الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          3788 - (خ 4) : عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، القرشي ، المخزومي ، أبو محمد المدني ، ابن عم عكرمة بن أبي جهل بن هشام ، ووالد أبي بكر بن عبد الرحمن ، وإخوته ، ولد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أحد الرهط الذين أمرهم عثمان بكتابة المصاحف .

                                                                          روى عن : أبيه الحارث بن هشام ، وذكوان مولى عائشة (س) ، [ ص: 40 ] وعثمان بن عفان (س) ، وعلي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، ونافع مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (س) ، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي هريرة (س) ، وحفصة (س) ، وعائشة (خ س) ، وأم سلمة : أمهات المؤمنين .

                                                                          روى عنه : عامر الشعبي (س) ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وعبد الرحمن بن سعد المقعد ، وابناه عكرمة بن عبد الرحمن ، والمغيرة بن عبد الرحمن ، وهشام بن عمرو الفزاري ، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب (س) ، وابنه أبو بكر بن عبد الرحمن (خ س) ، وأبو عياض (س) ، وأبو قلابة الجرمي (س) .

                                                                          قال أحمد بن عبد الله العجلي : مدني ، تابعي ، ثقة .

                                                                          وقال الدارقطني : مدني ، جليل يحتج به .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : أم عبد الرحمن بن الحارث وأخته أم حكيم بنت الحارث : فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، وليس للحارث بن هشام ولد إلا من عبد الرحمن ، ومن أم حكيم ، كانت تحت عكرمة بن أبي جهل ، فقتل عنها يوم اليرموك شهيدا ، فخلف عليها خالد بن سعيد بن العاص ، فقتل عنها يوم مرج الصقر شهيدا ، فتزوجها عمر بن الخطاب ، فولدت له فاطمة بنت عمر ، فتزوج فاطمة عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، فولدت له عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد ، فلعبد الله عقب .

                                                                          وقال في موضع آخر في أولاد الزبير بن العوام : وأم حسن بنت [ ص: 41 ] الزبير تزوجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة ، فولدت له عبد الله ، وأبا سلمة ، والحارث ، وعياشا ، وعائشة ، وأم الزبير ، وأم سعيد وعاتكة ، وأم كلثوم ، وأسماء ، بني عبد الرحمن .

                                                                          وقال محمد بن سعد ، فيمن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولم يحفظ عنه شيئا : عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي ، يكنى أبا محمد .

                                                                          قال الواقدي : أحسبه كان ابن عشر سنين ، حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توفي في خلافة معاوية ، وروى عن عمر ، وكان في حجره .

                                                                          وقال محمد بن سعد في موضع آخر : فولد الحارث بن هشام : عبد الرحمن ، وأم حكيم ، تزوجها عكرمة بن أبي جهل ، ثم خلف عليها عمر بن الخطاب ، فولدت له فاطمة ، وأمها فاطمة بنت الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وكان عبد الرحمن بن الحارث من أشراف قريش ، والمنظور إليه ، وله دار بالمدينة ربة ، يعني : كثيرة الأهل .

                                                                          وقال في موضع آخر : أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني أبي ، عن أبي بكر بن عثمان المخزومي من آل يربوع : أن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، كان اسمه إبراهيم ، فدخل على [ ص: 42 ] عمر بن الخطاب في ولايته حين أراد أن يغير اسم من تسمى بأسماء الأنبياء ، فغير اسمه فسماه عبد الرحمن ، فثبت اسمه إلى اليوم .

                                                                          قال محمد بن سعد : ومات أبوه الحارث بن هشام في طاعون عمواس ، سنة ثماني عشرة ، فخلف عمر بن الخطاب على امرأته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، وهي أم عبد الرحمن بن الحارث ، فكان عبد الرحمن في حجر عمر ، وكان يقول : ما رأيت ربيبا خيرا من عمر بن الخطاب ، وتوفي عبد الرحمن بالمدينة في خلافة معاوية ، وكان رجلا شريفا سخيا ، وكان قد شهد الجمل مع عائشة ، وكانت عائشة تقول : لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من الولد ، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه : سمع عائشة تذكر عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، قالت : كان رجلا سريا له من صلبه اثنا عشر رجلا .

                                                                          وقال الزبير بن بكار أيضا : أخبرني محمد بن الضحاك ، عن أبيه ، قال : لما رفع زياد من الكوفة حجر بن الأدبر الكندي وأصحابه ، وكانوا اثنى عشر ، بعثت عائشة أم المؤمنين عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية ، فوجده قد قتل حجر بن الأدبر ، وخمسة من أصحابه ، فقال له عبد الرحمن : أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر [ ص: 43 ] وأصحابه ، ألا حبستهم في السجون ، وعرضتهم للطاعون ؟ قال : حين غاب عني مثلك من قومي .

                                                                          قال : وكان عثمان بن عفان قد وقف عليهم في مجلسهم ، فقال : إنه ليسرني ما أرى من جمال أمركم ، أو نحو هذا من الكلام ، فقال له بعضهم : فلو زوجت بعضنا يا أمير المؤمنين .

                                                                          قال : إن خطب إلي عبد الرحمن ، قال عبد الرحمن : فأنا أخطب إليك ، فزوجه ابنته .

                                                                          وقال في موضع آخر : أخبرني عمي مصعب بن عبد الله ، قال : زعموا أن عثمان بن عفان ، وقف على مجلس بني مخزوم ، فذكر نحو ذلك ، وقال : فزوجه مريم ، فولدت لعبد الرحمن جارية اسمها مريم .

                                                                          قال الزبير : وكان عبد الرحمن من أشراف قريش ، وشهد الدار ، فارتث جريحا ، وكان له خمس عشرة بنتا ، فلما أتي به صحن ، وصاح معهن غيرهن ، فمر بهن عمار بن ياسر ، فاستمع ثم مضى ، وهو يقول :


                                                                          ذوقوا كما ذقنا غداة محجر من الحر في أكبادنا والتحوب

                                                                          يريد بذلك أن أبا جهل قتل أمه ، وما كانوا يعذبونه في الجاهلية ، وكان إذا مر بدار عبد الرحمن بن الحارث ، وضع يده عليها وقال : إنها محمومة ، يريد : إنها عثمانية .

                                                                          وقال الزهري : حدثنا أنس بن مالك : أن عثمان بن عفان ، أمر زيد بن ثابت ، وسعيد بن العاص ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوا المصاحف ، وقال : إذا [ ص: 44 ] اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوا بلسان قريش ، فإن القرآن نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى كتبوا المصاحف .

                                                                          قال أبو حاتم بن حبان في التابعين من كتاب " الثقات " : مات سنة ثلاث وأربعين .

                                                                          روى له الجماعة ، سوى مسلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية