الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  وقعة هذيل بالرجيع والرجيع موضع

                                                                  9730 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي ، عن أبي هريرة قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عينا له وأمر عليهم عاصم بن ثابت وهو جد عاصم بن عمر فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ، فذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رجل رام حتى رأوا آثارهم ، حتى نزلوا منزلا يرونه ، فوجدوا فيه نوى تمر يرونه من تمر المدينة فقالوا : هذا من تمر يثرب [ ص: 354 ] فاتبعوا آثارهم حتى لحقوهم ، فلما أحسهم عاصم بن ثابت وأصحابه ، لجأوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا : لكم العهد والميثاق ، إن نزلتم إلينا لا نقتل منكم رجلا فقال عاصم بن ثابت : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا رسولك قال : فقاتلوهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر وبقي خبيب بن عدي ، وزيد بن دثنة ، ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق إن نزلوا إليهم فنزلوا إليهم ، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث الذي كان معهما : هذا أول الغدر ، فأبى أن يصحبهم فجروه فأبى أن يتبعهم وقال : لي في هؤلاء أسوة ، فضربوا عنقه ، وانطلقوا بخبيب بن عدي ، وزيد بن دثنة ، حتى باعوهما بمكة فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ، وكان [ هو ] قتل الحارث يوم بدر فمكث عندهم أسيرا حتى [ إذا ] أجمعوا على قتله ، استعار موسى [ من ] إحدى بنات الحارث ليستحد بها ، فأعارته قالت : فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه قالت : فأخذه فوضعه على فخذه ، فلما رأيته فزعت فزعا عرفه في ، والموسى بيده قال : أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأن أفعل إن شاء الله قال : فكانت تقول : ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب ، لقد رأيته يأكل من قطف عنب ، وما بمكة يومئذ ثمرة ، وإنه لموثق في الحديد ، وما كان إلا رزق رزقه الله إياه ، ثم [ ص: 355 ] خرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال : دعوني أصل ركعتين ، فصلى ركعتين ثم قال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت ، لزدت ، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، [ ثم ] قال :

                                                                  ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان لله مصرعي     وذلك في ذات الإله وإن يشأ
                                                                  يبارك على أوصال شلو ممزع

                                                                  ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله قال : وبعث قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم ، فبعث الله مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا على شيء منه "
                                                                  .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية