الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
505 - حدثنا حميد قال أبو عبيد : فقوله : " فاجتهدت في الفداء ، ثم خمست وقسمت " ينبئك أنه إنما افتداهم بالمال ، لا بافتكاك المسلمين من أيديهم ، وهذا رأي يترخص فيه ناس من الناس ، فأما أكثر العلماء ، فعلى الكراهة لأن يفادى (المشركون) بما يؤخذ منهم ويفدوا بالرجال لما في ذلك من القوة لهم . ومن كرهه الأوزاعي ، وسفيان ، ومالك بن أنس فيما يروى عنهم .

وقد رخص بعضهم في مفاداة نساء المشركين بالمال ، وكلهم يرى أنه يفادى الرجل والنساء بعضهم ببعض .

فأما الصبيان من أولاد المشركين ، فإنه يحكى عن الأوزاعي أنه [ ص: 327 ] كان لا يرى أن يردوا إليهم أبدا ، بفداء ، ولا غيره ، ويرى أن الصغير إذا صار في ملك المسلم ، فهو مسلم ، وإن كان معه أبواه جميعا ، وهما كافران ، ويقول : الملك أولى به من النسب .

وأما أهل العراق ، فإنهم لا يرون بمفاداة الصغير بأسا إذا كان معه أبواه ، أو أحدهما ؛ لأنهم يرونه على دينه إذا سبي معه .

والقول عندي في هذا ما قال الأوزاعي ، وما بال أبويه يكونان أحق به من سيده ، وهما ما داما مملوكين ، وهو مملوك ، فليس بينهما وبينه ولاية ، ولا ميراث ، وسيده أحق به منهما في محياه ومماته ، وجميع أحكامه ، وكذلك الدين ، بل أولى ؛ لأن الإسلام يعلو ، ولا يعلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية