الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
240 - حدثنا حميد ثنا مسلم بن إبراهيم ، أنا سلام بن مسكين ، أنا ثابت البناني ، عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد على الخيل ، وقال : " يا أبا هريرة ، اهتف بالأنصار " ، فنادى : يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال [ ص: 202 ] : فكأنما كانوا على ميعاد ، ثم قال لهم : اسلكوا هذا الطريق ، فلا يشرفن أحد ، إلا أنمتموه فنادى مناد : لا قريش بعد اليوم . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من دخل دارا فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن . فلم يصب منهم يومئذ إلا أربعة ، وهزم الله المشركين ، فدخل الحرم ، وعمد صناديد قريش ، فدخلوا الكعبة ، فغص بهم البيت ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فطاف بالبيت وركع ركعتين خلف المقام ، ثم أخذ بجنبتي الباب ، فقال : " يا قريش ، ما تقولون وتظنون ؟ (قالوا) : نقول ونظن أنك أخ وابن عم حليم رحيم . قال : " وما تقولون وما تظنون ؟ " قالوا : نقول إنك أخ وابن عم حليم رحيم . قال : " ما تقولون وتظنون ؟ " قالوا : نقول : أخ وابن عم حليم رحيم . قال : " أقول كما قال أخي يوسف : ( لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) " . قال : فخرجوا فبايعوه على الإسلام ، ثم خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الباب الذي يلي الصفا ، فحمد الله وأثنى عليه بنصره وعونه . قال : فبينا هو كذلك قالت الأنصار بعضها لبعض : أما الرجل فأخذته رأفة بقومه ، وأدركته الرغبة في قرابته . قال : وأنزل الله تعالى القرآن على نبيه - عليه السلام - بما قالت الأنصار . فقال : " يا معشر الأنصار ، وتقولون : أما الرجل ، فأخذته الرأفة بقومه وأدركته الرغبة في قرابته ، فمن أنا إذا ؟ كلا والله ، إني لرسول الله حقا . وإن المحيا لمحياكم ، وإن الممات لمماتكم " . قالوا : يا نبي الله بأبينا أنت وأمنا ، ما قلنا ذلك إلا مخافة أن تفارقنا وتدعنا فقال لهم : " أنتم صادقون عند الله وعند رسوله " . قال : والله ما بقي منهم إنسان إلا بل نحره بدموع عينيه [ ص: 203 ] .

241 - حدثنا حميد قال قرأت على أبي عبيد : فقد صحت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أنه افتتح مكة عنوة ، وأنه من على أهلها ، فردها عليهم ولم يقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يجعلها فيئا . فرأى بعض الناس أن هذا الفعل جائز للأئمة بعده .

ولا نرى مكة يشبهها شيء من البلاد من جهتين :

إحداهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان الله تعالى قد خصه من الأنفال والغنائم ، بما لم يجعله لغيره فنرى هذا كان خالصا له .

والجهة الأخرى : أنه قد سن بمكة سننا ، لم يسنها لشيء من سائر البلاد .

وذكر حديث عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية