الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2028 - قال حميد : أحسن ما سمعنا في العسل ، والزيتون ، أنه ليس فيهما صدقة ، وذلك لأن السنة قد مضت بأنه لا صدقة إلا في الأصناف الأربعة : الحنطة ، والشعير ، والنخل ، والكرم ، وأن معاذا ، وأبا موسى حين بعثا إلى اليمن لم يأخذا إلا منهما ، وأن معاذا سئل عن العسل باليمن ، وهي من أكثر الأرضين عسلا ، فقال : لم أؤمر فيه بشيء ، وأنه ليس له ولا للزيتون ذكر في شيء من الصدقات . وأما حديث عمرو بن شعيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل ، من كل عشر قرب قربة من أوسطها وحديث بني شبابة ، أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحل ألف عليهم العشر ، فليسا بثابتين ، ولو كانا ثابتين لم يكن فيهما أيضا حجة ؛ لأنه قد بين لك أن بني شبابة هم الذين كانوا يؤدون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل أن رسول الله فرض ذلك عليهم ، فنرى أن ذلك كان شيئا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحمي لهم وادييهم ، ألا ترى أنهم لما أبوا أن يؤدوا من ذلك إلى عمر ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكرههم على ذلك ، وأباح وادييهم ؟ وذلك من أجل أن النحل ذباب غيث كما قال عمر يسوقه الله رزقا لمن يشاء من خلقه ، فإذا قام بتعاهده وإصلاحه بعض الناس دون بعض ، ورأى الإمام أن يأخذ منه شيئا يعود نفعه على المسلمين ويحميه لهم ، فعل ذلك وكان ذلك نظرا [ ص: 1096 ] منه له ولهم ، وعلى ذلك حديث أبي سيارة المتعي أيضا عندنا وأما حديث سعد بن أبي ذباب ، فإنه أخبرك أنه هو الذي قال لهم : في العسل زكاة ، فإنه لا خير في مال لا يزكى ولم يذكر أن عمر أمره بذلك ، فإنما وجه ذلك عندنا أنه وإياهم هم الذين رأوا ذلك ، وتطوعوا به ، فقبله عمر منهم ، كما قبل صدقة الخيل والرقيق من الذين تطوعوا بها ، ورزقهم مثلها . ومن أبين الحجج وأوضحها في العسل ، أنه لا صدقة فيه ، أنا لم نجد في شيء من الآثار أنه ليس فيما دون كذا من العسل صدقة ، فإذا بلغ كذا وكذا ففيه كذا وكذا ، كما وجدنا في العين والحرث والثمار والماشية ، ولم نجد له ذكرا في كتب الصدقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية