الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن قال: إن مت من مرضي فقد زوجت ابنتي من فلان، أو قال: زوجوها من فلان أو قال ذلك في صحته وفي المرأة توكل من يزوجها ثم تعزله

                                                                                                                                                                                        وإن قال: إن مت من مرضي فقد زوجت ابنتي من فلان - جاز، ويوقف فلان على القبول أو الرد، وإن كان صغيرا وقف وليه. وقال سحنون: إنما يجوز ذلك إذا ابتدأ النكاح بالقرب. وقال فيمن زوج بغير أمره وكان غائبا على مثل القلزم، فقيل: جائز، وإن كان على مثل الإسكندرية لم يجز. وقيل: يجوز وإن بعد، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك .

                                                                                                                                                                                        وإن قال: إن مت فزوجوا ابنتي من فلان، جاز قرب ذلك أو بعد; لأن النكاح في المسألة الأولى من الميت بقوله فقد زوجت، وفي هذه النكاح من الوكيل على التزويج.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ في "كتاب محمد ": إذا قال: إذا مت فزوجوا ابنتي من فلان بعد عشر سنين - فذلك جائز لازم لها، وكذلك إن قال بعد بلوغها: إذا فرض فلان صداق مثلها، وليس لها ولا للوصي أن يأبيا ذلك إذا طلبها من سماه الأب ويحكم له به الحاكم .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قال في صحته: إن مت فقد زوجت ابنتي من فلان، [ ص: 1854 ] فأجازه أشهب . وقال ابن القاسم : لا يجوز إلا أن يوصي به في المرض . قال محمد : وهو أصوب; لأنه إذا كان في الصحة فكأنه إلى أجل، ولعل ذلك يطول كالذي يقول إذا مضت سنة فقد زوجت ابنتي من فلان .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأن محمل الوصية بذلك بعد الموت على أحكام الوصايا، فالموصي بالخيار، وله أن يغير وصيته، وليس كالذي يقول إذا مضت سنة فقد زوجت; لأن محمله على البت وذلك فاسد.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن قال: إذا مضى هذا الشهر فأنا أتزوجك، ورضي وليها: فالنكاح باطل . يريد إذا التزمت ذلك إذا مضى الأجل; لأنه نكاح فيه خيار للزوج; لأن قوله: أنا أتزوج إذا مضى الشهر- ليس بالتزام له. فإن قال: أنا أتزوجك، وقالت هي أو وليها: وأنا أتزوجك - كانت مواعدة، ومواعدة من ليست في عدة جائزة. [ ص: 1855 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية