الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1761 - حدثنا حميد قال : قال أبو عبيد : أما ما ذكر في الماشية ، أن الصدقة لم تكن تؤخذ من ديونها ، فهو كما قال ، ولم يتنازع المسلمون في ذلك قط ، ولكن هذا نسي ما يدخل عليه ، أنه جعل الدين الصامت قياسا على الحيوان ، وقد فرقت السنة بينهما ، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث مصدقيه إلى الماشية ، فيأخذونها من أربابها بالكره منهم والرضا ؟ وكذلك كانت الأئمة بعده ، وعلى منع صدقة الماشية قاتلهم أبو بكر الصديق ، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من بعده ، أنهم استكرهوا الناس على صدقة الصامت ، إلا أن يأتوا بها غير مكرهين ، إنما هي أماناتهم يؤدونها أمانة حكم ، وهي فيما بينهم ، وعليهم فيها أداة العين والدين ، لأنها ملك أيمانهم ، وهم مؤتمنون عليها وأما الماشية ، فإنه حكم يحكم بها عليهم ، وإنما تقع الأحكام بين الناس على الأموال الظاهرة ، وهي فيما بينهم وبين الله على الظاهرة والباطنة جميعا ، فأي الحكمين أشد تباينا مما بين هذين الأمرين ؟ ومما يفرق بينهما أيضا ، أن رجلا لو مر بماله الصامت على عاشر فقال : ليس هو لي ، أو : قد أديت زكاته ، كان مصدقا على ذلك ، ولو أن رب الماشية قال للمصدق : قد أديت صدقة ماشيتي ، كان له أن لا يصدقه ، وأن يأخذ منه الصدقة ، في أشباه لهذا كثير . [ ص: 973 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية