الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          3472 - (د) : عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي ، أبو الأصبغ المدني ، والد عمر بن عبد العزيز ، وأمه ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم الكلبية من كلب بن وبرة .

                                                                          ولاه أبوه مصر ، وجعله ولي عهد بعد أخيه عبد الملك بن مروان ، وكانت داره بدمشق الملاصقة للجامع التي هي اليوم للصوفية ، وكانت بعده لابنه عمر بن عبد العزيز .

                                                                          [ ص: 198 ] روى عن : عبد الله بن الزبير ، وعقبة بن عامر الجهني ، وأبيه مروان بن الحكم ، وأبي هريرة (د) .

                                                                          روى عنه : بحير بن ذاخر ، وعبيد الله بن مالك الخولاني ، وعلي بن رباح اللخمي (د) ، وابنه عمر بن عبد العزيز ، وكثير بن مرة ، وكعب بن علقمة ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، والوليد بن قيس التجيبي ، والد عبد الله بن الوليد .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة ، وقال : كان ثقة قليل الحديث .

                                                                          وذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الثالثة من أهل الشام .

                                                                          وقال النسائي : ثقة .

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .

                                                                          وقال الرياشي ، عن العتبي ، عن أبيه قال عبد الملك بن مروان لأخيه عبد العزيز حين وجهه إلى مصر : اعرف حاجبك وكاتبك وجليسك ، فإن الغائب يخبره عنك كاتبك ، والمتوسم يعرفك بحاجبك ، والخارج من عندك يعرفك بجليسك .

                                                                          وقال عبد الله بن أبي سعد الوراق : حدثنا أحمد بن عمر بن إسماعيل بن عبد العزيز الزهري ، قال : حدثني محمد بن الحارث المخزومي ، قال : دخل على عبد العزيز بن مروان رجل يشكو صهرا له .

                                                                          [ ص: 199 ] فقال : إن ختني فعل بي كذا ، وكذا ، فقال له عبد العزيز : من ختنك ؟ فقال له : ختنني الختان الذي يختن الناس ، فقال عبد العزيز لكاتبه : ويحك بما أجابني ، فقال له : أيها الأمير إنك لحنت ، وهو لا يعرف اللحن ، كان ينبغي أن تقول له : من ختنك ؟ فقال عبد العزيز : أراني أتكلم بكلام لا تعرفه العرب ، لا شاهدت الناس حتى أعرف اللحن ، قال : فأقام في البيت جمعة لا يظهر ، ومعه من يعلمه العربية ، قال : فصلى بالناس الجمعة ، وهو من أفصح الناس ، قال : فكان يعطي على العربية ، ويحرم على اللحن ، حتى قدم عليه زوار من أهل المدينة ، وأهل مكة من قريش فجعل يقول للرجل منهم : ممن أنت ؟ فيقول له : من بني فلان ، فيقول للكاتب : أعطه مائتي دينار ، حتى جاءه رجل من بني عبد الدار بن قصي فقال : ممن أنت ؟ فقال : من بنو عبد الدار ، فقال : تجدها في جائزتك ، فقال للكاتب : أعطه مائة دينار .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص ابن الحمامي المقرئ ، قال : حدثنا شيخنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم المقرئ ، قال : حدثنا موسى بن عبيد الله ، قال : حدثنا ابن أبي سعد الوراق ، فذكره .

                                                                          وقال محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم : كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر أن ارفع إلي حاجتك ، فكتب إليه [ ص: 200 ] ابن عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، ولست أسألك شيئا ، ولا أرد رزقا رزقنيه الله عز وجل " .

                                                                          وقال يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس : بعثني عبد العزيز بن مروان بألف دينار إلى ابن عمر قال : فجئته ، فدفعت إليه الكتاب ، فقال : أين المال ؟ فقلت : لا أستطيعه الليلة ، حتى أصبح ، فقال : لا ، والله لا يبيت ابن عمر الليلة ، وله ألف دينار ، قال : فدفع إلي الكتاب حتى جئته بها ففرقها .

                                                                          وقال محمد بن هانئ الطائي ، عن محمد بن أبي سعيد قال عبد العزيز بن مروان : ما نظر إلي رجل قط فتأملني فاشتد تأمله إياي إلا سألته عن حاجته ، ثم أثبت من ورائها فإذا تعار من وسنه مستطيلا لليله مستبطئا لصبحه متأرقا للقائي ، ثم غدا إلي أنا تجارته في نفسه ، وغدا التجار إلى تجاراتهم إلا رجع من غدوه إلي ، فأربح من تجر ، وعجبا لمؤمن موقن يوقن أن الله يرزقه ويوقن أن الله يخلف عليه ، كيف يدخر مالا عن عظم أجر ، أو حسن سماع .

                                                                          قال خليفة بن خياط : مات سنة اثنتين وثمانين .

                                                                          وقال في موضع آخر : مات سنة أربع وثمانين .

                                                                          وقال محمد بن سعد : مات بمصر سنة خمس وثمانين .

                                                                          [ ص: 201 ] وقال في موضع آخر : مات قبل وفاة أخيه عبد الملك بسنة .

                                                                          وقال أبو سعيد بن يونس : كان مروان بن الحكم استخلفه على مصر ، وقت خروجه منها في رجب سنة خمس وستين ، فلم يزل بها إلى أن توفي ، وكانت وفاته كما حدثنا علي بن الحسن بن قديد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن يحيى بن بكير ، عن الليث ليلة الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة ، سنة ست وثمانين .

                                                                          روى له أبو داود حديثا واحدا ، وقد وقع لنا بعلو عنه .

                                                                          أخبرنا به : أبو الفرج بن قدامة ، وأبو الغنائم بن علان ، وأحمد بن شيبان ، قالوا : أخبرنا حنبل ، قال : أخبرنا ابن الحصين ، قال : أخبرنا ابن المذهب ، قال : أخبرنا القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن ، قال : حدثنا موسى - يعني ابن علي - قال : سمعت أبي يحدث ، عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شر ما في رجل شح هالع ، وجبن خالع " .

                                                                          رواه عن عبد الله بن الجراح ، عن أبي عبد الرحمن المقرئ ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية