الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
527 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال: الوليد بن العيزار أخبرني قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12112أبا عمرو الشيباني يقول: حدثنا صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650496سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أى العمل أحب إلى الله؟ قال: " nindex.php?page=treesubj&link=24589_28132_7862_30476_30502_32470الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني. [2782، 5970، 7534 nindex.php?page=showalam&ids=17080 - مسلم: 85 - فتح: 2 \ 9]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني: قال: حدثني صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650496سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=treesubj&link=29532أي العمل (أحب) إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني.
الكلام عليه من أوجه:
أحدها:
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الأدب وأول الجهاد والتوحيد.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الإيمان، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي هنا والبر والصلة،
وطرقه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في "علله".
nindex.php?page=showalam&ids=13114ولابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم: nindex.php?page=hadith&LINKID=63485أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة في أول وقتها"، قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: على شرط الشيخين، وله شواهد، فذكرها.
وهو في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث أم فروة، وضعفه. وحديث "أول [ ص: 127 ] الوقت رضوان الله وآخره عفو الله" له طرق ضعيفة.
[ ص: 128 ] ثانيها:
أبو عمرو هذا تابعي مخضرم ثقة، واسمه: سعد بن إياس، عاش مائة وعشرين سنة، وهو شيخ عاصم في القراءة. والشيباني - بالشين المعجمة - نسبة إلى شيبان بن ثعلبة بن عكابة، ونسبته هذه النسبة بخمسة أشياء ذكرتها في "مشتبه النسبة" فراجعها منه، منها: أبو عمرو السيباني - بسين مهملة مفتوحة ومكسورة - وهو والد يحيى بن أبي زرعة.
[ ص: 129 ] فائدة:
في الرواة: nindex.php?page=showalam&ids=12112أبو عمرو الشيباني اثنان؛ هذا والنحوي الكبير.
ثالثها:
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود، هو أحد السابقين الأولين، حليف الزهريين، أسلم قبل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وهو صاحب الستر والوساد والسواك، مات بعد الثلاثين، ودفن بالبقيع.
وفي الرواة أيضا عبد الله بن مسعود الغفاري: روى عن نافع، عن بردة في فضل رمضان، وقيل: أبو مسعود.
رابعها: في فوائده:
الأولى: nindex.php?page=treesubj&link=21333الاكتفاء بالإشارة عن التصريح، عملا بقوله: وأشار إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود.
الثانية: هذا nindex.php?page=treesubj&link=32218السؤال عن طلب الأحب ليشتد المحافظة عليه، فإن العبد مأمور بتنزيل الأشياء منازلها، فيقدم الأفضل على الفاضل طلبا للدرجة العليا.
[ ص: 130 ] الثالثة: المراد هنا بالعمل عمل البدن والجوارح، فإنه وقع الجواب بالصلاة على وقتها، والنية مطلوبة فيه باللازم.
الرابعة: فيه فضيلة أول الوقت؛ لأن صيغة (أحب) تقتضي المشاركة في الاستحباب، فيحترز به عن آخر الوقت، ورواية nindex.php?page=treesubj&link=28132الصلاة في أول وقتها أصرح. ويستثنى من تفضيل الصلاة أول الوقت فروع بسطناها في كتب الفروع ومنها "شرح المنهاج".
وخالف أصحاب الرأي فقالوا: إن التأخير إلى آخر الوقت أفضل إلا للحاج فإنه يغلس بالفجر يوم النحر بمزدلفة.
الخامسة: سلف في باب (من قال: إن الإيمان هو العمل) الجمع بين هذا الحديث وما قد يعارضه، فراجعه من ثم.
السادسة: nindex.php?page=treesubj&link=18004تعظيم بر الوالدين حيث قدمه على الجهاد، فأذاهما محرم. والبر خلاف العقوق، فبرهما: الإحسان إليهما، وفعل الجميل معهما، وفعل ما يسرهما. ومنه الإحسان إلى صديقهما، وقد أفرد بالتأليف. وما أحسن قول nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14]، أن من صلى الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقيبها فقد شكرهما.
السابعة: قوم: (ثم أي؟): هو غير منون؛ لأنه موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة ثم يأتي بما بعده، كذا نبه عليه الفاكهي في "شرح العمدة".
[ ص: 131 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي فقال في "مشكله" في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: أي الذنب أعظم؟ أي: مشدد منون، كذلك سمعته من أبي محمد بن الخشاب، وقال: لا يجوز إلا تنوينه؛ لأنه معرب غير مضاف. قال: ومعنى (غير مضاف) أن يقال: أي الرجلين.
الثامنة: قوله: (حدثني بهن): كأنه تقرير وتأكيد لما تقدم إذ لا ريب في أن اللفظ صريح ذلك وهو أرفع درجات العمل.
التاسعة: قوله: (ولو استزدته لزادني) يحتمل أن يريد من هذا النوع المذكور - أعني مراتب الأعمال - وتفضيل بعضها على بعض. ويحتمل أن يريد لزادني عما أسأله من حيث الإطلاق؛ تنبيه على سعة علمه وكيف لا، وترك ذلك خشية التطويل.
العاشرة: nindex.php?page=treesubj&link=18467السؤال عن العلم ومراتبه في الأفضلية.
الحادية عشرة: جواز nindex.php?page=treesubj&link=32220تكرير السؤال والاستفتاء عن مسائل شتى في وقت واحد.
الثانية عشرة: nindex.php?page=treesubj&link=32108رفق العالم وصبره على السائل.
الثالثة عشرة: أن nindex.php?page=treesubj&link=24589_29532الصلاة أفضل العمل، فالصلاة لوقتها أحب الأعمال إلى الله، فتركها أبغضها إليه بعد الشرك.
وفيه: nindex.php?page=treesubj&link=7862فضل الجهاد، nindex.php?page=treesubj&link=30502وتقديم الأهم فالأهم من الأعمال، nindex.php?page=treesubj&link=18468وتنبيه الطالب على تحقيق العلم وكيفية أخذه، والتنبيه على مرتبته عند الشيوخ وأهل الفضل؛ ليؤخذ علمه بقبول وانشراح وضبط.
خاتمة:
هذه الثلاث المذكورات nindex.php?page=treesubj&link=24589_30476أفضل الأعمال بعد الإيمان؛ لأن من ضيع الصلاة حتى خرج وقتها مع خفة مؤنتها وعظم فضلها فهو لا شك لغيرها [ ص: 132 ] من أمر الدين أشد تضييعا وأشد تهاونا واستخفافا، وكذا من ترك بر والديه فهو لغير ذلك من حقوق الله تعالى أشد تضييعا، وكذا الجهاد.
فهذه الثلاثة دالة على أن من حافظ عليها حافظ على ما سواها، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع، ولذلك خصت بأنها أفضل الأعمال.
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني: قال: حدثني صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650496سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=treesubj&link=29532أي العمل (أحب) إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني.
الكلام عليه من أوجه:
أحدها:
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الأدب وأول الجهاد والتوحيد.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الإيمان، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي هنا والبر والصلة،
وطرقه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في "علله".
nindex.php?page=showalam&ids=13114ولابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم: nindex.php?page=hadith&LINKID=63485أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة في أول وقتها"، قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: على شرط الشيخين، وله شواهد، فذكرها.
وهو في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث أم فروة، وضعفه. وحديث "أول [ ص: 127 ] الوقت رضوان الله وآخره عفو الله" له طرق ضعيفة.
[ ص: 128 ] ثانيها:
أبو عمرو هذا تابعي مخضرم ثقة، واسمه: سعد بن إياس، عاش مائة وعشرين سنة، وهو شيخ عاصم في القراءة. والشيباني - بالشين المعجمة - نسبة إلى شيبان بن ثعلبة بن عكابة، ونسبته هذه النسبة بخمسة أشياء ذكرتها في "مشتبه النسبة" فراجعها منه، منها: أبو عمرو السيباني - بسين مهملة مفتوحة ومكسورة - وهو والد يحيى بن أبي زرعة.
[ ص: 129 ] فائدة:
في الرواة: nindex.php?page=showalam&ids=12112أبو عمرو الشيباني اثنان؛ هذا والنحوي الكبير.
ثالثها:
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود، هو أحد السابقين الأولين، حليف الزهريين، أسلم قبل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وهو صاحب الستر والوساد والسواك، مات بعد الثلاثين، ودفن بالبقيع.
وفي الرواة أيضا عبد الله بن مسعود الغفاري: روى عن نافع، عن بردة في فضل رمضان، وقيل: أبو مسعود.
رابعها: في فوائده:
الأولى: nindex.php?page=treesubj&link=21333الاكتفاء بالإشارة عن التصريح، عملا بقوله: وأشار إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود.
