الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          3660 - (م ت س ق) : عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ القرشي المخزومي ، أبو زرعة الرازي ، مولى عياش بن مطرف بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، أحد الأئمة المشهورين ، والأعلام المذكورين ، والجوالين المكثرين ، والحفاظ المتقنين .

                                                                          روى عن : إبراهيم بن شماس السمرقندي (فق) ، وإبراهيم بن موسى الرازي ، وأحمد بن حنبل ، وأحمد بن يونس (س) ، وإسحاق بن محمد العدوي ، وإسحاق بن موسى الأنصاري ، وبشار بن موسى الخفاف ، وبيان بن عمرو البخاري ، وثابت بن محمد الشيباني الزاهد ، وجعفر بن حميد الكوفي ، وحامد بن يحيى البلخي ، وحرملة بن يحيى التجيبي ، والحسن بن بشر البجلي (ت) ، والحسن بن الربيع البوراني (فق) ، وأبي عمر حفص بن عمر الحوضي ، والحكم بن موسى القنطري (ق) ، وخلف بن هشام البزار ، وخلاد بن موسى السلمي ، وداود بن رشيد الخوارزمي ، والربيع بن سليمان المرادي ، والربيع بن يحيى الأشناني ، وأبي خيثمة زهير بن حرب النسائي ، وسعيد بن محمد الجرمي ، وسنيد بن داود المصيصي (ق) ، وسهل بن بكار الدارمي [ ص: 90 ] وسهل بن تمام بن بزيع ، وشاذ بن فياض اليشكري ، وصالح بن حاتم بن وردان ، وصفوان بن صالح الدمشقي (فق) ، والصلت مسعود الجحدري ، وأبي عاصم الضحاك بن مخلد ، وأبي نعيم ضرار بن صرد الطحان ، وظليم بن حطيط الجهضمي الدبوسي وهو من أقرانه ، والعباس بن الوليد بن صبح الخلال ، والعباس بن الوليد بن مزيد البيروتي ، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرئ ، وعبد الله بن صالح العجلي ، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وعبد الحميد بن بكار البيروتي ، وأبي بكر عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي (س) ، وعبد الرحيم بن مطرف السروجي (س) ، وأبي الشعثاء علي بن الحسن بن سليمان الحضرمي (ق) ، وعلي بن عبد الحميد المعني (س) ، وعمرو بن علي الفلاس ، وعمرو بن هاشم البيروتي ، وعمران بن أبي جميل الدمشقي ، وعيسى بن مينا المدني قالون ، وغالب بن حلبس بن محمد الكلبي ، وغسان بن الفضل السجستاني ، وغسان بن مالك السلمي ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ، وأبي كامل الفضيل بن الحسين الجحدري ، وقبيصة بن عقبة (ت) ، وقتيبة بن سعيد ، وقرة بن حبيب القنوي ، .وكثير بن عبيد المذحجي ، وكثير بن يحيى بن كثير البصري ، ومحمد بن أميمة الساوي (ق) ومحمد بن حميد الرازي ، ومحمد بن سعيد بن سابق القزويني ، ومحمد بن الصلت الأسدي (ت) ، وأبي ثابت محمد بن عبيد الله المديني (سي) ، ومحمد بن عوف الطائي الحمصي ، ومسلم بن إبراهيم ، والمعافى بن سليمان الرسعني ، ومنجاب بن الحارث التميمي (فق) ، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل ، ونصر بن علي الجهضمي ، ونصير بن الفرج ، وهدية بن عبد الوهاب المروزي ، وهشام بن خالد الأزرق (ق) ، وأبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، والوليد بن [ ص: 91 ] عقبة الدمشقي ، ويحيى بن عبد الله بن بكير (م) ، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي .

                                                                          روى عنه : مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وإبراهيم بن إسحاق الحربي وهو من أقرانه ، وإبراهيم بن محمد بن عبيد ، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن حامد الطوسي ، وأحمد بن محمد بن الحسن بن أبي حمزة الذهبي ، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن معاوية الرازي الكاغدي ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سليمان التستري ، وإسحاق بن موسى الأنصاري وهو من شيوخه ، وتميم بن عبد الله الرازي ، وحرملة بن يحيى وهو من شيوخه ، وخالد بن روح بن أبي حجير الثقفي ، وأبو سليمان داود بن الوسيم البوشنجي ، والربيع بن سليمان المرادي وهو من شيوخه ، وسعيد بن عمرو البردعي ، وصالح بن محمد الأسدي ، الحافظ ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ، وابن أخيه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الرازي ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي وهو من أقرانه ، وعدي بن عبد الله الجرجاني والد أبي أحمد بن عدي ، وعلي بن أحمد البردعي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي ، وعمر بن عبد العزيز بن مقلاص المصري ، وعمرو بن علي الفلاس وهو من شيوخه ، والقاسم بن زكريا المطرز ، والقاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي وهو من أقرانه ، ومحمد بن الحسين بن الحسن القطان ، ومحمد بن حمدون بن خالد النيسابوري ، ومحمد بن حميد الرازي وهو من شيوخه ، [ ص: 92 ] وأبو عبد الله محمد بن صالح البغدادي ، وأبو جعفر محمد بن علي الساوي وراق أبي زرعة ، ومحمد بن عوف الطائي ، وهو من شيوخه ، ومحمد بن قارن ، وموسى بن العباس الجويني ، والنضر بن محمد ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني ، ويونس بن عبد الأعلى وهو من شيوخه .

                                                                          قال النسائي : ثقة .

                                                                          وقال أبو حاتم : إمام .

                                                                          وقال أبو بكر الخطيب : كان إماما ربانيا حافظا متقنا مكثرا صادقا ، قدم بغداد غير مرة وجالس أحمد بن حنبل وذاكره .

                                                                          وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي وكان كثير المذاكرة له ، فسمعت أبي يقول يوما : ما صليت غير الفرض استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على النوافل .

                                                                          وقال عبد الله بن أحمد في موضع آخر : قلت لأبي : يا أبة ، من الحفاظ ؟ قال : يا بني شباب كانوا عندنا من أهل خراسان وقد تفرقوا . قلت : من هم ؟ قال : محمد بن إسماعيل ذاك البخاري ، وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي ، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي ، [ ص: 93 ] والحسن بن شجاع ذاك البلخي .

                                                                          وقال عبد الله أيضا : سمعت أبي يقول : ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه ، ولا أحفظ من أبي زرعة .

                                                                          وقال الحسن بن أحمد بن الليث الرازي : سمعت أحمد بن حنبل يدعو الله لأبي زرعة .

                                                                          وقال الفضل بن العباس الرازي المعروف بفضلك الصائغ : دخلت المدينة فصرت إلى باب أبي مصعب ، فخرج إلي شيخ مخضوب ، وكنت أنا ناعسا ، فحركني ، وقال لي : يا مردريك من أين أنت ؟ أي شيء تنام ؟ فقلت : أصلحك الله ، من الري من بعض شاكردي أبي زرعة ، فقال : تركت أبا زرعة وجئتني ؟ ! لقيت مالك بن أنس وغيره فما رأت عيناي مثله .

                                                                          وقال فضلك الصائغ أيضا : دخلت على الربيع بمصر ، فقال لي : من أين أنت ؟ قلت : من أهل الري أصلحك الله ، من بعض شاكردي أبي زرعة ، فقال : تركت أبا زرعة وجئتني ، إن أبا زرعة آية وإن الله عز وجل إذا جعل إنسانا آية أبانه من شكله حتى لا يكون له ثان .

                                                                          وقال الحسن بن أحمد بن الليث أيضا : سمعت عبد الواحد بن غياث يقول : ما رأى أبو زرعة بعينه مثل نفسه أبدا .

                                                                          [ ص: 94 ] وقال محمد بن مسلم بن وارة : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : قرأت في كتاب إسحاق بن راهويه بخطه إلى أبي زرعة : إني أزداد بك كل يوم سرورا ، والحمد لله الذي جعلك ممن تحفظ سنته وهذا من أعظم ما يحتاج إليه الطالب اليوم .

                                                                          وقال سعيد بن عمرو البردعي : سمعت محمد بن يحيى النيسابوري يقول : لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زرعة ، وكان لهم مثل أبي زرعة ، وما كان الله ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة يعلم الناس ما جهلوه .

                                                                          وقال صالح بن محمد الأسدي ، عن أبي زرعة : أنا أحفظ عشرة آلاف حديث في القراءات .

                                                                          وقال أيضا : سمعت أبا زرعة يقول : كتبت عن إبراهيم بن موسى الرازي مائة ألف حديث ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة مائة ألف حديث .

                                                                          قال : فقلت له : بلغني أنك تحفظ مائة ألف حديث ، تقدر أن تملي علي ألف حديث من حفظك ؟ قال : لا ، ولكن إذا ألقي عني عرفت .

                                                                          [ ص: 95 ] وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : قلت لأبي زرعة : يكون ما كتبت عن إبراهيم بن موسى مائة ألف ؟ قال : مائة ألف كثير ، قلت : فخمسين ألفا ؟ قال : نعم ، وستين ألفا ، وسبعين ألفا ، أخبرني من عد الوضوء ، والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألف حديث .

                                                                          وقال أبو يعلى الموصلي : ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ إلا كان اسمه أكبر من رؤيته إلا أبو زرعة الرازي فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه ، وكان لا يري أحدا ممن هو دونه في الحفظ أنه أعرف منه ، وكان قد جمع الأبواب والشيوخ والتفسير وغير ذلك ، وكتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف .

                                                                          وقال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سليمان التستري : سمعت أبا زرعة يقول : ما سمع أذني شيئا من العلم إلا وعاه قلبي وإني كنت أمشي في سوق بغداد فأسمع من الغرف صوت المغنيات فأضع أصبعي في أذني مخافة أن يعيه قلبي .

                                                                          وقال أبو حاتم : حدثني أبو زرعة وما خلف بعده مثله علما وفقها وفهما وصيانة وصدقا ، وهذا ما لا يرتاب فيه ، ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله ، ولقد كان من هذا الأمر بسبيل .

                                                                          وقال في موضع آخر : رحم الله أبا زرعة كان والله مجتهدا في [ ص: 96 ] حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال أيضا : إذا رأيت الرازي وغيره ينتقص أبا زرعة فاعلم أنه مبتدع .

                                                                          وقال القاسم بن صفوان البردعي : سمعت أبا حاتم يقول : أزهد من رأيت أربعة : آدم بن أبي إياس ، وثابت بن محمد الزاهد ، وأبو زرعة ، وذكر آخر .

                                                                          وقال أبو جعفر التستري أيضا : سمعت أبا زرعة يقول : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول عندنا حق والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح أولى بهم ، وهم زنادقة .

                                                                          وقال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي : ما رأيت أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة ، وكذلك سائر العلوم ، ولكن خاصة حديث مالك .

                                                                          وقال أبو بكر البيهقي : حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الرازي يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن مسلم بن وارة يقول : كنت عند إسحاق بن إبراهيم بنيسابور ، فقال رجل من أهل العراق : سمعت أحمد بن حنبل يقول : صح من الحديث سبع [ ص: 97 ] مائة ألف حديث وكسر ، وهذا الفتى - يعني أبا زرعة - قد حفظ ست مائة ألف حديث .

                                                                          قال البيهقي : وإنما أراد والله أعلم ما صح من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقاويل الصحابة وفتاوى من أخذ عنهم من التابعين .

                                                                          وقال عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري الحافظ : كنا عند أبي زرعة ورجل من أهل الطرق قد جمع أحاديث من الغرائب الطنانات يسأله عنها وهو يجيب حتى عجز السائل وجهد أن يتوقف عن الجواب بحديث واحد فلم يقدر عليه ، فقال : أقول في أذنك شيئا ؟ قال : بلى ، فتقدم فأسمعه في أذنه ، فقال له أبو زرعة : الاشتغال بالعلم أولى بنا .

                                                                          وقال الحاكم أبو أحمد الحافظ : سمعت أحمد بن خالد الحروري يقول : دخل أبو زرعة بغداد متوجها إلى الحج فاجتمع إليه الحفاظ يذاكرونه وهو يجيب ويغلبهم في المذاكرة حتى عجزوا عن مذاكرته ، فقام واحد منهم ، قال في أذنه : يا دا نانا ، وشتمه بأقبح شتيمة ، فتبسم أبو زرعة ، وقال له : يا هذا اشتغل بالعلم فإن هذا بعيد مما نحن فيه .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة هو وأبو حاتم إماما خراسان .

                                                                          وقال محمد بن جعفر بن حمكويه : سئل أبو زرعة الرازي عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث ، هل حنث ؟ [ ص: 98 ] فقال : لا ، ثم قال أبو زرعة : أحفظ مائة ألف حديث كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد وفي المذاكرة ثلاث مائة ألف حديث .

                                                                          وقال أبو بكر محمد بن عمر الرازي الحافظ : لم يكن في هذه الأمة أحفظ من أبي زرعة الرازي ، كان يحفظ سبع مائة ألف حديث ، وكان يحفظ مائة وأربعين ألفا في التفسير والقراءات ، قال : وحفظ كتب أبي حنيفة في أربعين يوما فكان يسردها مثل الماء .

                                                                          قال : وكان لا يعرف سنجة عشرين من سنجة خمسة .

                                                                          وقال صالح بن محمد جزرة : قال لي أبو زرعة الرازي : مر بنا إلى سليمان الشاذكوني يوما حتى نذاكره .

                                                                          قال : فذهبنا جميعا إليه فما زال يذاكره حتى عجز الشاذكوني عن حفظه ، فلما أعياه الأمر ألقى عليه حديثا من حديث الرازيين فلم يعرفه أبو زرعة .

                                                                          فقال الشاذكوني : سبحان الله ألا تحفظ حديث بلدك ؟ هذا حديث مخرجه من عندكم ولا تحفظه ؟ ! وأبو زرعة ساكت والشاذكوني يخجله ويري من حضر أنه قد عجز عن الجواب ، فلما خرجنا رأيت أبا زرعة قد اغتم ويقول : لا أدري من أين جاء هذا الحديث ، فقلت له : إنه وضعه في الوقت كي لا يمكنك أن تجيب عنه فتخجل ، فقال أبو زرعة : هكذا قلت ، نعم فسري عنه .

                                                                          وقال سعيد بن عمرو البردعي : سمعت أبا زرعة الرازي يقول : دخلت البصرة فصرت إلى سليمان الشاذكوني يوم الجمعة وهو يحدث ، وهو أول مجلس جلست إليه .

                                                                          فقال : حدثنا يزيد بن زريع عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن جابر ، [ ص: 99 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من رجل يموت له ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم . فقلت للمستملي : ليس هذا من حديث عاصم بن عمر . هكذا رواه محمد بن إبراهيم ، فقال له ، فرجع إلى محمد بن إبراهيم .

                                                                          قال : وذكر في هذا المجلس أيضا ، قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن أبيه ، عن سعد بن إبراهيم ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه أنه قال : لا حلف في الإسلام .

                                                                          قال : فقلت : هذا وهم أوهم فيه إسحاق بن سليمان ، وإنما هو سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير ، قال : من يقول هذا ؟ قلت : حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء ، قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن أبيه ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير ، قال : فغضب ثم قال لي : ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة ؟ قلت : يعيد . قال : من قال هذا ؟ قلت : الشعبي . قال : من عن الشعبي ؟ قلت : حدثنا قبيصة عن سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، قال : ومن غير هذا ؟ قلت : إبراهيم .

                                                                          قال : من عن إبراهيم ؟ قلت : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا منصور بن أبي الأسود ، عن مغيرة عن إبراهيم ، قال : أخطأت ، قلت : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : أصبت ، قال أبو زرعة : كتبت هذه الأحاديث الثلاثة عن أبي نعيم فما طالعتها منذ كتبتها فاشتبه علي .

                                                                          ثم قال : وأي شيء غير هذا ؟ قلت : معاذ بن هشام ، عن أشعث ، عن الحسن . قال : هذا سرقته مني وصدق ، كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظته عنه .

                                                                          وقال أبو جعفر التستري أيضا : سمعت أبا زرعة يقول : إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته ، وإني أعلم في أي [ ص: 100 ] كتاب هو ، في أي ورقة هو ، في أي صفح هو ، في أي سطر هو .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم ، والفضل بن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة ، فذكر محمد بن مسلم حديثا وأنكر فضلك الصائغ ، فقال له : يا أبا عبد الله ليس هكذا هو . فقال : كيف هو ؟ فذكر رواية أخرى .

                                                                          فقال محمد بن مسلم : بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت . قال فضلك : فأبو زرعة الحاكم بيننا .

                                                                          فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة : أيش تقول أينا المخطئ ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب .

                                                                          فقال محمد بن مسلم : ما لك تسكت ، تكلم فجعل أبو زرعة يتغافل ، فألح عليه محمد بن مسلم ، وقال : لا أعرف لسكوتك معنى إن كنت أنا المخطئ فأخبر ، وإن كان هو المخطئ فأخبر .

                                                                          فقال : هاتوا أبا القاسم ابن أخي ، فدعي به فقال : اذهب فادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول ، والقمطر الثاني ، والقمطر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر .

                                                                          فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه ، فأخذ أبو زرعة فتصفح الأوراق فأخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم فقال : نعم غلطنا ، فكان ماذا ! .

                                                                          وقال عبد الرحمن : سمعت أبا زرعة يقول : سمعت من بعض المشايخ أحاديث ، فسألني رجل من أصحاب الحديث فأعطيته كتابي فرد علي الكتاب بعد ستة أشهر ، فانظر في الكتاب فإذا به قد غير في سبعة مواضع . قال أبو زرعة : فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده ، فقلت : ألا تتقي الله تفعل مثل هذا ؟ قال أبو زرعة : وأوقفته على موضع [ ص: 101 ] وأخبرته ، وقلت له : ما هذا الذي غيرت هذا الذي جعلت ابن أبي فديك ، فإنه عن أبي ضمرة مشهور ، وليس هذا من حديث ابن أبي فديك ، وأما هذا فإنه كذا أو كذا ، فإنه لا يجيء عن فلان ، وإنما هو كذا ، وأما كذا فكذا ، فلم أزل أخبره حتى أوقفته على كله ، ثم قال : أما إني قد حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ ولو لم أحفظه لكان لا يخفى علي مثل هذا ، فاتق الله يا رجل . فقلت له : من ذلك الرجل الذي فعل هذا ؟ فأبى أن يسميه .

                                                                          أخبرنا أبو العز الشيباني ، قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، قال : أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ ، قال : حدثنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن فضالة النيسابوري الحافظ بالري ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الرازي بنيسابور ، قال : سمعت أبا جعفر التستري يقول : حضرت أبا زرعة - يعني الرازي - بماشهران وكان في السوق وعنده أبو حاتم ، ومحمد بن مسلم ، والمنذر بن شاذان وجماعة من العلماء ، فذكروا حديث التلقين وقوله صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ، قال : فاستحيوا من أبي زرعة وهابوا أن يلقنوه ، فقالوا : تعالوا نذكر الحديث ، فقال محمد بن مسلم : حدثنا الضحاك بن مخلد ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن صالح ، وجعل يقول ولم يجاوز وقال أبو حاتم : حدثنا بندار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن صالح ولم يجاوز ، والباقون سكتوا .

                                                                          فقال أبو زرعة وهو في السوق : حدثنا بندار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عبد الحميد بن جعفر [ ص: 102 ] عن صالح بن أبي غريب ، عن كثير بن مرة الحضرمي ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، وتوفي رحمه الله .

                                                                          وقد كتبناه بعلو في ترجمة صالح بن أبي غريب .

                                                                          قال أبو سعيد بن يونس : كانت وفاته بالري آخر يوم من ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين .

                                                                          وقال أبو الحسين ابن المنادي : مات بالري يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء سلخ ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين ، وكان مولده سنة مائتين ، فمات وقد بلغ أربعا وستين سنة .

                                                                          وأخبرنا أبو العز قال : أخبرنا أبو اليمن ، قال : أخبرنا أبو منصور ، قال : أخبرنا أبو بكر الحافظ ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الله المعدل ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، قال : سمعت محمد بن مسلم بن وارة يقول : رأيت أبا زرعة في المنام ، فقلت له : ما حالك يا أبا زرعة ؟ قال : أحمد الله على الأحوال كلها ، إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى ، فقال لي : يا عبيد الله لم تذرعت القول في عبادي ؟ قلت : يا رب إنهم حاربوا دينك . فقال : صدقت ، ثم أتي بطاهر الخلقاني فاستعديت عليه إلى ربي تعالى فضرب [ ص: 103 ] الحد مائة ثم أمر به إلى الحبس ، ثم قال : ألحقوا عبيد الله بأصحابه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله : سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، وأحمد بن حنبل .

                                                                          قال أبو بكر الخطيب : حدث عنه حرملة بن يحيى المصري ، ومحمد بن الحسين القطان النيسابوري وبين وفاتيهما ثمان وثمانون سنة أو أكثر .

                                                                          أخبرنا الإمام أبو عبد الله أحمد بن حمدان بن شبيب الحراني ، قال : أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي ، قال : أخبرنا أبو الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم بن الفضل الثقفي بأصبهان ، قال : أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الحافظ ، قال : أخبرنا والدي أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ، عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، ومن تحول عافيتك ، ومن فجاءة نقمتك ، ومن جميع سخطك .

                                                                          رواه مسلم عن أبي زرعة ، فوافقناه فيه بعلو ولم يرو عنه في [ ص: 104 ] الصحيح غيره .

                                                                          وقد وقع لنا من حديث يحيى بن بكير أعلى من هذا بدرجة ، أخبرنا به أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا أبو الحسن الجمال ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ .

                                                                          (ح) : وأخبرنا أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أنبأنا محمد بن أبي زيد الكراني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه . قالا : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ، قال : حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو : اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، ومن تحول عافيتك ، ومن فجاءة نقمتك ، ومن جميع سخطك . فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين .

                                                                          ورواه أبو داود عن محمد بن عوف ، عن عبد الغفار بن داود الحراني ، عن يعقوب ، فوقع لنا عاليا بدرجتين .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية