الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1999 - أخبرنا حميد ثنا ابن أبي أويس ، عن مالك قال : " إذا بلغ تمر الحائط خمسة أوسق ، أخذ منه الزكاة ، ولم يترك لأهل الحائط شيء ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " ، فالصدقة تجب في خمسة أوسق ، فإذا ترك لأهل الحائط من الخمسة الأوسق ما يأكلون ، لم يكن فيما بقي صدقة ، ولم نر أحدا عمل بذلك " .

2000 - قال حميد : فهكذا السنة عندنا في خرص الثمار ، أن يحففه عنهم ، ويترك لهم قدر ما يأكله أرباب الثمار وأهلوهم وصرامهم وعمالهم ، ومن لصق بهم فكان معهم ، ومن مر بهم من الواطئة وهم السابلة ، سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين ، وهم الذين جاءت فيهم الآثار أن ابن السبيل يأكل من الثمار ، ولا يتخذ خبنة ، ولا يخرص عليهم إلا قدر ما يظن أنه يؤول إليه كيلها إذا يبست فصارت تمرا وزبيبا ، وسواء في ذلك بلغ خمسة أوسق أو أكثر من ذلك ، إنما يترك لهم ويخفف عنهم بقدر ما يأكلون ، ويخرص عليهم ما يصير إلى الكيل إذا يبس ، فإذا بلغ خمسة أوسق فصاعدا وجبت فيه الصدقة ، وإن نقص من ذلك فلا صدقة فيه وكذلك السنة عندنا في الذهب والورق ، ينفق منها صاحبها على نفسه وعياله ، ومن أحب من الناس من حول إلى حول ، فإذا جاء [ ص: 1076 ] الوقت الذي يزكي فيه ماله نظر إلى ما حصل في يده فأخرج زكاته ، وكذلك المواشي يذبح منها صاحبها لعياله وأضيافه ، ويبيع منها للنفقة ، ويتصدق ويهب من حول إلى حول ، فإذا جاء المصدق نظر إلى ما حصل في يده فأخرج فيه الصدقة ، وليس له أن يسأله عما أتلف منها ، وذلك لأن وقت صدقته طلوع المصدق عليه ، وربما أسرع إليه ، وربما أبطأ عنه ، فإذا جاءه أخذ بصدقة جميع ما يجد في يده ، من الكبار والصغار ، فكما كان له أن يأخذه بصدقة الصغار التي ولدت قبل مجيئه بيوم أو يومين ، فكذلك ليس له أن يسأل عما أتلف منها قبل مجيئه ، ببيع أو ذبح أو صدقة أو هبة ، إذا لم يكن ذلك من رب المال فرارا من الصدقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية