الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1740 - حدثنا حميد قال : قال أبو عبيد : وهذا أحب إلي من قول من لا يرى عليه شيئا ، ومن قول من يرى عليه زكاة عامة ، وذلك لأن المال ، وإن كان صاحبه غير راج له ، ولا طامع فيه ، فإنه ماله وملك يمينه ، متى ثبته على غريمه بالبينة ، أو أيسر بعد إعدام ، كان حقه جديدا عليه ، فإن أخطأه ذلك في الدنيا فهو له في الآخرة ، وكذلك إن وجده بعد الضياع ، كان له دون الناس ، فلا أرى ملكه زال عنه على [ ص: 963 ] حاله ، ولو كان زال عنه لم يكن أولى به من غيره عند الوجدان ، فكيف يسقط حق الله عنه في هذا المال ، وملكه لم يزل عنه ؟ أم كيف يكون أحق به إن كان غير مالك له ؟ فهذا القول عندي داخل على من رآه مالا مستفادا ، وداخل على من رأى عليه زكاة عام واحد ، أن يقال له : ليس يخلو هذا المال من أن يكون كالمال يفيده تلك الساعة ، على مذهب أهل العراق ، فلينفد في ذلك ما يلزمهم من القول ، أو أن يكون كسائر ماله الذي لم يزل له ، فعليه زكاة ما مضى من السنين ، كقول علي ، وابن عباس ، فأما زكاة عام واحد فلا نعرف له وجها ، وليس القول عندي إلا على ما قالا : إنه يزكيه لما مضى ، وإنما يسقط عنه تعجيل إخراجها من ماله كل عام ؛ لأنه كان يائسا منه ، فأما وجوبها في الأصل فلا يسقط شيء ما دام لذلك ربا فهذا ما في تزكية الدين قبل القبض وبعده فإن لم يرد صاحبه شيئا من ذلك الأداء ، ولكنه أراد ترك الدين الذي هو عليه ، وأن يحتسبه من زكاة ماله الذي في يده ، فإن هذا قد رخص فيه بعض التابعين ، وهذا ذكر ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية