الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            14925 وعن زيد بن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد المدينة فجعل يقول : " أين فلان ابن فلان ؟ " فلم يزل يتفقدهم ، ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده ، فقال : " إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه ، وحدثوا به من بعدكم : إن الله اصطفى من خلقه خلقا " ثم تلا هذه الآية : ( الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ) " خلقا يدخلهم الجنة ، وإني مصطف منكم من أحب أن أصطفيه ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة ، قم يا أبا بكر " فقام حتى جثا بين يديه فقال : " إن لك عندي يدا ، الله يجزيك بها ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي " وحرك قميصه بيده .

                                                                                            ثم قال : " ادن يا عمر " فدنا عمر فقال : " قد كنت شديد الشغب علينا أبا حفص فدعوت الله يعز الدين بك أو بأبي جهل ففعل الله ذلك بك ، فكنت أحبهما إلي فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة " ثم تنحى بينه وبين أبي بكر .

                                                                                            ثم دعا عثمان بن عفان فقال : ادن مني يا عثمان " فلم يزل يدن منه حتى ألصق ركبتيه بركبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نظر إلى السماء فقال : " سبحان الله العظيم " ثلاث مرات ، ثم نظر إلى عثمان فإذا إزاره محلولة ، فزررها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ثم قال : اجمع عطفي ردائك على حقوك فإن لك شأنا في أهل السماء ، أنت ممن يرد علي الحوض ، وأوداجك تشخب دما ، فأقول من فعل هذا بك ؟ فتقول : فلان وفلان ، وذلك كلام جبريل رضي الله عنه ، إذ هتف من السماء : ألا إن عثمان أمين على كل خاذل " .

                                                                                            ثم دعا عبد الرحمن بن عوف وقال : ادن يا أمين الله ، والأمين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق ، أما إن لك عندي دعوة وقد أخرتها " قال : خر لي يا رسول الله ، قال : " قد حملتني يا عبد الرحمن أمانة ، أكثر الله مالك " وجعل يحرك يده ، ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان .

                                                                                            ثم دخل طلحة والزبير فقال : " ادن مني " فدنوا منه ، فقال : " أنتما حواريي كحواري عيسى ابن مريم عليه السلام " ثم آخى بينهما .

                                                                                            ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال : " يا عمار تقتلك الفئة الباغية " ثم آخى بينهما .

                                                                                            ثم دعا عويمر أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال : " يا سلمان أنت منا أهل البيت ، وقد أتاك الله العلم الأول والعلم الآخر والكتاب الأول والكتاب الآخر " ثم قال : " ألا أرشدك يا أبا الدرداء ؟ قال : بلى بأبي وأمي أنت يا رسول الله ، قال : إن تنقدهم ينقدوك ، وإن تتركهم لا يتركوك ، وإن تهرب منهم يدركوك ، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك " فآخى بينهما .

                                                                                            ثم نظر في وجوه أصحابه فقال : " أبشروا وأقروا عينا فأنتم أول من يرد علي الحوض ، وأنتم في أعلى الغرف .

                                                                                            ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال : " الحمد لله الذي يهدي من الضلالة " . فقال علي : يا رسول الله ، ذهب روحي ، وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت مع أصحابك غيري ، فإن كان من سخط علي فلك العتبى والكرامة ، فقال : " والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى ووارثي " قال : يا رسول الله ، ما إرثي منك ؟ قال : " ما أورثت الأنبياء " قال : وما أورثت الأنبياء قبلك ؟ قال : " كتاب الله وسنة نبيهم ، فأنت معي في قصري في الجنة - مع فاطمة - ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي " ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( إخوانا على سرر متقابلين ) ، " الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض
                                                                                            " .

                                                                                            رواه الطبراني والبزار بنحوه إلا أنه قال في عثمان : " أمير على كل مخذول " ، وقال في أبي الدرداء : " ألا أرشوك " بدل " أرشدك " وقال فيه : " فأقرضهم عرضك ليوم فقرك واعلم أن الجزاء أمامك " ، وفي إسنادهما من لم أعرفهم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية