الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
النسخ إلى بدل وإلى غير بدل

والنسخ يكون إلى بدل وإلى غير بدل - والنسخ إلى بدل : إما إلى بدل أخف ، وإما إلى بدل مماثل ، وإما إلى بدل أثقل :

1- فالنسخ إلى غير بدل : كنسخ الصدقة بين يدي نجوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ، نسخت بقوله : أأشفقتم أن تقدموا بين يدي [ ص: 233 ] نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة .

وأنكر بعض المعتزلة والظاهرية ذلك ، وقالوا : إن النسخ بغير بدل لا يجوز شرعا ، لأن الله تعالى يقول : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ، حيث أفادت الآية أنه لا بد أن يؤتى مكان الحكم المنسوخ بحكم آخر خير منه مثله .

ويجاب عن ذلك : بأن الله تعالى إذا نسخ حكم الآية بغير بدل فإن هذا يكون بمقتضى حكمته ، رعاية لمصلحة عباده ، فيكون عدم الحكم خيرا من ذلك الحكم المنسوخ في نفعه للناس ، ويصح حينئذ أن يقال : إن الله نسخ حكم الآية السابقة بما هو خير منها حيث كان عدم الحكم خيرا للناس .

2- والنسخ إلى بدل أخف : يمثلون له بقوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . . الآية - فهي ناسخة لقوله : كما كتب على الذين من قبلكم ; لأن مقتضاها الموافقة لما كان عليه السابقون من تحريم الأكل والشرب والوطء إذا صلوا العتمة أو ناموا إلى الليلة التالية ، كما ذكروا ذلك ، فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : أنزلت : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم كتب عليهم إذا صلى أحدهم العتمة أو نام حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها ، وروى مثله أحمد والحاكم وغيرهما ، وفيه : " فأنزل الله عز وجل : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . . . الآية " .

3- النسخ إلى بدل مماثل : كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة في قوله : فول وجهك شطر المسجد الحرام .

4- والنسخ إلى بدل أثقل : كنسخ الحبس في البيوت في قوله : واللاتي [ ص: 234 ] يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت . . . الآية ، بالجلد في قوله : الزانية والزاني . . . الآية .

أو الرجم في قوله : " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " . . .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية