الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            21 - باب ما أحرزه المشركون على المسلمين ، والمشرك يسلم قبل أن يؤسر .

                                                            3634 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر أحمد بن الحسن ، وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين أن قوما غاروا ، فأصابوا امرأة من الأنصار ، وناقة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت المرأة والناقة عندهم ، ثم انقلبت المرأة ، فركبت الناقة ، فأتت المدينة ، فعرفت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني نذرت لئن نجاني الله عليها لأنحرنها ، فمنعوها أن تنحرها حتى يذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " بئس ما جزيتها ! إن نجاك الله عليها أن تنحريها لا نذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم " ، وقالا : معا أو أحدهما في الحديث ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته " .

                                                            [ ص: 404 ] قال الشيخ : ورواه علي بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، وقال فيه أيضا : وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ، وخلى عن المرأة .

                                                            3635 - قال الشافعي رحمه الله : فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته بعد ما أحرزها المشركون وأحرزتها الأنصارية على المشركين .

                                                            3636 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا سعدان بن نصر ، أخبرنا أبو معاوية ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر أن غلاما له لحق بالعدو على فرس له ، فظهر عليها خالد بن الوليد ، فردهما عليه .

                                                            ورواه عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، فبين في الحديث رد الفرس عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد العبد بعد النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                            وروينا عن أبي بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم ما دل على أن مالكيه أحق به قبل القسم ، وبعده .

                                                            3637 - وأما الذي رواه الحسن بن عمارة ، عن عبد الملك الرزاز ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن وجدت بعيرك قبل أن يقسم فخذه ، وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته " فإن الحسن بن عمارة متروك ، والذين تابعوه على ذلك ضعفاء ، وأما الرواية في معناه عن تميم بن طرفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، والذي روي فيه عن عمر مرسل ، وكذلك عن زيد بن ثابت .

                                                            3638 - وأما حديث عروة بن أبي مليكة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " من أسلم على شيء ، فهو له " فهو مرسل ، وغلط فيه ياسين بن الفرات الزيات ، فأسنده من وجه آخر ، وليس بشيء ، والمراد به إن صح : من أسلم على شيء يجوز له ملكه ، فهو ملكه ، وهو كحديث :

                                                            3639 - ليث بن أبي سليم ، عن علقمة ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في أهل الذمة : " لهم ما أسلموا عليه من أموالهم ، وعبيدهم ، وديارهم ، وأرضهم وماشيتهم ليس عليهم فيه إلا الصدقة " .

                                                            [ ص: 405 ]

                                                            3640 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، أخبرنا أبو شيخ الحراني ، أخبرنا موسى بن أعين ، عن ليث بن أبي سليم ، فذكره .

                                                            3641 - وشاهد حديث الصخر بن العيلة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم ، وأموالهم " ، وهذا كله فيمن أسلم قبل وقوعه في الأسر ، وفي معنى هذا قصة ابني شعبة ، فإنهما أسلما ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، محاصر بني قريظة ، فأحرز لهما إسلامهما أنفسهما ، وأموالهما من النخل والأرض وغيرها " .

                                                            3642 - وفي معنى هذا حديث ابن عباس قال : لقي ناس من المسلمين رجلا في غنيمة له ، فقال : السلام عليكم ، فأخذوه ، وقتلوه ، وأخذوا تلك الغنيمة فنزلت : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا } وقرأها ابن عباس : { السلام } .

                                                            3643 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم ، أخبرنا أحمد بن سلمة ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، فذكره .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية