَنْ يَقُولَ غَيْرَ الْعَدْلِ ، لِنَفْعِ قَرِيبِهِ أَوْ مُصَانَعَتِهِ ، فَنُبِّهُوا عَلَى وُجُوبِ الْتِزَامِ الْعَدْلِ فِي الْقَوْلِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ، فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي كَانَ عَائِدٌ إِلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنَ الْكَلَامِ : أَيْ لَوْ كَانَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْقَوْلُ ذَا قُرْبَى .
[ ص: 168 ] وَالْقُرْبَى : الْقَرَابَةُ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ ذُو قَرَابَةٍ مِنَ الْقَائِلِ ، أَيْ إِذَا قُلْتُمْ قَوْلًا لِأَجْلِهِ أَوْ عَلَيْهِ فَاعْدِلُوا وَلَا تَقُولُوا غَيْرَ الْحَقِّ ، وَلَا لِدَفْعِ ضُرِّهِ بِأَنْ تُغْمِصُوا الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ ، وَلَا لِنَفْعِهِ بِأَنْ تَخْتَلِقُوا لَهُ حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ تُبَرِّئُوهُ مِمَّا صَدَرَ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَدْلِ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْقَضَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ .
وَقَدْ جَاءَ طَلَبُ الْحَقِّ فِي الْقَوْلِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِالْعَدْلِ ، دُونَ النَّهْيِ عَنِ الظُّلْمِ أَوِ الْبَاطِلِ : لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ الْمُقْتَضِي لِصُدُورِ الْقَوْلِ : فَالْقَوْلُ إِذَا صَدَرَ لَا يَخْلُو عَنْ أَنْ يَكُونَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا ، وَالْأَمْرُ بِأَنْ يَكُونَ حَقًّا أَوْفَى بِمَقْصِدِ الشَّارِعِ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِظْهَارَ الْحَقِّ بِالْقَوْلِ فَفِي الْأَمْرِ بِأَنْ يَكُونَ عَدْلًا أَمْرٌ بِإِظْهَارِهِ وَنَهِيٌّ عَنِ السُّكُوتِ بِدُونِ مُوجِبٍ . وَالثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْ قَوْلِ الْبَاطِلِ أَوِ الزُّورِ يَصْدُقُ بِالْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ الَّذِي ظَاهِرُهُ لَيْسَ بِحَقٍّ ، وَذَلِكَ مَذْمُومٌ إِلَّا عِنْدَ الْخَوْفِ أَوِ الْمُلَايَنَةِ ، أَوْ فِيمَا لَا يَرْجِعُ إِلَى إِظْهَارِ حَقٍّ ، وَتِلْكَ هِيَ الْمَعَارِيضُ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ : إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ .