الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وذكر الحاكم في المختصر أن الإمام إذا أحدث وقدم رجلا لم يشهد الخطبة فأحدث قبل الشروع لم يجز .

                                                                                                                                ولو قدم هذا الرجل محدثا آخر قد شهد الخطبة لم يجز ; لأنه ليس من أهل إقامة الجمعة بنفسه فلا يجوز منه الاستخلاف ، وبمثله لو قدم جنبا قد شهد الخطبة فقدم هذا الجنب رجلا طاهرا قد شهد الخطبة جاز ; لأن الجنب الذي شهد الخطبة من أهل الإقامة بواسطة الاغتسال فيصح منه الاستخلاف .

                                                                                                                                ولو كان المقدم صبيا أو معتوها أو امرأة أو كافرا فقدم غيره ممن شهد الخطبة لم يجز تقديمه بخلاف الجنب ، والفرق أن الجنب أهل لأداء الجمعة ; لأنه قادر على اكتساب أهلية الأداء بإزالة الجنابة والحدث عن نفسه فكان هذا استخلافا لمن له قدرة القيام بما استخلف عليه فصح كما في سائر المواضع التي يستخلف فيها ، فإذا قدم هو غيره صح ; لأنه استخلفه بعد ما صار خليفة فكان له ولاية الاستخلاف بخلاف الصبي والمعتوه والمرأة فإن الصبي والمعتوه ليسا من أهل أداء الجمعة والمرأة ليست من أهل إمامة الرجال ولا قدرة لهم على اكتساب شرط الأهلية فلم يصح استخلافهم إذ الاستخلاف شرع إبقاء للصلاة على الصحة ، واستخلاف من لا قدرة له على اكتساب الأهلية غير مفيد فلم يصح ، وإذا لم يصح استخلافهم كيف يصح منهم استخلاف ذلك الغير فإذا تقدم ذلك الغير فكأنه تقدم بنفسه لالتحاق تقدمهم بالعدم شرعا .

                                                                                                                                ولو تقدم بنفسه في هذه الصلاة لا يجوز بخلاف سائر الصلوات حيث لا يحتاج فيها إلى التقديم ، والفرق أن إقامة الجمعة متعلقة بالإمام [ ص: 266 ] والمتقدم ليس بمأمور من جهة السلطان أو نائبه فلم يجز تقدمه ، فأما سائر الصلوات فإقامتها غير متعلقة بالإمام ، وبخلاف ما إذا استخلف الكافر مسلما فأدى الجمعة لا يجوز وإن كان الكافر قادرا على اكتساب الأهلية بالإسلام ; لأن هذا من أمور الدين وهو يعتمد ولاية السلطنة ولا يجوز أن يثبت للكافر ولاية السلطنة على المسلمين فلم يصح استخلافه بخلاف المحدث والجنب والله أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية