الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن سهل بن عسكر ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهب بن منبه يقول : إن رجلا من بني إسرائيل صام سبعين أسبوعا يفطر في كل سبعة أيام يوما وهو يسأل الله تعالى أن يريه كيف يغوي الشيطان الناس ، فلما أن طال ذلك عليه ولم يجب ، قال : لو أقبلت على خطيئتي وعلى ذنبي وما بيني وبين ربي لكان خيرا لي من هذا الأمر الذي أطلب . فأرسل الله تعالى إليه ملكا ، فقال : إن الله عز وجل أرسلني إليك وهو يقول : إن كلامك هذا الذي تكلمت به أعجب إلي مما مضى من عبادتك وقد فتح بصرك ، قال : فنظر فإذا أحبولة لإبليس قد أحاطت بالأرض ، وإذا ليس أحد من بني آدم إلا وحوله شياطين مثل ذباب ، فقال : أي رب ، من ينجو من هذا ؟ قال : الورع اللين .

              حدثنا أبي ، ثنا إسحاق ، ثنا محمد بن سهل ح وحدثنا عمر بن أحمد بن محمد المقري ، ثنا أحمد بن منصور ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : كان رجل من السائحين في أرض فيها قثاء فدعته نفسه إلى أن يأخذ منها شيئا ، فعاقبها فقام مكانه فصلى ثلاثة أيام ، فمر به رجل وقد لوحته الشمس والريح والبرد ، فلما نظر إليه ، قال : سبحان الله ! لكأنما أحرق هذا الإنسان بالنار ، فقال السائح : هكذا بلغ مني خوف النار ، فكيف لو دخلتها .

              حدثنا محمد بن نصر ، ثنا حاجب بن دكين ، ثنا حماد بن الحسن ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا عمر بن عبد الرحمن الصنعاني ، ثنا وهب بن منبه ، قال : أصاب رجل من الأولين ذنبا ، فقال : لله علي أن لا يظلني سقف [ ص: 33 ] بيت أبدا حتى تأتيني براءة من النار ، فكان بالعراء في الحر والقر ، فمر به رجل ورأى شدة حاله ، فقال : يا عبد الله ، ما بلغ منك ما أرى ؟ فقال : بلغ بي ما ترى ذكر جهنم ، فكيف بي إن أنا وقعت فيها ؟

              حدثني أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن المخزومي ، ثنا عبد الرزاق ، حدثني بكار بن عبد الله ، عن وهب قال : قرأت في بعض الكتب أن مناديا ينادي من السماء الرابعة : يا أبناء الأربعين ، أنتم زرع قددنا حصاده ، يا أبناء الخمسين ، ما قدمتم وما أخرتم ، يا أبناء الستين ، لا عذر لكم ، ليت الخلق لم يخلقوا ، وإذا خلقوا علموا لماذا خلقوا ، قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل - يعني ابن عاصم ، عن يونس بن أبي يحيى ، عن وهب بن منبه ، قال في بعض الحكمة : أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده ، أبناء الستين ، ماذا قدمتم وماذا أخرتم ، أبناء السبعين ، لا عذر لكم .

              حدثنا الحسين بن محمد بن علي ، ثنا سعيد بن محمد أخو الزبير ، ثنا إسحاق بن إسرائيل ، ثنا هشام بن يوسف الصنعاني ، عن منذر الأفطس ، عن وهب قال : قال دانيال عليه السلام : يا لهفتا على زمان يلتمس فيه الصالحون فلا يوجد منهم أحد إلا كالسنبلة في أثر الحاصد ، أو كالخصلة في أثر القاطف ، يوشك نوائح أولئك وبواكيهم أن تبكيهم .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، عن عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول في قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة . قال : إنما يوزن من الأعمال خواتيمها ، وإذا أراد الله بعبد خيرا ختم له بخير عمله ، وإذا أراد به شرا ختم له بشر عمله .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ، ثنا أحمد بن عمرو البزار ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا أحمد بن صالح ، ثنا أسد بن موسى ، عن يوسف بن زياد ، عن أبي [ ص: 34 ] أنيس بن وهب بن منبه ، عن وهب قال : إن الله عز وجل حين فرغ من خلقه نظر إليهم حين مشوا على وجه الأرض ، فقال : أنا الله الذي لا إله إلا أنا الذي خلقتك بقوتي ، وأتقنتك بحكمتي ، حق قضائي ، ونافذ أمري ، أنا أعيدك كما خلقتك ، وأفنيك بحكمتي حتى أبقى وحدي ، فإن الملك والخلود لا يحق إلا لي ، أدعو خلقي وأجمعهم لقضائي يوم يخسر أعدائي ، وتجل القلوب من خوفي ، وتجف الأقلام من هيبتي ، وتبرأ الآلهة ممن عبدها دوني . قال : وذكر وهب بن منبه أن الله عز وجل لما فرغ من جميع خلقه يوم الجمعة ، أقبل يوم السبت ، فمدح نفسه بما هو أهله ، وذكر عظمته وجبروته وكبرياءه وسلطانه وقدرته وملكه وربوبيته ، فأنصت له كل شيء ، وأطرق له كل شيء خلقه ، فقال : أنا الملك الذي لا إله إلا أنا ذو الرحمة الواسعة والأسماء الحسنى ، أنا الله الذي لا إله إلا أنا ذو العرش المجيد والأفلاك العلى ، أنا الله الذي لا إله إلا أنا ذو المن والطول والآلاء والكبرياء ، أنا الله الذي لا إله إلا أنا بديع السماوات والأرض ومن فيهن ، ملأت كل شيء عظمتي ، وقهر كل شيء ملكي ، وأحاطت بكل شيء قدرتي ، وأحصى كل شيء علمي ، ووسعت كل شيء رحمتي ، وبلغ كل شيء لطفي ، فأنا الله ، يا معشر الخلائق فاعرفوا مكاني ، فليس في السماوات والأرض إلا أنا ، وخلقي كلهم لا يقوم ولا يدوم إلا بي ، وينقلب في قبضتي ، ويعيش في رزقي ، وحياته وموته وبقاؤه وفناؤه بيدي ، فليس له محيص ولا ملجأ غيري ، لو تخليت عنه إذا لهلك كله ، وإذا لكنت أنا على حالي ، لا ينقصني ذلك شيئا ولا يزيدني ولا يهدني فقده ، وأنا معتز بالعز كله ، في جبروتي وملكي وبرهاني ونوري وسعة بطشي وعلو مكاني وعظمة شأني ، فلا شيء مثلي ، ولا إله غيري ، ولا ينبغي لشيء خلقته أن يعدل بي ولا ينكرني ، فكيف ينكرني من خلقته يوم خلقته على معرفتي ؟ أم كيف يكابرني من قهره ملكي ، فليس له خالق ولا باعث ولا وارث غيري ، أم كيف يعازني من [ ص: 35 ] ناصيته بيدي ؟ أم كيف يعدل بي من أعمره وأسقم جسمه وأنقص عقله وأتوفى نفسه ، وأخلقه وأهرمه فلا يمتنع مني ؟ أم كيف يستنكف عن عبادتي عبدي وابن عبادي وابن إمائي لا ينسب إلى خالق ولا وارث غيري ؟ أم كيف يعبد دوني من تخلقه الأيام ويفني أجله اختلاف الليل والنهار وهما - شعبة يسيرة من سلطاني ؟ فإلي إلي يا أهل الموت والفناء ، لا إلى غيري ، فإني كتبت الرحمة على نفسي ، وقضيت بالعفو والمغفرة لمن استغفرني ، أغفر الذنوب جميعا صغيرها وكبيرها ، ولا يكبر ذلك علي ، ولا تلقوا بأيديكم ولا تقنطوا من رحمتي ؛ فإن رحمتي سبقت غضبي ، وخزائن الخير كلها بيدي ، ولم أخلق شيئا مما خلقت لحاجة كانت مني إليه ، ولكن لأبين به قدرتي ، ولينظر الناظرون في ملكي وتدبير حكمتي ، ولتدين خلائقي كلها لعزتي ، وتسبح الخلائق كلهم بحمدي ، ولتعنو الوجوه كلها لوجهي .

              حدثنا أحمد بن السندي ، ثنا الحسن بن علويه القطان ، ثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، ثنا إدريس ، عن جده وهب بن منبه قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، اعقل عن الله ؛ فإن أعقل الناس عن الله أحسنهم عقلا ، وإن الشيطان ليفر من العاقل وما يستطيع أن يكابده .

              حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهب بن منبه ، يقول لرجل من جلسائه : ألا أعلمك طبا لا يتعايا فيه الأطباء ، وفقها لا يتعايا فيه الفقهاء ، وحلما لا يتعايا فيه الحلماء ، قال : بلى ! يا أبا عبد الله ، قال : أما الطب الذي لا يتعايا فيه الأطباء ، فلا تأكل طعاما إلا ما سميت الله على أوله وحمدته على آخره . وأما الفقه الذي لا يتعايا فيه الفقهاء ، فإن سئلت عن شيء عندك فيه علم فأخبر بعلمك وإلا فقل : لا أدري ، وأما الذي لا يتعايا فيه الحلماء ، فأكثر الصمت ، إلا أن تسأل عن شيء .

              حدثنا أحمد بن علي بن الحارث المرهبي ، ثنا عبيد بن غنام ، ثنا ابن نمير [ ص: 36 ] ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، عن وهب بن منبه قال : كان إذا كان في الصبي خلقان الحياء والرهبة طمع برشده .

              حدثنا أبو حامد ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسين المعافري ، ثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق ، ثنا الرمادي ، ثنا عبد الوهاب ، ثنا ابن خشرم ، عن وهب بن منبه قال : لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملك : صف لي الناس ، قال : محادثتك من لا يعلم كمن يعلم الموتى ، ومحادثتك من لا يعقل كمثل رجل يبل الصخرة حتى تبتل ، أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ، ومحادثتك من لا يصغي لك كمثل من يضع المائدة لأهل القبور ، ونقل الحجارة من رأس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبيد بن محمد الكشوري الصنعاني ، ثنا همام بن سلمة بن عقبة ، ثنا غوث بن جابر ، ثنا غوث بن معقل ، قال : سمعت عمي وهب بن منبه يقول : إذا أردت أن تعمل بطاعة الله عز وجل فاجتهد في نصحك وعلمك لله ؛ فإن العمل لا يقبل ممن ليس بناصح ، وإن النصح لله عز وجل لا يكمل إلا بطاعة الله ، كمثل الثمرة الطيبة ريحها طيب وطعمها طيب ، كذلك مثل طاعة الله ؛ النصح ريحها ، والعمل طعمها ، ثم زين طاعة الله بالعلم والحلم والفقه ، ثم أكرم نفسك عن أخلاق السفهاء ، وعبدها على أخلاق العلماء ، وعودها على فعل الحلماء ، وامنعها عمل الأشقياء ، وألزمها سيرة الفقهاء ، واعزلها عن سبل الخبثاء ، وما كان لك من فضل فأعن به من دونك ، وما كان فيمن دونك من نقص فأعنه عليه حتى تبلغه معك ، فإن الحكيم يجمع فضوله ثم يعود بها على من دونه ، ثم ينظر في نقائص من دونه ثم يقومها ويزجيها حتى يبلغه ، إن كان فقيها حمل من لا فقه له إذا رأى أنه يريد صحبته ومعونته ، وإذا كان له مال أعطى منه من لا مال له ، وإن كان مصلحا استغفر الله للمذنب إذا رجا توبته ، وإن كان محسنا أحسن إلى من أساء إليه واستوجب بذلك أجره ، ولا يغتر بالقول حتى يجيء معه الفعل ، ولا يتمنى طاعة الله إذا لم يعمل بها ، فإذا بلغ من طاعة الله شيئا حمد الله ثم طلب ما لم يبلغ منها ، وإذا علم من [ ص: 37 ] الحكمة لم تشبعه حتى يتعلم ما لم يبلغ منها ، وإذا ذكر خطيئته سترها عن الناس واستغفر الله الذي هو القادر على أن يغفرها ، ثم لا يستعين على شيء من قوله بالكذب ؛ فإن الكذب في الحديث مثل الأكلة في الخشبة يرى ظاهرها صحيحا وجوفها نخرا ، لا يزال من يغتر بها يظن أنها حاملة ما عليها حتى تنكسر على ما فيها ويهلك من اغتر بها . وكذلك الكذب في الحديث لا يزال صاحبه يغتر به ويظن أنه معينه على حاجته وزائد له في رغبته حتى يعرف ذلك منه ، ويتبين لذوي العقول غروره ، ويستنبط العلماء ما كان يستخفي به عنهم . فإذا اطلعوا على ذاك من أمره وتبين لهم ، كذبوا خبره وأبادوا شهادته واتهموا صدقه واحتقروا شأنه وأبغضوا مجلسه واستخفوا منه بسرائرهم ، وكتموا حديثهم وصرفوا عنه أمانتهم ، وغيبوا عنه أمرهم وحذروه على دينهم ومعيشتهم ولم يحضروه شيئا من محاضرهم ، ولم يأمنوه على شيء من سرهم ، ولم يحكموه في شيء مما شجر بينهم .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين بن حسن المروزي ، ثنا سعيد بن سليمان ، ثنا عبد الله بن المؤمل ، ثنا المثنى بن الصباح ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قام موسى عليه السلام ، فلما رأته بنو إسرائيل قامت إليه ، فأومأ إليهم أن اجلسوا . فجلسوا ، فذهب حتى جاء الصور فإذا هو بنهر أبيض فيه مثل رءوس الكباش كافور محفوف بالرياحين ، فلما أعجبه ذلك وثب فيه فاغتسل وغسل ثوبه ، ثم خرج وهيأ ثيابه ورجع إلى الماء ، فاستنقع فيه حتى جفت ثيابه فلبسها . ثم أخذ نحو الكثيب الأحمر الذي هو فوق الصور فإذا هو برجلين يحفران قبرا ، فقام عليهما فقال : ألا أعينكما ؟ قالا : بلى . فنزل يحفر ، فقال : لتحدثاني : مثل من الرجل ؟ فقالا : على طولك وعلى هيئتك ، فاضطجع عليه فالتأمت عليه الأرض ، فلم ينظر إلى قبر موسى عليه السلام إلا الرخمة فإن الله عز وجل أصمها وأبكمها .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يوسف بن الوليد ، ثنا محمد بن يحيى البصري ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا معروف بن واصل ، قال : سمعت أشرس يقول : [ ص: 38 ] سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت في بعض الكتب : لولا أني كتبت النتن على الميت لحبسه الناس في بيوتهم ، ولولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنته الأغنياء عن الفقراء ، ولولا أني أذهبت الهم والغم لم تعمر الدنيا ولم أعبد .

              حدثنا محمد بن جعفر بن يوسف ، ثنا شعيب بن محمد بن أحمد الدئلي ، ثنا سهل بن صقر الخلاطي ، ثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، إن مثل أهل الذكر والغفلة كمثل النور والظلمة .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا محمد بن سعيد العوفي ، وإسماعيل بن عبد الله بن ميمون ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت في التوراة أربعة أسطر متواليات : من قرأ كتاب الله فظن أنه لا يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الله ، ومن شكى مصيبة فإنما يشكو ربه ، ومن أسف على ما في يد غيره سخط قضاء ربه عز وجل ، ومن تضعضع لغني ذهب ثلثا دينه .

              حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن سعيد بن جنادة ، وإسماعيل بن عبد الله ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : سمعت عبد الصمد بن معقل يقول : سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت في التوراة : أيما دار بنيت بقوة الضعفاء جعلت عاقبتها الخراب ، وأيما مال جمع من غير حل جعلت عاقبته الفقر .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا معمر ، عن محمد بن عمر ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : وجدت في بعض الكتب أن الله عز وجل يقول : إن عبدي إذا أطاعني فإني أستجيب له من قبل أن يدعوني ، وأعطيه من قبل أن يسألني ، وإن عبدي إذا أطاعني لو أن أهل السماوات والأرض أجلبوا عليه جعلت له مخرجا من ذلك ، وإن عبدي إذا عصاني أقطع يده عن أبواب السماوات وأجعله في الهوى فلا ينتصر بشيء من خلقي .

              حدثنا عبد الله ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا بكار بن عبد الله ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قال الله عز وجل فيما يعتب به أحبار بني إسرائيل : تتفقهون لغير الدين ، [ ص: 39 ] وتتعلمون لغير العمل ، وتتنازعون الدنيا بعمل الآخرة ، تلبسون جلود الضأن وتخفون أنفس الذئاب ، وتنقون القرا من شرابكم ، وتبتلعون أمثال الجبال من الحرام ، وتثقلون الدين على الناس أمثال الجبال ، ثم لا تعينوهم برفع الخناصير ، تطيلون الصلاة ، وتبيضون الثياب ، تقتنصون بذلك مال اليتيم والأرملة ، فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي ذي الرأي وحكمة الحكيم .

              حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، ثنا عبد الوهاب بن عيسى ، ثنا إسحاق بن إسرائيل ، ثنا عبد الله بن إبراهيم بن عثمان الصنعاني ، أخبرني إبراهيم بن مسلم ، عن وهب بن منبه ، قال : مرت بنوح عليه السلام خمسمائة سنة لم يقرب النساء وجلا من الموت .

              حدثنا يعقوب بن أحمد بن يعقوب الواسطي ، ثنا جعفر بن محمد بن سنان ، ثنا علي بن مسلم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت عمي وهب بن منبه يقول : لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة اعتزل الملك ثم بكى حتى رعش وحتى جرت دموعه في خده .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسين بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا بكار بن عبد الله ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : ما رفع داود عليه السلام رأسه حتى قال له الملك : أول أمرك ذنب وآخره معصية ، فارفع رأسك ، فرفع رأسه فمكث حياته لا يشرب ماء إلا مزجه بدموعه ، ولا يأكل طعاما إلا بله بدموعه ، ولا يضطجع على فراش إلا أعراه - أو قال : عراه - بدموعه ، حتى كان لا يرى في لحافه .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبيد بن محمد الصنعاني ، ثنا همام بن مسلمة ، ثنا غوث بن جابر ، ثنا عقيل بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : إن الله تعالى ليس يحمد أحدا على طاعته ، ولا يسأل أحد من الله الخير إلا برحمته ، وليس يرجو خير الناس ولا يخاف شرهم ، ولا يعطف الله على الناس إلا رحمته إياهم ، إن مكروا به مكرهم ، وإن خادعوه رد عليهم خداعهم ، وإن كاذبوه رد [ ص: 40 ] عليهم كذبهم ، وإن أدبروا قطع دابرهم ، ولا يخاف منهم شيئا ، وإن أقبلوا قبل منهم ، وإن الله عز وجل لا يعطفه على الناس شيء من أمرهم إلا التضرع إليه حتى يرحمهم ، ولا يستخرج أحد من الله شيئا من الخير بحيلة ولا مكر ولا مخادعة ولا أوبة ولا سخط ولا مشاورة ، ولكن يأتي بالخير من الله رحمته . ومن لم يتبع الخير من قبل رحمته لا يجد بابا غير ذلك يدخل منه ؛ فإن الله تعالى لا ينال الخير منه إلا بطاعته ، ولا يعطف الله على الناس شيء إلا تعبدهم له وتضرعهم إليه حتى يرحمهم ، فإذا رحمهم استخرجت رحمته حاجتهم من الله تعالى ، وليس ينال الخير من الله من وجه غير ذلك ، وليس إلى رحمة الله سبيل يؤتى من قبله إلا تعبد العباد له وتضرعهم إليه ؛ فإن رحمة الله تعالى باب كل خير يبتغى من قبله ، وإن مفتاح ذلك الباب التضرع إلى الله تعالى . فمن جاء بذلك المفتاح فتح لديه ، ومن أراد أن يفتح ذلك الباب بغير مفتاحه لم يفتح له ، وكيف ينفتح الباب من غير مفتاحه . ولله عز وجل خزائن الخير كله ، وباب خزائن الله رحمته ، ومفتاح رحمة الله التضرع إليه ، فمن حفظ ذلك المفتاح وجاء به فتح له الباب ودخل الخزائن ، ومن دخل الخزائن فله فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، وفيها ما يشاؤون وما يدعون في مقام أمين ، لا يحولون عنها ولا يخافون ولا ينصبون فيه ولا يهرمون ولا يفتقرون فيه ولا يموتون ، في نعيم مقيم وأجر عظيم وثواب كريم نزلا من غفور رحيم .

              حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا داود بن المحبر ، ثنا عباد بن كثير ح وحدثنا أحمد بن السندي ، ثنا الحسن بن علويه القطان ، ثنا إسماعيل بن عيسى ، ثنا إسحاق بن بشر ، عن إدريس ، عن جده وهب بن منبه ، قال : ما عبد الله عز وجل بشيء أفضل من العقل ، وما يتم عقل امرئ حتى تكون فيه عشر خصال : أن يكون الكبر منه مأمونا ، والرشد فيه مأمورا ، يرضى من الدنيا بالقوت وما كان من فضل فمبذول ، والتواضع فيها أحب إليه من الشرف ، والذل فيها أحب إليه من العز ، لا يسأم من طلب العلم دهره ، ولا يتبرم من طالبي الخير ، يستكثر قليل المعروف من [ ص: 41 ] غيره ، ويستقل كثير المعروف من نفسه ، والعاشرة هي ملاك أمره ، بها ينال مجده ، وبها يعلو ذكره ، وبها علاه في الدرجات في الدارين كليهما . قيل : وما هي ؟ قال :أن يرى أن جميع الناس بين خير منه وأفضل ، وآخر شر منه وأرذل ، فإذا رأى الذي هو خير منه وأفضل كسره ذلك ، وتمنى أن يلحقه ، وإذا رأى الذي هو شر منه وأرذل قال : لعل هذا ينجو وأهلك ، ولعل لهذا باطنا لم يظهر لي ، وذلك خير له ، ويرى ظاهره لعل ذلك شر لي . فهناك يكمل عقله ، وساد أهل زمانه وكان من السباق إلى رحمة الله عز وجل وجنته إن شاء الله تعالى .

              حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، ثنا أبو عمر الحوضي ، ثنا شعبة ، عن عوف ، عن وهب قال : من خصال المنافق أن يحب الحمد ويكره الذم .

              حدثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ، ثنا محمد بن حاتم ، ثنا محمد بن بشار ، ثنا عطاء بن المبارك ، عن أشرس ، عن وهب ، قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : يا داود ، هل تدري من أغفر له ذنوبه من عبادي ؟ قال : من هو يا رب ؟ قال : الذي إذا ذكر ذنوبه ارتعدت منها فرائصه ، فذلك العبد الذي آمر ملائكتي أن تمحو عنه ذنوبه .

              حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن ، ثنا الحسين بن علي القطان ، ثنا سليمان بن داود ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال وهب : أعون الأخلاق على الدين الزهادة في الدنيا ، وأسرعها ردءا اتباع الهوى ، ومن اتباع الهوى حب المال والشرف ، ومن حب المال والشرف تنتهك المحارم ، ومن انتهاك المحارم يغضب الله عز وجل ، وغضب الله ليس دواء .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يحيى بن سليمان أبو بلال الأشعري ، ثنا أبو هشام الصنعاني ، ثنا عبد الصمد ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما يعتب به بني إسرائيل : إني إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية . وإذا عصيت غضبت ، [ ص: 42 ] وإذا غضبت لعنت ، وإن اللعنة تبلغ مني الولد السابع .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبو بكر الدينوري المفسر ، ثنا محمد بن أيوب العطار ، ثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن جده وهب ، قال : كان في بني إسرائيل رجل عصى الله مائتي سنة ثم مات ، فأخذوا برجله فألقوه على مزبلة ، فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن اخرج فصل عليه ، قال : يا رب ، بنو إسرائيل شهدوا أنه عصاك مائتي سنة ، فأوحى الله إليه هكذا كان ، إلا أنه كان كلما نشر التوراة ونظر إلى اسم محمد صلى الله عليه وسلم قبله ووضعه على عينيه وصلى عليه ، فشكرت ذلك له ، وغفرت ذنوبه وزوجته سبعين حوراء .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا محمد بن يزيد ، ثنا إدريس ، عن أبيه ، عن وهب قال : قال موسى عليه السلام ، يا رب ، احبس عني كلام الناس ، قال : لو فعلت هذا بأحد لفعلته بي .

              حدثنا أحمد بن السندي ، ثنا الحسن بن علويه ، ثنا إسماعيل بن عيسى ، ثنا إسحاق بن بشر ، عن غياث بن إبراهيم ، عن من تخيره ، عن وهب قال : لما دعي يوسف عليه السلام إلى الملك ووقف بالباب ، فقال : حسبي ديني من دنياي ، وحسبي ربي من خلقه ، عز جاره وجل ثناؤه ولا إله غيره ، ثم دخل ، فلما نظر إليه الملك نزل عن سريره فخر له الملك ساجدا ، ثم أقعده معه على السرير ، فقال : إنك اليوم لدينا مكين أمين ، قال يوسف عليه السلام : اجعلني على خزائن الأرض ، إني حفيظ عليم . أي : حفيظ لهذه السنين وما استودعته ، عليم بلغات من يأتيني .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرزاق ، أخبرنا منذر بن النعمان الأفطس ، أنه سمع وهبا يقول : لما أمر الحوت أن لا يضره ولا يكلمه - يعني يونس عليه السلام - قال : فلولا أنه كان من المسبحين ، قال من العابدين قبل ذلك ، فذكر بعبادته ، فلما خرج من البحر نام ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، وهي الدباء ، فلما رآها قد أظلته ورأى [ ص: 43 ] خضرتها أعجبته ، ثم نام فاستيقظ ، فإذا هي يبست ، فجعل يتحزن عليها ، فقيل له : أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن عليها ، وأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون ، ثم رحمتهم فشق عليك .

              حدثنا أحمد ، ثنا عبد الله ، حدثني إبراهيم بن خالد الصنعاني ، ثنا رباح ، ثنا عبد الملك بن عبد الحميد بن حشك ، عن وهب قال : لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين ، قال : رب ، كيف أصنع بالأسد والبقرة ؟ وكيف أصنع بالعناق والذئب ؟ وكيف أصنع بالحمام والهر ؟ قال : من ألقى بينهما العداوة ؟ قال : أنت ، قال : فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضررون .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية