الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                قرئ: (حرم) على البناء للفاعل، و(حرم) على البناء للمفعول، و(حرم) بوزن كرم، أهل به لغير الله أي: رفع به الصوت للصنم، وذلك قول أهل الجاهلية: باسم اللات والعزى غير باغ : على مضطر آخر بالاستيثار عليه، ولا عاد : سد الجوعة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: في الميتات ما يحل وهو السمك والجراد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لنا ميتتان ودمان" قلت: قصد ما يتفاهمه الناس ويتعارفونه في العادة، ألا ترى أن [ ص: 359 ] القائل إذا قال: أكل فلان ميتة، لم يسبق الوهم إلى السمك والجراد، كما لو قال: أكل دما، لم يسبق إلى الكبد والطحال، ولاعتبار العادة والتعارف قالوا: من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث، وإن أكل لحما في الحقيقة، قال الله تعالى: لتأكلوا منه لحما طريا [النحل: 14] وشبهوه بمن حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث، وإن [ ص: 360 ] سماه الله تعالى دابة في قوله: إن شر الدواب عند الله الذين كفروا [الأنفال: 55].

                                                                                                                                                                                                فإن قلت:فما له ذكر لحم الخنزير دون شحمه؟ قلت: لأن الشحم داخل في ذكر اللحم; لكونه تابعا له وصفة فيه، بدليل قولهم: لحم سمين، يريدون أنه شحيم.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية