الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : من كان له نصاب ماشية من غنم فأفاد قبل أن يحول عليها الحول إبلا ، يجب في مثلها الزكاة أو لا يجب في مثلها الزكاة ، إنما عليه أن يزكي الغنم وحدها وليس عليه أن يضيف الإبل إلى الغنم ، ولكن إن كانت الإبل مما تجب في مثلها الزكاة زكاها إذا مضى لها سنة من يوم أفاد الإبل ، قال : وإنما تضاف الغنم إلى الغنم والبقر إلى البقر والإبل إلى الإبل ، إذا كان الأصل الذي كان عند ربها - قبل أن يفيد هذه الفائدة - نصاب ماشية ، فإنه يضيف ما أفاد من صنفها إليها إذا كان الأصل نصابا فيزكي جميعها ، وإن لم يفد الفائدة قبل أن يحول الحول إلا بيوم زكاه مع النصاب الذي كان له .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك فيمن أفاد ماشية وله نصاب ماشية ، أفادها بعد الحول قبل أن يأتيه المصدق : أنه يزكي ما أفاد بعد الحول مع ماشيته إذا كان ذلك قبل أن يأتيه المصدق ، فإن أتاه المصدق وماشيته مائتا شاة وشاة فنزل به الساعي فهلكت منها شاة قبل أن يسعى عليه وبعدما نزل به، فإنه يزكي على ما بقي ولا يزكي على ما مات منها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلو [ ص: 365 ] كانت عنده ثلاثون شاة فورث قبل أن يأتيه الساعي بيوم عشرة من الغنم ؟ فقال : لا زكاة عليه في شيء من هذه حتى يحول الحول من يوم أفاد العشرة .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟ فقال لي : لأن هذه الثلاثين لم تكن نصابا ، ولأن الفائدة لم تكن ولادة الغنم ، وإنما الفائدة ههنا غنم غير هذه ولا تشبه هذه الفائدة ما ولدت الغنم لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا كانت له نصاب ماشية تجب فيها الزكاة ، فلما كان قبل الحول بيوم رجعت إلى ما لا زكاة فيها ، ثم أفاد من يومه ذلك ما إن ضمنه إليها كانت فيها الزكاة ؟ فقال : لا زكاة فيها .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الفائدة ليست منها ، ولأنها لما رجعت إلى ما لا زكاة فيها قبل أن يحول عليها الحول ، فكأنه لم يكن له في الأصل غيرها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن لم يكن هلك منها قبل الحول شيء ولكنها حال عليها الحول فزكاها ، ثم هلك بعضها فرجعت إلى ما لا زكاة فيها ثم أفاد قبل الحول من يوم زكاها ما إن جمعها إليها وجبت فيها الزكاة ، أيضمنها إليها ويزكي جميعها أم لا ؟ فقال : لا زكاة عليه فيها إذا انتقصت الأولى مما تجب فيه الزكاة بعدما زكاها أو قبل أن يزكيها ، ولكنه يضم الأولى إلى الفائدة الآخرة ثم يستقبل بهما حولا من يوم أفاد الفائدة الآخرة ، فإن جاء الحول وفيهما ما تجب فيها الزكاة زكاهما ، وإن حال الحول وفيهما ما لا تجب فيه الزكاة ثم أفاد فائدة أخرى ، ضم المالين جميعا إلى الفائدة الآخرة واستقبل بهذا المال كله حولا من يوم أفاد الفائدة الآخرة ، وكذلك الدنانير والدراهم والإبل والبقر .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟ فقال : نعم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية