الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1610 - أنا أبو بكر ثنا حميد أنا علي بن الحسن ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، حدثني سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس فيما دون خمسة أوساق صدقة ، ولا فيما دون خمس أواق صدقة ، ولا فيما دون خمس ذود صدقة " .

1611 - أنا أبو بكر أنا حميد قال : قال أبو عبيد : فهذا لا خلاف فيه بين المسلمين ، أن الرجل إذا كان قد ملك في أول السنة من المال ، ما تجب في مثله الصدقة ، وذلك مائتا درهم ، أو عشرون دينارا ، أو خمس من الإبل ، أو ثلاثون من البقر ، أو أربعون من الغنم ، فإذا ملك [ ص: 911 ] واحدا من هذه الأصناف ، من أول الحول إلى آخره ، فالصدقة واجبة عليه في قول الناس جميعا وهذا هو الذي يسميه مالك بن أنس وأهل المدينة : نصاب المال ، وأهل العراق يسمونه : أصل المال فإن حال الحول ، والمال أكثر من ذلك النصاب والأصل ، فإن مالك بن أنس قال : عليه في الماشية زكاة جميع ما في يديه .

1612 - قال أبو أحمد : حدثني بذلك ، عنه ابن أبي أويس .

1613 - أنا أبو بكر أنا حميد قال : قال أبو عبيد : وهو قول الليث أيضا في الماشية أنا أبو بكر ، أنا حميد ، حدثناه عنه عبد الله بن صالح .

1614 - أنا أبو بكر ثنا حميد قال : قال أبو عبيد : فلا أدري ما كانا يقولان في الصامت [ ص: 912 ] وأما أهل العراق ، فيرون عليه الزكاة واجبة في جميع ذلك ، من الصامت والماشية ، وذلك ؛ لأن أصل الملك عندهم كان مما يجب في مثله الزكاة ، قالوا : فكذلك ما أضيف إليه كان مثله واحتجوا فيه بحديث عمر ، في اعتداده بالبهم والسخلة ، أنهما يحسبان مع الغنم ، يقولون : فقد علم أن السخلة لم يحل عليها الحول ، ولكنها لما أضيفت إلى ما يجب في مثله الصدقة لحقت به ، فشبه أهل العراق الصامت من المال بالماشية قياسا على قول عمر في البهم والسخال .

1615 - حدثنا أبو بكر أنا حميد قال : قال أبو عبيد : وأما أنا فالذي عندي الاتباع لما قال عمر في الماشية خاصة ، وأرى الدراهم والدنانير مفارقين لهما في التشبيه ، وذلك لخلتين من المرافق ، جعلتا لأهل المواشي في السنة ، ليس لأهل الورق والذهب منهما واحدة أما الأولى ، فإن ما بين الفريضتين من الأشناق والأوقاص في الماشية ، معفو لأهله عنه والخلة الأخرى هي التي فسرها عمر نفسه فقال : إنا ندع لكم الربى والماخض والفحل وشاة اللحم ، فاستجاز الاحتساب بالبهم عليهم ، لما أدخل لهم من الرفق ، هذا بذا وأن أهل الورق والذهب ليس لهم من هذا كله شيء ، وعليهم في مالهم الاستقصاء ، فلا يجوز أن يعطوا درهما ولا دينارا فيه خساسة مكان جيد ، وليس في مالهم شنق ولا وقص ، إنما هو ما زاد على المائتين أو عشرين مثقالا فعليهم بالحساب ، إلا في قول غير معمول به ، فبما يشبه [ ص: 913 ] أموال هؤلاء من أموال أولئك ؟ وقد افترقا في السنة والنظر جميعا على أن عمر إنما خص في حديثه الماشية خاصة ، وقد كان يأخذ زكوات الناس من الصامت ، ولم يأت عنه فيها من هذا شيء ، ونحن نخص ما خص ، ونعم ما عم وبهذا تواترت الآثار ، وهذا بيان ذلك وتفسيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية