الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 324 ] 3923 - (ع) : عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي ، أبو محمد الزهري ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأمه الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ، ويقال : صفية بنت عبد مناف بن زهرة .

                                                                          ولد بعد الفيل بعشر سنين ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وأحدا ، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان له من الإخوة : عبد الله ، والأسود ، وحمنن بنو عوف ، وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة ، ويقال : عبد عمرو فسماه النبي صلى الله عليه وسلم : عبد الرحمن .

                                                                          [ ص: 325 ] روى عن :النبي صلى الله عليه وسلم (ع) ، وعن عمر بن الخطاب (س) .

                                                                          روى عنه : ابنه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (خ م ق) ، وأنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم (م س) ، وبجالة بن عبدة (خ د ت س) ، وجابر بن عبد الله ، وجبير بن مطعم ، وابنه حميد بن عبد الرحمن بن عوف (ت س) ، ورداد الليثي (بخ د) ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة (خ م س) ، وعبد الله بن عباس (خ م د ت ق) ، وعبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن قارظ والد إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ، وابنه عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، وغيلان بن شرحبيل ، وقبيصة بن ذؤيب ، وقيس بن أبي حازم - وقيل : لم يسمع منه - ومالك بن أوس بن الحدثان (م) ، ومحمد بن جبير بن مطعم ، وابن ابنه المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (س) ، وابن أخته المسور بن مخرمة (بخ) ، وابنه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، ونوفل بن إياس الهذلي (تم) ، وابنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                                          قال الزبير بن بكار : شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه في غزوة تبوك ، وهو صاحب الشورى ، وكان اسمه عبد عمرو فأسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الرحمن ، وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة .

                                                                          [ ص: 326 ] وذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى. ، وقال : يكنى أبا محمد ، وأمه الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ، قالوا : وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها .

                                                                          وقال أبو عبد الله بن منده : أمه العنقاء وهي الشفاء بنت عوف ، وكان رجلا طويلا حسن الوجه ، رقيق البشرة فيه جنأ أبيض مشربا حمرة لا يغير شيبه .

                                                                          وقال ضمرة بن ربيعة ، عن أبي همام سعد بن حسن : أمه العنقاء ، وهي الشفاء بنت عوف وكانت مهاجرة .

                                                                          وقال الحاكم أبو أحمد : أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة ، ويقال : الشفاء بنت عوف ، شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، ومات وهو عنه راض ، وآخى بينه وبين سعد بن الربيع الخزرجي ، وله أخوان : عبد الله والأسود ، أسلما جميعا في الفتح .

                                                                          وقال عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن سعيد بن زياد ، عن حسن بن عمر ، عن سهلة بنت عاصم : كان عبد الرحمن بن عوف أبيض ، أعين ، أهدب الأشفار ، أقنى ، طويل النابين الأعليين ، وربما أدمى نابه شفته ، له جمة أسفل من أذنيه ، أعنق ، ضخم الكفين ، غليظ الأصابع .

                                                                          وقال زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد بن إسحاق : كان ساقط الثنيتين ، أهتم ، أعسر ، أعرج ، وكان أصيب يوم أحد فهتم وجرح عشرين جراحة أو أكثر ، أصابه بعضها في رجله فعرج .

                                                                          [ ص: 327 ] وقال الواقدي ، عن محمد بن صالح ، عن يزيد بن رومان : أسلم عبد الرحمن بن عوف قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم ، وقبل أن يدعو فيها .

                                                                          وقال معمر ، عن الزهري : تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف ثم تصدق بأربعين ألف دينار ، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله ، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله ، وكان عامة ماله من التجارة .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج بن قدامة في جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حيويه ، وأبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق ، قالا : أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : أخبرنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا معمر ، فذكره .

                                                                          وقال حميد الطويل ، عن أنس بن مالك : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام ، فقال خالد لعبد الرحمن : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم " .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، وأبو الغنائم بن علان ، وأحمد بن شيبان ، قالوا : أخبرنا حنبل ، قال : أخبرنا ابن الحصين ، قال : أخبرنا ابن المذهب ، قال : أخبرنا القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن [ ص: 328 ] أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الملك ، قال : حدثنا زهير - يعني : ابن معاوية - قال : حدثنا حميد الطويل ، فذكره .

                                                                          وقال الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : مرض عبد الرحمن بن عوف فظننا أنه لما به ، فأغمي عليه ، فخرجت أم كلثوم فصرخت عليه ، فلما أفاق قال : أغمي علي ؟ قلنا : نعم ، قال : أتاني رجلان فقالا : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين فأخذا بيدي فانطلقا بي فلقيهما رجل ، فقال : أين تنطلقان بهذا ؟ قالا : ننطلق به إلى العزيز الأمين ، قال : لا تنطلقا به ، فإنه ممن سبقت له السعادة في بطن أمه .

                                                                          ومناقبه وفضائله كثيرة جدا .

                                                                          قال خليفة بن خياط ، وعمرو بن علي ، وغير واحد : مات سنة اثنتين وثلاثين .

                                                                          زاد بعضهم : وهو ابن خمس وسبعين سنة .

                                                                          وقال الذهلي ، عن يحيى بن بكير : مات سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين .

                                                                          وقال ابن البرقي : مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين فيما أخبرنا ابن بكير ويقال : توفي سنة ثلاث وثلاثين . وصلى عليه عثمان بن عفان ، ويقال : صلى عليه الزبير بن العوام ويقال : ابنه .

                                                                          وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : مات سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين وله خمس وسبعون سنة ، وقيل : اثنتان وسبعون سنة .

                                                                          [ ص: 329 ] وقال غيره : مات وهو ابن ثمان وسبعين سنة .

                                                                          وقيل غير ذلك في تاريخ وفاته ومبلغ سنه .

                                                                          وقال عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه : صولحت امرأة عبد الرحمن بن عوف من نصيبها ربع الثمن على ثمانين ألفا .

                                                                          وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : أصاب كل امرأة من نساء عبد الرحمن بن عوف ربع الثمن ثمانون ألفا .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية