الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
769 - حدثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا يونس بن محمد المؤدب ، ثنا صالح المري ، ثنا عمرو بن دينار ، عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :

" أما إنه سيطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة قال : فجاء سعد بن مالك فدخل فنظر إلينا فغبطناه ، ثم قال اليوم الثاني مثل ذلك ، فدخل سعد ، ثم قال اليوم الثالث مثل ذلك ، فدخل سعد فلم نشك فيه . قال عبد الله بن عمر : ما أنا بالذي أنتهي حتى أبايت هذا الرجل فأنظر إليه وما عمله ؟ قال : فأتيته بعد العشاء الآخرة فضربت عليه الباب فخرج إلي فرحب وكناني وقال : ابن أخي ما جاء بك ؟ قال : قلت : حاجة ، قال : فنقضيها أو تدخل ، قلت : بل أدخل قال : فدخلت فثنى لي عباءة فاضطجعت عليها قريبا منه فجعلت أرمقه ليلي جمعا ، كلما تعار سبح وكبر وهلل وحمد الله تبارك وتعالى حتى إذا قام في وجه السحر قام فتوضأ من الماء ، ثم قام فدخل المسجد فصلى ثنتي [ ص: 341 ] عشرة ركعة باثنتي عشرة سورة من المفصل . ليس من طواله ولا من قصاره يدعو في كل ركعتين بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث دعوات : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، اللهم اكفنا ما همنا من أمر آخرتنا ودنيانا ، إنا نسألك من الخير كله ، ونعوذ بك من الشر كله ، فاستقللت صلاته وقراءته ودعاءه وظننت أنه منعه مكاني أن يصنع شيئا قد كان يصنعه ، فأبت نفسي إلا معاودته ، فعاودته في مثل الساعة التي أتيت فيها قال : فخرج إلي ورحب بي وقال : يا ابن أخي لعل بينك وبين أحد من أهلك شيء قلت : لا والله يا عم ما بيني وبين أهلي إلا خير ، قال : فهات حاجتك قلت : نعم ، سوف ، قال : فتدخل ؟ قلت : نعم ، فصنع مثل ما صنع في الليلة الماضية ، فأبت نفسي أن تطيب حتى عاودته الثالثة فصنع مثل ذلك من الدعاء ، ومثل ذلك من القرآن ، ومثل تلك الركعات ، قال : فجاء فقال : الصلاة ، فقمت فانطلقت أنا وهو فصلينا صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا خف الناس قمت إليه فقلت أي عم ، حاجتي التي بت عندك ؟ قال : نعم وما هي ؟ قلت : إنما بت عندك ليزيدني الله منك ، ومن صلاة ومن دعاء ، وقد استقللت ما كان منك وظننت أنه منعك مكاني أن تصنع شيئا كنت تصنعه ، فقال : وإنما بت عندي من أجل ذلك ؟ ! ولست ضعيفا مقصرا ، هو ما رأيت قلت : إني أذكرك الله تبارك وتعالى وأخلاق الإسلام أمنعك مكاني أن تصنع شيئا كنت تصنعه ؟ فقال : اللهم لا ، فلما قمت ناداني ارجع يا ابن أخي خصلة أخرى آخذ مضجعي وليس في قلبي غم على أحد من المسلمين ، قال ابن عمر : هذه بلغت بها .


[ ص: 342 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية