الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) نزع الخفين ، لأنه إذا نزعهما فقد سرى الحدث السابق إلى القدمين ، ثم إن كان محدثا ، يتوضأ بكماله ، ويصلي ، وإن لم يكن محدثا يغسل قدميه لا غير ، ولا يستقبل الوضوء ، وللشافعي قولان : في قول مثل قولنا .

                                                                                                                                وفي قول يستقبل الوضوء وجهه أن الحدث قد حل ببعض أعضائه ، والحدث لا يتجزأ فيتعدى إلى الباقي ( ولنا ) أن الحدث السابق هو الذي حل بقدميه وقد غسل بعده سائر الأعضاء ، وبقيت القدمان فقط ، فلا يجب عليه إلا غسلهما ، وهو مذهب عبد الله بن عمر ، وكذلك إذا نزع أحدهما أنه ينتقض مسحه في الخفين ، وعليه نزع الباقي ، وغسلهما لا غير إن لم يكن محدثا ، والوضوء بكماله إن كان محدثا وعن إبراهيم النخعي فيه ثلاثة أقوال : في قول مثل قولنا ، وفي قول : لا شيء عليه إذ لا يعقل حدثا ، وفي قول يستقبل الوضوء وجه هذا القول أن الحدث لا يتجزأ فحلوله بالبعض كحلوله [ ص: 13 ] بالكل .

                                                                                                                                وجه القول الآخر أن الطهارة إذا تمت لا تنتقض إلا بالحدث ، ونزع الخف لا يعقل حدثا ( ولنا ) أن المانع من سراية الحدث إلى القدم استتارها بالخف وقد زال بالنزع فسرى الحدث السابق إلى القدمين جميعا لأنهما في حكم الطهارة كعضو واحد فإذا وجب غسل إحداهما وجب الأخرى ولو أخرج القدم إلى الساق انتقض مسحه ، لأن إخراج القدم إلى الساق إخراج لها من الخف ، ولو أخرج بعض قدمه ، أو خرج بغير صنعه روى الحسن عن أبي حنيفة أنه إن أخرج أكثر العقب من الخف انتقض مسحه ، وإلا فلا .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أنه إن أخرج أكثر القدم من الخف انتقض ، وإلا ، فلا ، وروي عن محمد أنه إن بقي في الخف مقدار ما يجوز عليه المسح بقي المسح ، وإلا انتقض وقال بعض مشايخنا : إنه يستمشي فإن أمكنه المشي المعتاد بقي المسح ، وإلا فينتقض .

                                                                                                                                وهذا موافق لقول أبي يوسف ، وهو اعتبار أكثر القدم ; لأن المشي يتعذر بخروج أكثر القدم ، ولا بأس بالاعتماد عليه ; لأن المقصد من لبس الخف هو المشي فإذا تعذر المشي انعدم اللبس فيما قصد له ; ; ولأن للأكثر حكم الكل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية