الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن نكح بصداق مؤجل وفاته البناء]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان الأجل لموت أو فراق وفات بالبناء، فقال مرة: لها صداق المثل. وقال مرة: يقوم ذلك المسمى بالنقد فتعطاه. ومحمل هذا على أن العادة في التأخير إلى موت أو فراق، ولا يعرفون غيره كما قيل في الأرض تكرى بالجزء أنه إن لم تكن عادته في الكراء بغيره قوم ذلك الجزء لأنها ضرورة; لأن القيم إنما تكون على الأثمان المعتادة، فإن لم تكن عادة في ثمن صحيح قوم على ما اعتادوه من الفساد .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا تزوجت بمائة نقدا، وبمائة إلى موت أو فراق، فقيل: لها صداق المثل مطلقا. وقيل: صداق المثل ما بلغ ما لم ينقص من المائة فإن نقص من المائة فقالت: أنا أسقط المائة المؤجلة، فيصح وإن كان أكثر من المائتين [ ص: 1947 ] فقالت: أنا أتمسك بها، فيجري الجواب على أحكام الفاسد. وقيل: لها صداق المثل ما لم ينقص عن المائة، أو يزد على المائتين; لأن الزوج يقول: إنما دخل الفساد لمكان الأجل، فإذا أسقطه فيصح كما كان يصح إذا أسقطتها هي. وقيل: ينظر إلى قيمتها من المائة المعجلة، فإن كان ثلثا ، أخذت المائة المعجلة، وثلث صداق المثل. وقيل: يقوم على غررها فتأخذ تلك القيمة مع المائة. وهذا يصح إذا كانت العادة عندهم على مثل ذلك ، بعضه نقدا، وبعضه إلى مثل ذلك الأجل لا يعرفون غيره .

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كانت العادة التأخير إلى موت، أو فراق، ولم يشترطاه، هل يكون جائزا ولها أن تأخذه متى أحبت; لأن الأصل الحلول والتأخير مكارمة. أو يكون فاسدا للعادة؟ وقد اختلف قول مالك في هدية العرس ، فقال مرة: يقضى بها؛ لأنها صارت عادة كالشرط، ومرة قال: لا يقضى بها، وتبقى على الأصل أنها مكارمة، فكذلك هذه. [ ص: 1948 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية