الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والعدل ) ولو قنا مفضولا ( أولى ) بالإمامة ( من الفاسق ) ، وإن كان حرا فاضلا لعدم الوثوق به في المحافظة على الشروط ولخبر الحاكم وغيره { إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم ، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم } ، وإنما صحت لخبر الشيخين أن ابن عمر كان [ ص: 180 ] يصلي خلف الحجاج ، قال الإمام الشافعي : وكفى به فاسقا . وتكره خلفه وخلف مبتدع لا يكفر ببدعته ، وإمامة من يكرهه أكثر القوم لمذموم فيه شرعا . ويحرم على الإمام كما قاله الماوردي نصب الفاسق إماما في الصلوات ; لأنه مأمور بمراعاة المصالح وليس منها أن يوقع الناس في صلاة مكروهة ، ويؤخذ منه حرمة نصب كل من يكره الاقتداء وناظر المسجد كالوالي في تحريم ذلك كما لا يخفى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إن سركم ) أي أردتم ما يسركم ( قوله : فإنهم وفدكم ) أي الواسطة بينكم وبين ربكم . وفي المواهب قال النووي : الوفد الجماعة [ ص: 180 ] المختارة للتقدم في لقي العظماء واحدهم وافد . انتهى .

                                                                                                                            وذلك ; لأنه سبب في حصول ثواب الجماعة للمأمومين ، وهذا يتفاوت بتفاوت أحوال الأئمة . وفي ابن حجر وفي مرسل { صلوا خلف كل بر وفاجر } ويعضده ما صح أن ابن عمر كان يصلي إلخ ( قوله : وتكره خلفه ) أي الفاسق ، وإذا لم تحصل الجماعة إلا بالفاسق والمبتدع لم يكره الائتمام طب م ر ا هـ سم على منهج . ( قوله : وإمامة من يكرهه أكثر القوم إلخ ) أي يكره له أن يتقدم ليصلي إماما ، وقضيته أنه لا يكره الاقتداء به حيث كان عدلا ، ولا يلزم من ارتكابه المذموم نفي العدالة .

                                                                                                                            ثم رأيت في شرح الجامع الكبير للمناوي رحمه الله عند قوله صلى الله عليه وسلم { أيما رجل أم قوما وهم له كارهون لم تجز صلاته } إذ فيه ما نصه : أي فيحرم عليه أن يؤمهم إن اتصف بشيء من هذه الأوصاف : أي بأن كان فيه أمر مذموم شرعا كوال ظالم ، ومن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها ، أو لا يتحرز عن النجاسة ، أو يمحو هيئات الصلاة ، أو يتعاطى معيشة ذميمة ، أو يعاشر الفساق ونحوهم .

                                                                                                                            وكرهه الكل لذلك كما في الروضة ونص عليه الشافعي ، فإن كرهه أكثرهم كره له . وعلم من هذا التقرير أن الحرمة أو الكراهة إنما هي في حقه ، أما المقتدون الذين يكرهونه فلا تكره لهم الصلاة خلفه . وظن بعض أعاظم الشافعية أن المسألتين واحدة وهم . ا هـ . ونقل عن حواشي الروض لوالد الشارح التصريح بالحرمة على الإمام فيما لو كرهه كل القوم وعبارته نصها : هذه الكراهة للتنزيه كما صرح به ابن الرفعة والقمولي وغيرهما بخلاف ما إذا كرهه كلهم فإنها للتحريم كما نقله في الروضة كأصلها في الشهادات عن صاحب العدة ، ونص عليه الشافعي فقال : ولا يحل لرجل أن يؤم قوما وهم يكرهونه ، والإسنوي ظن أن المسألتين واحدة فقال : وهذه الكراهة للتحريم كما نقله الرافعي في الشهادات عن صاحب العدة .

                                                                                                                            ونقله في الحاوي عن الشافعي وذكر لفظه المتقدم وتبعه على ذلك جماعة . ا هـ بحروفه . أقول : والحرمة مفهوم تقييد الشارح الكراهة بكونها من أكثر القوم ( قوله : أكثر القوم ) مفهومه عدم الكراهة عند الاستواء ، وقوله لمذموم فيه شرعا يؤخذ منه أن مرتكب خارم المروءة لا يكره الاقتداء به ولا تكره له الإمامة ، وقد يتوقف في أخذ ذلك مما ذكر بل القياس الكراهة ، بل قد يقال : إن خارم المروءة مذموم شرعا ، ومن ثم حرم على من كان محتملا لشهادة ارتكاب ما يخل بمروءته لئلا ترد شهادته ( قوله : لمذموم فيه شرعا ) أما لو كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل اللوم عليهم ( قوله : ويؤخذ منه حرمة نصب إلخ ) أي ولا تصح توليته كما قاله حج وعبارته بعد قول المصنف وحسن الصوت إلخ : والراتب من ولاه الناظر ولاية صحيحة بأن لم يكره الاقتداء به أخذا مما مر عن الماوردي المقتضى عدم الصحة ; لأن الحرمة فيه من حيث التولية . ا هـ . ومعلوم أنه حيث لم تصح توليته لا يستحق ما رتب الإمام ( قوله : وناظر المسجد ) أي إذا كانت التولية له .




                                                                                                                            الخدمات العلمية