الثانية: هذا nindex.php?page=treesubj&link=32218السؤال عن طلب الأحب ليشتد المحافظة عليه، فإن العبد مأمور بتنزيل الأشياء منازلها، فيقدم الأفضل على الفاضل طلبا للدرجة العليا.
[ ص: 130 ] الثالثة: المراد هنا بالعمل عمل البدن والجوارح، فإنه وقع الجواب بالصلاة على وقتها، والنية مطلوبة فيه باللازم.
الرابعة: فيه فضيلة أول الوقت؛ لأن صيغة (أحب) تقتضي المشاركة في الاستحباب، فيحترز به عن آخر الوقت، ورواية nindex.php?page=treesubj&link=28132الصلاة في أول وقتها أصرح. ويستثنى من تفضيل الصلاة أول الوقت فروع بسطناها في كتب الفروع ومنها "شرح المنهاج".
وخالف أصحاب الرأي فقالوا: إن التأخير إلى آخر الوقت أفضل إلا للحاج فإنه يغلس بالفجر يوم النحر بمزدلفة.
الخامسة: سلف في باب (من قال: إن الإيمان هو العمل) الجمع بين هذا الحديث وما قد يعارضه، فراجعه من ثم.
السادسة: nindex.php?page=treesubj&link=18004تعظيم بر الوالدين حيث قدمه على الجهاد، فأذاهما محرم. والبر خلاف العقوق، فبرهما: الإحسان إليهما، وفعل الجميل معهما، وفعل ما يسرهما. ومنه الإحسان إلى صديقهما، وقد أفرد بالتأليف. وما أحسن قول nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14]، أن من صلى الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقيبها فقد شكرهما.
السابعة: قوم: (ثم أي؟): هو غير منون؛ لأنه موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة ثم يأتي بما بعده، كذا نبه عليه الفاكهي في "شرح العمدة".
[ ص: 131 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي فقال في "مشكله" في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: أي الذنب أعظم؟ أي: مشدد منون، كذلك سمعته من أبي محمد بن الخشاب، وقال: لا يجوز إلا تنوينه؛ لأنه معرب غير مضاف. قال: ومعنى (غير مضاف) أن يقال: أي الرجلين.
الثامنة: قوله: (حدثني بهن): كأنه تقرير وتأكيد لما تقدم إذ لا ريب في أن اللفظ صريح ذلك وهو أرفع درجات العمل.
التاسعة: قوله: (ولو استزدته لزادني) يحتمل أن يريد من هذا النوع المذكور - أعني مراتب الأعمال - وتفضيل بعضها على بعض. ويحتمل أن يريد لزادني عما أسأله من حيث الإطلاق؛ تنبيه على سعة علمه وكيف لا، وترك ذلك خشية التطويل.
العاشرة: nindex.php?page=treesubj&link=18467السؤال عن العلم ومراتبه في الأفضلية.
الحادية عشرة: جواز nindex.php?page=treesubj&link=32220تكرير السؤال والاستفتاء عن مسائل شتى في وقت واحد.
الثانية عشرة: nindex.php?page=treesubj&link=32108رفق العالم وصبره على السائل.
الثالثة عشرة: أن nindex.php?page=treesubj&link=24589_29532الصلاة أفضل العمل، فالصلاة لوقتها أحب الأعمال إلى الله، فتركها أبغضها إليه بعد الشرك.
وفيه: nindex.php?page=treesubj&link=7862فضل الجهاد، nindex.php?page=treesubj&link=30502وتقديم الأهم فالأهم من الأعمال، nindex.php?page=treesubj&link=18468وتنبيه الطالب على تحقيق العلم وكيفية أخذه، والتنبيه على مرتبته عند الشيوخ وأهل الفضل؛ ليؤخذ علمه بقبول وانشراح وضبط.
خاتمة:
هذه الثلاث المذكورات nindex.php?page=treesubj&link=24589_30476أفضل الأعمال بعد الإيمان؛ لأن من ضيع الصلاة حتى خرج وقتها مع خفة مؤنتها وعظم فضلها فهو لا شك لغيرها [ ص: 132 ] من أمر الدين أشد تضييعا وأشد تهاونا واستخفافا، وكذا من ترك بر والديه فهو لغير ذلك من حقوق الله تعالى أشد تضييعا، وكذا الجهاد.
فهذه الثلاثة دالة على أن من حافظ عليها حافظ على ما سواها، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع، ولذلك خصت بأنها أفضل الأعمال.