الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء


                                                                          3884 - (ع) : عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن [ ص: 525 ] الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طي بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الطائي ، أبو طريف ، ويقال : أبو وهب الجواد ابن الجواد ، له صحبة ، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة سبع .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم (ع) ، وعن عمر بن الخطاب (خ م) .

                                                                          روى عنه : بلال بن المنذر الحنفي (ر) ، وتميم بن طرفة الطائي (م د س ق) ، وثابت البناني ، وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي (خ م ت س ق) ، وسعيد بن جبير (ت س) ، وعامر الشعبي (ع) ، وعباد بن حبيش الكوفي (ت) ، وعبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي (س) ، وعبد الله بن معقل بن مقرن المزني (خ م) ، [ ص: 526 ] وعمرو بن حريث . (خ) ، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، والقاسم بن عبد الرحمن الدمشقي (ت) ، وقثم بن عبد الرحمن ، وقيس بن أبي حازم ، ومحل بن خليفة الطائي (خ س) ، ومحمد بن سيرين ، ومري بن قطري (4) ، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص (ت) ، وهمام بن الحارث (ع) ، وأبو عبيدة بن حذيفة بن اليمان .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة ، قال : واسم طيئ جلهمة وإنما سمي طيئا لأنه أول من طوى المنازل ، ويقال : أول من طوى بئرا .

                                                                          قال : وأمه النوار بنت ثرملة بن برعل بن خثيم بن أبي حارثة بن جدي بن تدول بن بحتر بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل .

                                                                          قال : وكان حاتم من أجود العرب يكنى أبا سفانة وكان عدي بن حاتم يكنى أبا طريف .

                                                                          وقال أبو بكر ابن البرقي : يكنى أبا وهب ، ويقال : أبا طريف ، له نحو عشرين حديثا .

                                                                          وقال أبو بكر الخطيب : كان نصرانيا فلما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث أصحابه إلى جبلي طيئ ، حمل أهله إلى الجزيرة فأنزلهم بها ، وأدرك المسلمون أخته في حاضر طيئ فأخذوها وقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثت عنده ثم أسلمت ، وسألته أن يأذن لها في المصير إلى أخيها عدي ففعل وأعطاها قطعة من تبر فيها عشرة مثاقيل ، فلما قدمت على عدي أخبرته أنها قد أسلمت وقصت عليه قصتها ، فقدم عدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم نزع وسادة كانت تحته فألقاها له حتى جلس عليها ، وسأله عن أشياء فأجابه عنها ، ثم أسلم وحسن [ ص: 527 ] إسلامه ، ورجع إلى بلاد قومه ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وارتدت العرب ثبت عدي وقومه على الإسلام ، وجاء بصدقاتهم إلى أبي بكر الصديق ، وحضر فتح المدائن ، وشهد مع علي الجمل وصفين والنهروان ، ومات بعد ذلك بالكوفة ويقال : بقرقيسيا .

                                                                          وقال الشعبي : لما كانت الردة ، قال القوم لعدي بن حاتم : أمسك ما في يديك فإنك إن تفعل تسود الخليفتين ، فقال : ما كنت لأفعل حتى أدفعها إلى أبي بكر بن أبي قحافة ، فجاء به إلى أبي بكر فدفعه إليه .

                                                                          وقال الواقدي ، عن عتبة بن جبيرة ، عن حصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ : لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحج سنة عشر قدم المدينة فأقام حتى رأى هلال المحرم سنة إحدى عشرة فبعث المصدقين في العرب ، فبعث على أسد وطيئ عدي بن حاتم .

                                                                          قال : وكان عدي بن حاتم أحزم رأيا وأفضل في الإسلام رغبة ممن كان فرق الصدقة في قومه ، فقال لقومه : لا تعجلوا فإنه إن يقم لهذا الأمر قائم ألفاكم ولم يفرق الصدقة ، وإن كان الذي تظنون فلعمري إن أموالكم بأيديكم لا يغلبكم عليها أحد فسكتهم بذلك . وأمر ابنه أن يسرح نعم الصدقة ، فإذا كان المساء روحها ، وإنه جاء بها ليلة عشاء فضربه ، وقال : ألا عجلت بها ، ثم أراحها الليلة الثانية فوق ذلك قليلا ، فجعل يضربه ، وتكلموا فيه ، فلما كان اليوم الثالث ، قال : يا بني إذا سرحتها فصح في أدبارها وأم بها المدينة فإن لقيك لاق من قومك أو من غيرهم فقل : أريد الكلأ تعذر علينا ما حولنا . فلما جاء الوقت الذي كان يروح فيه ، لم يأت الغلام ، فجعل أبوه يتوقعه ، ويقول لأصحابه : العجب لحبس ابني ، فيقول بعضهم : نخرج يا أبا طريف فنتبعه ، فيقول : لا معي [ ص: 528 ] والله . فلما أصبح تهيأ ليغدو ، فقال قومه : نغدو معك ، فقال : لا يغدون منكم أحد ، إنكم إن رأيتموه حلتم بيني وبين أن أضربه ، وقد عصى أمري كما ترون ، أقول له : تروح الإبل لسفر قليلة ، يأتي بها عتمة ، وليلة يغرب بها ، فخرج على بعير له سريعا حتى لحق ابنه ثم حدر النعم إلى المدينة ، فلما كان ببطن قناة لقيته خيل لأبي بكر الصديق عليها عبد الله بن مسعود ، ويقال : محمد بن مسلمة - قال الواقدي : وهو أثبت عندنا - فلما نظروا إليه ابتدروه فأخذوه وما كان معه ، وقالوا له : أين الفوارس الذين كانوا معك ؟ فقال : ما معي أحد . فقالوا : بلى لقد كان معك فوارس فلما رأونا تغيبوا . فقال ابن مسعود أو محمد بن مسلمة : خلوا عنه ، فما كذب وما كذبتم ، أعوان الله كانوا معه ولم يرهم . فكانت أول صدقة قدم بها على أبي بكر الصديق ، قدم عليه بثلاث مائة بعير .

                                                                          وقال الشعبي ، عن عدي بن حاتم : أتيت عمر بن الخطاب في أناس من قومي فجعل يفرض للرجل من طيئ في ألفين ويعرض عني ، فاستقبلته ، فقلت : يا أمير المؤمنين أتعرفني ؟ قال : فضحك حتى استلقى لقفاه ، ثم قال : نعم ، والله إني لأعرفك آمنت إذ كفروا ، وعرفت إذ أنكروا ، ووفيت إذ غدروا ، وأقبلت إذ أدبروا ، وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم أخذ يعتذر ، ثم قال : إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة ، وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق .

                                                                          وقال الواقدي ، عن أسامة بن زيد بن أسلم ، عن نافع مولى بني [ ص: 529 ] أسد بن عبد العزى ، عن نابل مولى عثمان بن عفان وكان حاجبه ، قال : جاء عدي بن حاتم إلى باب عثمان بن عفان وأنا عليه ، فنحيته عنه ، فلما خرج عثمان إلى الظهر عرض له ، فلما رآه عثمان رحب به وانبسط إليه ، فقال عدي : انتهيت إلى بابك وقد عم إذنك الناس فحجبني عنك ، فالتفت إلي عثمان فانتهرني وقال : لا تحجبه واجعله أول من تدخله ، فلعمري إنا لنعرف حقه وفضله ورأي الخليفتين فيه وفي قومه ، فقد جاءنا بإبل الصدقة يسوقها والبلاد تضطرم كأنها شعل النار من أهل الردة ، فحمده المسلمون على ما رأوا منه .

                                                                          وقال محمد بن خليفة الطائي ، عن عدي بن حاتم : ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء .

                                                                          وقال سعيد بن شيبان الطائي ، عن أبيه : قال عدي بن حاتم : ما جاء وقت صلاة قط إلا وقد أخذت لها أهبتها ، وما جاءت إلا وأنا إليها بالأشواق .

                                                                          وقال محمد بن سيرين ، عن عدي بن حاتم : إن معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى ، وإن منكركم اليوم معروف زمان ما أتى ، وإنكم لن تبرحوا بخير ما دمتم تعرفون ما كنتم تنكرون ومنكرون ما كنتم تعرفون ، وما دام عالمكم يتكلم بينكم غير مستخف .

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان الفارسي في أسامي أمراء علي يوم الجمل ، قال : وجعل على خيل قضاعة ورجالاتها عدي بن حاتم . وذكره أيضا في أمراء علي يوم صفين .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن مهدي ، عن سعيد بن عبد الرحمن : فقئت [ ص: 530 ] عين عدي بن حاتم بصفين .

                                                                          وقال غير واحد : يوم الجمل ، وهو الصحيح .

                                                                          وقال عبد الله بن جعفر المخرمي ، عن عمران بن مناح : حضر عدي بن حاتم الدار يوم قتل عثمان ، فلما خرج الناس يقولون : قتل عثمان قتل عثمان ، قال عدي : لا تحبق في قتله عناق حولية .. !! فلما كان يوم الجمل فقئت عينه وقتل ابنه محمد مع علي وقتل ابنه الآخر مع الخوارج ، فقيل له : يا أبا طريف هل حبقت في قتل عثمان عناق حولية ؟ فقال : بلى وربك ، والتيس الأعظم .

                                                                          وقال المفضل بن غسان الغلابي ، عن قمامة أبي زيد العبدي : نظر علي بن أبي طالب إلى عدي - يعني : يوم الجمل - كئيبا حزينا ، فقال : ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ فقال : وما يمنعني يا أمير المؤمنين وقد قتل ابني وفقئت عيني ؟ فقال : يا عدي بن حاتم إنه من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر ، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله .

                                                                          وقال عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، عن أبيه ، عن جده : كان عندنا في الحي مأدبة فرأيت فيها ثلاثة رجال عور كأن وجوههم بيض النعام لم أر صفحة وجوه أحسن منها . قال : قلت : يا أبة سمهم لي . قال : جرير بن عبد الله البجلي ، والأشعث بن قيس الكندي ، وعدي بن حاتم الطائي .

                                                                          قال أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين : قالوا : وعاش عدي بن حاتم مائة وثمانين سنة .

                                                                          [ ص: 531 ] وقال خليفة بن خياط : مات بالكوفة زمن المختار ، وهو ابن عشرين ومائة سنة .

                                                                          وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : مات سنة ست وستين .

                                                                          وقال محمد بن سعد : مات زمن المختار سنة ثمان وستين ، وهو ابن عشرين ومائة سنة .

                                                                          وقال جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة الضبي : خرج عدي بن حاتم ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وحنظلة الكاتب من الكوفة فنزلوا قرقيسيا ، وقالوا : لا نقيم ببلدة يشتم فيها عثمان .

                                                                          قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري : أنا رأيت قبورهم بقرقيسيا .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية