الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          3750 - (م د) : عبد الرحمن بن آدم البصري، المعروف بصاحب السقاية، مولى أم برثن، ويقال : برثم، ويقال له : ابن أم برثن; لأنها تبنته، وهي امرأة من بني ضبيعة، وربما قيل له : ابن برثن .

                                                                          روى عن : جابر بن عبد الله (م) ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي هريرة (د) ، ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمه .

                                                                          [ ص: 506 ] روى عنه : سليمان التيمي (م) ، وعوف الأعرابي (د) ، وقتادة بن دعامة ، وأبو العالية الرياحي ، وأبو الورد بن ثمامة .

                                                                          قال عباس الدوري، عن يحيى بن معين : عبد الرحمن بن برثن وابن برثم سواء.

                                                                          وقال البخاري : قال عمرو بن علي : قال ولد عبد الرحمن : هو عبد الرحمن بن برثن، وقال يحيى بن موسى، عن أبي داود، عن أبي خلدة، عن أبي العالية : دخلنا على عبد الرحمن بن برثن.

                                                                          وقال الدارقطني : عبد الرحمن بن آدم، إنما نسب إلى آدم أبي البشر، ولم يكن له أب يعرف .

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".

                                                                          [ ص: 507 ] وقال أبو الحسن المدائني : استعمل عبيد الله بن زياد عبد الرحمن ابن أم برثن، ثم غضب عليه فعزله وأغرمه مائة ألف، فخرج إلى يزيد.

                                                                          فذكر عبد الرحمن : أنه لما صار من دمشق على مرحلة، قال : فنزلت وضرب لي خباء وحجرة، فإني لجالس إذا كلب سلوقي قد دخل في عنقه طوق من ذهب يلهث، فأخذته وطلع رجل على فرس، فلما رأيته هبته، فأدخلته الحجرة، وأمرت بفرسه فجرد، فلم ألبث أن توافت الخيل، فإذا هو يزيد بن معاوية، فقال لي بعدما صلى : من أنت؟ وما قصتك؟ فأخبرته، فقال : إن شئت كتبت لك من مكانك، وإن شئت دخلت، قلت : بل تكتب لي من مكاني، فأمر، فكتب لي إلى عبيد الله بن زياد : أن رد عليه مائة ألف، فرجعت، قال : وأعتق عبد الرحمن يومئذ في المكان الذي كتب له فيه الكتاب ثلاثين مملوكا، وقال لهم : من أحب أن يرجع معي فليرجع، ومن أحب أن يذهب فليذهب.

                                                                          وكان عبد الرحمن نبالة، قال : ورمى غلاما له يوما بسفود، فأخطأ الغلام وأصاب رأس ابنه، فنثر دماغه، فخاف الغلام حين قتل عبد الرحمن ابنه بسببه أن يقتله، فدعاه فقال : يا بني اذهب فأنت حر، فما أحب أن ذلك كان بك; لأني رميتك متعمدا، فلو قتلتك هلكت، وأصبت ابني خطأ، ثم عمي عبد الرحمن بعد ومرض، فدعا الله في مرضه ذلك أن لا يصلي عليه الحكم، ومات من مرضه، وشغل الحكم ببعض أموره فلم يصل عليه، وصلى عليه [ ص: 508 ] الأمير قطن بن مدرك فيما يقال، وكان شأن عبد الرحمن فيما ذكر جويرية بن أسماء : أن أم برثن كانت امرأة من بني ضبيعة تعالج الطيب، وتخالط آل عبيد الله بن زياد، فأصابت غلاما لقطة فربته وتبنته حتى أدرك، وسمته عبد الرحمن، فكلمت نساء عبيد الله بن زياد، فكلمن عبيد الله فيه، فولاه، فكان يقال له : عبد الرحمن بن أم برثن، كما يقال : فيروز حصين.

                                                                          روى له مسلم حديثا، وأبو داود آخر، وقد وقع لنا كل واحد منهما بعلو.

                                                                          أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، وأبو الغنائم بن علان، وأحمد بن شيبان، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد، قال : حدثني أبي، قال : حدثنا يزيد، قال : حدثنا سليمان يعني التيمي، عن أبي نضرة، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : "ما منكم من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ" .

                                                                          وبه قال : حدثنا يزيد، قال : أخبرنا سليمان، عن عبد الرحمن صاحب السقاية، عن جابر بن عبد الله مثله، فسر جابر : نقصان من العمر.

                                                                          [ ص: 509 ] رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بالإسنادين جميعا، فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                          ورواه أيضا من حديث معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه.

                                                                          وأخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، قال : أنبأنا القاضي أبو المكارم اللبان، وأبو جعفر الصيدلاني، قالا : أخبرنا أبو علي الحداد، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر، قال : حدثنا يونس بن حبيب، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي، قال : حدثنا هشام، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم; لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، وإنه يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويفيض المال حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام، وحتى يهلك الله في زمانه مسيح الضلالة الأعور الكذاب، ويقع الأمنة في الأرض حتى يرعى الأسد مع الإبل، والنمر مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات، ولا يضر بعضهم بعضا، ثم يبقى في الأرض أربعين سنة، ثم يموت، ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه ".

                                                                          رواه أبو داود، عن هدبة بن خالد، عن همام، عن قتادة نحوه.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية