الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
690 - أنا حميد قال أبو عبيد : ثم (كان بعد ذلك حدث) من أهل قبرس ، وهي جزيرة بين أهل الإسلام والروم ، قد كان معاوية (صالحهم وعاهدهم على خرج) يؤدونه . وهم مع هذا يؤدون إلى الروم خرجا أيضا فهم ذمة للفريقين كليهما ، فلم يزالوا على ذلك حتى كان زمن عبد الملك بن صالح على الثغور فكان منهم حدث أيضا أو [ ص: 422 ] من بعضهم رأى عبد الملك أن ذلك نكثا لعهدهم والفقهاء يومئذ متوافرون ، فكتب إلى عدة منهم يشاورهم في محاربتهم فكان ممن كتب إليه الليث بن سعد ، ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وموسى بن أعين ، وإسماعيل بن عياش ويحيى بن حمزة ، وأبو إسحاق الفزاري ، ومخلد بن حسين فكلهم أجابه على كتابه فوجدت رسائلهم إليه ، قد استخرجت من ديوانه فاختصرت منها المعنى الذي أرادوه وقصدوا له ، وقد اختلفوا عليه في الرأي إلا (أن) من أمره بالكف عنهم والوفاء لهم ، وإن غدر بعضهم ، أكثر ممن أشار بالمحاربة .

فكان مما كتب إليه الليث بن سعد : إن أهل قبرس لم نزل نتهمهم بالغش لأهل الإسلام والمناصحة للروم وقد قال الله - تبارك وتعالى - ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ) ولم يقل : لا تنبذ إليهم حتى تستيقن خيانتهم وإني أرى أن تنبذ إليهم ثم ينظروا سنة يأتمرون فمن أحب اللحاق منهم ببلاد المسلمين ، على أن يكون ذمة ، يؤدي الخراج ، فعل ، ومن أراد أن يتنحى إلى الروم فعل ومن أراد أن يقيم بقبرس على الحرب أقام فقاتلهم المسلمون كما يقاتلون عدوهم فإن في إنظار سنة قطعا لحجتهم ووفاء بعهدهم . [ ص: 423 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية