واستبعدت هذه القراءة من حيث إن اللغة مبنية على تسهيل الهمز فكيف يتخيلون في قلب الحرف الخفيف إلى أثقل منه ؟ قلت : لا غرو في ذلك ، فقد قلبوا حرف العلة الألف والواو والياء همزة في مواضع لا تحصر إلا بعسر ، إلا أنه هنا ثقيل لاجتماع همزتين . قال أبو شامة : " وهذه قراءة ضعيفة ، فإن قياس اللغة الفرار من اجتماع همزتين إلى تخفيف إحداهما ، فكيف يتخيل بتقديم وتأخير يؤدي إلى اجتماع همزتين لم يكونا في الأصل ؟ هذا خلاف حكم اللغة . " .
وقال أبو بكر ابن مجاهد - وهو ممن على - : " قنبل وحده " ضئاء " بهمزتين في كل القرآن : الهمزة الأولى قبل الألف ، والثانية بعدها ، كذلك قرأت على ابن كثير وهو غلط ، وكان أصحاب قنبل البزي وابن فليح ينكرون هذا ويقرءون " ضياء " مثل الناس " . قلت : كثيرا ما يتجرأ على شيخه ويغلطه ، وسيمر بك مواضع من ذلك ، وهذا لا ينبغي أن يكون ، فإن أبو بكر بالمكان الذي يمنع أن يتكلم فيه أحد . قنبلا
وقوله في جانب الشمس " ضياء " لأن الضوء أقوى من النور ، وقد تقدم [ ص: 153 ] ذلك في أول البقرة . و " ضياء ونورا " يحتمل أن يكونا مصدرين ، وجعلا نفس الكوكبين مبالغة ، أو على حذف مضاف أي : ذات ضياء وذا نور . وضياء يحتمل أن يكون جمع " ضوء " كسوط وسياط ، وحوض حياض .
و " منازل " نصب على ظرف المكان ، وجعله على حذف مضاف : إما من الأول أي : قدر مسيره ، وإما من الثاني أي : قدره ذا منازل ، فعلى التقدير الأول يكون " منازل " ظرفا كما مر ، وعلى الثاني يكون مفعولا ثانيا على تضمين " قدر " معنى : صيره ذا منازل بالتقدير . وقال الشيخ بعد أن ذكر التقديرين ، ولم يعزهما الزمخشري : " أو قدر له منازل ، فحذف ، وأوصل الفعل إليه فانتصب بحسب هذه التقادير على الظرف أو الحال أو المفعول كقوله : للزمخشري والقمر قدرناه منازل وقد سبقه إلى ذلك أيضا . أبو البقاء
والضمير في " قدرناه " يعود على القمر وحده ؛ لأنه هو عمدة العرب في تواريخهم . وقال : " ويحتمل أن يريدهما معا بحسب أنهما يتصرفان في معرفة عدد السنين والحساب ، لكنه اجتزئ بذكر أحدهما كقوله تعالى : ابن عطية والله ورسوله أحق أن يرضوه وكما قال الشاعر :
2572 - رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئا ومن أجل الطوي رماني