الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2049 - أخبرنا حميد أنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني [ ص: 1105 ] عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، أن عمر بن عبد العزيز ، " أمره فكتب السنة في مواضع الصدقة ، فكتب : هذه منازل الصدقات ومواضعها إن شاء الله ، فهي ثمانية أسهم : فسهم للفقراء ، وسهم للمساكين ، وسهم للعاملين عليها ، وسهم للمؤلفة قلوبهم ، وسهم في الرقاب ، وسهم للغارمين ، وسهم في سبيل الله ، وسهم لابن السبيل فسهم الفقراء نصفه لمن غزا منهم في سبيل الله أول غزاة حين يفرض لهم من الأمداد ، وأول عطاء يأخذونه ، ثم تقطع عنهم بعد ذلك الصدقة ويكون سهمهم في أعظم الفيء ، والنصف الباقي للفقراء ممن لا يغزو ، وللزمنى والفقراء والمكث الذين يأخذون العطاء إن شاء الله وسهم المساكين نصفه لكل مسكين به عاهة ، لا يستطيع حيلة ، ولا تقلبا في الأرض ، والنصف الباقي للمساكين الذين يسألون ويستطعمون ، ومن في السجون من أهل الإسلام ممن ليس له أحد إن شاء الله وسهم العاملين عليها : ينظر فمن سعى على أهل الصدقات بأمانة وعفاف أعطي على قدر ما ولي وجمع من الصدقة ، وأعطي عماله الذين سعوا معه على قدر ولايتهم وجمعهم ، ولعل ذلك يبلغ قريبا من ربع هذا السهم ، وهو الثمن من عظم الصدقة ، ويبقى من هذا السهم بعد الذي يعطى عمالته ثلاثة أرباع ، فيرد ما بقي على من يغزو من الأمداد والمشترط إن شاء الله [ ص: 1106 ] وسهم المؤلفة قلوبهم لمن يفرض له من أمداد الناس أول عطاء يعطونه ، ومن يغزو مشترطا لا عطاء له ، وهم فقراء ، ومن يحضر المساجد من المساكين الذين لا عطاء لهم ولا سهم ، ولا يسألون الناس إن شاء الله . وسهم الرقاب نصفان : نصف لكل مكاتب يدعي بالإسلام ، وهم على أصناف شتى ، فلفقهائهم في الإسلام فضيلة ، ولمن سواهم منهم منزلة أخرى ، على قدر ما أدى كل رجل منهم ، وما بقي عليه إن شاء الله والنصف الباقي يشترى به رقاب ممن قد صلى وصام وقدم في الإسلام من ذكر أو أنثى ، فيعتقون إن شاء الله . وسهم الغارمين على ثلاثة أصناف : منهم صنف لمن يصاب في سبيل الله في ماله وظهره ورقيقه ، وعليه دين ، ولا يجد ما يقضي ، ولا يستنفق إلا بدين ، ومنه صنفان لمن يمكث ولا يغزو ، فهو غارم قد أصابه فقر وعليه دين ، لم يكن منه شيء في معصية الله ، ولا يتهم في دينه إن شاء الله . وسهم في سبيل الله ، فمنه لمن فرض له ربع هذا السهم ، ومنه للمشترط الفقير ربعه ، ومنه لمن تصيبه الحاجة في ثغره ، وهو غاز في سبيل الله ثلث هذا السهم إن شاء الله .

وسهم ابن السبيل يقسم لكل طريق على قدر من يسكنها ويمر بها من الناس ، لكل رجل راجل من ابن السبيل ليس له مأوى ، ولا أهل يأوي إليهم ، ويطعم حتى يجد منزلا ، أو يقضي حاجته ، ويجعل في [ ص: 1107 ] منازل معلومة ، على أيدي أمناء ، لا يمر بهم ابن سبيل به حاجة ، إلا آووه ، وأطعموه ، وأعلفوا دابته ، حتى ينفد ما بأيديهم إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية