الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            قال : وهل يعيد المصلي جماعة مع جماعة يدركها ؟ فيه نظر ا هـ .

                                                                                                                            وقضية التشبيه في الأم أنه يعيدها على الأصح ، وإنما نص على المنفرد ; لأنه محل وفاق وجريا على الغالب ، ثم ما قيل من أن تجويز الزيادة لأجل تمادي الكسوف إنما يأتي في الركعة الثانية ، أما الأولى فكيف يعلم فيها التمادي بعد فراغ الركوعين ، رد بأنه قد يتصور بأن يكون من أهل الخبرة بهذا الفن واقتضى حسابه ذلك ( والأكمل ) في فعلها ( أن يقرأ في القيام الأول ) كما نص عليه في الأم وغيرها ( بعد الفاتحة ) وما قبلها من افتتاح وتعوذ ( البقرة ) بكمالها إن أحسنها وإلا فقدرها ، وفي كلامه دلالة على جواز أن يقال سورة البقرة وهو كذلك وإن اختار بعضهم أن يقال السورة التي يذكر فيها البقرة ( و ) أن يقرأ ( في ) القيام ( الثاني كمائتي آية منها ) معتدلة ( و ) في القيام ( الثالث ) مثل ( مائة وخمسين ) منها ( و ) في القيام ( الرابع ) مثل ( مائة ) منها ( تقريبا ) ولا يتعين ذلك ، فقد نص في البويطي والأم والمختصر في محل آخر أنه يقرأ في الثانية آل عمران ، أو قدرها إن لم يحسنها ، وفي الثالث النساء أو قدرها إن لم يحسنها ، وفي الرابع المائدة ، أو قدرها إن لم يحسنها .

                                                                                                                            وما نظر به فيما تقرر من أن النص الأول فيه تطويل الثاني على الثالث وهو الأصل ، إذ الثاني فيه مائتان وفي الثالث مائة وخمسون ، والنص الثاني فيه تطويل الثالث على الثاني ، إذ النساء أطول من آل عمران ، وبين النصين على ما تقرر تفاوت كبير يرد بأنه يستفاد من مجموع النصين تخييره بين تطويل الثالث على الثاني ونقصه عنه ، ويؤيده قول السبكي ثبت بالأخبار [ ص: 407 ] تقدير القيام الأول بنحو البقرة وتطويله على الثاني والثالث ثم الثالث على الرابع ، وأما نقص الثالث على الثاني ، أو زيادته عليه فلم يرد فيه شيء فيما أعلم ، فلأجله لا بعد في ذكر سورة النساء فيه وآل عمران في الثاني ، ويسن له التعوذ في القيام الثاني من كل ركعة ( ويسبح في الركوع الأول ) من الركوعات الأربع في الركعتين ( قدر مائة من البقرة ، وفي ) الركوع ( الثاني ) قدر ( ثمانين ) منها ( و ) في الركوع ( الثالث ) قدر ( سبعين ) منها بالسين أوله ( و ) في الركوع ( الرابع ) قدر ( خمسين ) منها ( تقريبا ) في الجميع لثبوت التطويل من الشارع من غير تقدير ، والأوجه اعتبار الوسط المعتدل في الآيات دون طوالها وقصارها ، ولهذا قال ابن الأستاذ : وتكون الآيات مقتصدة .

                                                                                                                            وجزم به الأذرعي ( ولا يطول السجدات في الأصح ) كالجلوس بينهما والاعتدال من الركوع الثاني ( قلت : الأصح تطويلها ) كما قاله ابن الصلاح ( وثبت في الصحيحين ) في صلاته صلى الله عليه وسلم لكسوف الشمس من حديث أبي موسى ( ونص في ) كتاب ( البويطي ) وهو يوسف أبو يعقوب بن يحيى القرشي من بويط قرية من صعيد مصر الأدنى . كان خليفة الشافعي رضي الله عنه في حلقته بعده . مات سنة اثنين وثلاثين ومائتين ( أنه يطولها نحو الركوع الذي قبلها ، والله أعلم ) قال البغوي : والسجود الأول كالركوع الأول ، والسجود الثاني كالركوع الثاني ، واختاره في الروضة ، وظاهر كلامهم كما قال الأذرعي استحباب هذه الإطالة وإن لم يرض المأمومون بها ، وقد يفرق بينها وبين المكتوبة بالندرة ، أو بأن الخروج منها ، أو تركها إلى خيرة المقتدي بخلاف المكتوبة ، ونظره مدفوع بأن القياس ما مر في الجمعة والعيد أنه لا يفتقر إلى رضاهم ككل ما ورد الشرع بخصوص شيء فيه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وقضية التشبيه ) هو المذكور في قوله كما في المكتوبة ( قوله : أنه يعيدها ) ويظهر مجيء شروط المعادة هنا ، ويظهر أنه لو انجلت وهم في المعادة أتموها معادة كما لو انجلت وهم في الأصلية ، ويفرق بين هذا وبين ما لو خرج الوقت وهم في إعادة المكتوبة حيث قيل بالبطلان بأنه في المكتوبة ينسب لتقصير حيث شرع فيها في وقت لا يسعها أو يسعها وطول حتى خرج الوقت ، بخلاف ما هنا فإن الانجلاء لا طريق له إلى معرفته ولا نظر إلى أنه قد يكون من علماء الهيئة ; لأن أهل السنة لا يعولون على ذلك ( قوله : إنما يأتي في الركعة الثانية ) أي بل قد يقال بعدم تأتيه في الثانية أيضا ; لأن تحقق التمادي إنما يكون بالسلام ; لأنه وإن لم تنجل بعد الركوع الثاني جاز أن تنجلي في السجود ، ومن ثم لم يخصص حج الإشكال بواحدة من الركوعين ، لكنه عبر بما يقتضي تأتيه في النقصان حيث قال : وصورة الزيادة والنقص على المقابل أن يكون من أهل الحساب إلى آخر ما ذكر ا هـ . ولا حاجة للتصوير بذلك في النقص ; لأنه قد يكون عند الانجلاء وهو مشاهد فلا يحتاج إلى الحساب ( قوله : إن أحسنها ) أي فإن قرأ قدرها مع إحسانها كان خلاف الأولى ( قوله : أن يقال سورة البقرة ) يتأمل من وجه الدلالة فإنه لم يذكر لفظ سورة ، وقد ذكر غيره في نحو ما ذكر أنه يدل على أن يقال البقرة مثلا بلا ذكر السورة أصلا خلافا لمن كره ذلك ، وعليه فكان الأولى أن [ ص: 407 ] يقال البقرة بدون سورة ( قوله : في الركوع الأول ) ظاهره ولو لم يطول القيام ، ولا مانع منه ; لأن تطويل السجود من حيث هو لا ضرر فيه ، ومع ذلك فالأولى أن لا يطيله لما فيه من مخالفة الاقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام ( قوله : قدر سبعين منها ) قال العلامة الشوبري : هلا قال كستين ، وما وجه هذا النقص ا هـ . أقول : وجهه أنه جعل نسبة الرابع للثالث كنسبة الثاني للأول والثاني نقص عن الأول عشرين ، فكذا الرابع نقص عن الثالث عشرين ( قوله : مقتصدة ) أي متوسطة ( قوله : أو بأن الخروج منها ) أي من القدوة على ما هو المتبادر من كلامه ، لكن يشكل عليه قوله بخلاف المكتوبة فإنه مخير فيها بين نية المفارقة وعدمها سيما إذا طول الإمام ، ويحتمل أن المراد أنه مخير بين الخروج من نفس الصلاة وعدمه لكونها نفلا ، بخلاف المكتوبة ، وعليه فلا إشكال ، أو بأنه مخير هنا مطلقا بخلافه في المكتوبة ، فإنه إنما يخير إذا لم يتوقف ظهور الشعار عليه وإلا فتمتنع المفارقة حيث لا عذر ( قوله ونظره ) [ ص: 408 ] أي الأذرعي : أي الذي أشعر به قوله وقد يفرق بينها وبين إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : من أن تجويز الزيادة لأجل تمادي الكسوف ) أي بناء على مقابل الأصح ( قوله : وفي كلامه دلالة على جواز أن يقال سورة البقرة ) وجه الدلالة أنه إذا جاز أن يقال البقرة من غير ذكر السورة مع أن هناك من يوجب إضافة سورة إليها كما مر في الشارح في باب الجمعة في سورة الكهف فجوازه مع ذكر السورة أولى ، والقصد إنما هو الرد على البعض المذكور في اختياره ما ذكره بعد ، فلا فرق في الرد عليه بين إضافة سورة إليها [ ص: 407 ] وعدمها كما هو ظاهر ، وبه يندفع ما في الحاشية الشيخ ( قوله : وقد يفرق بينها وبين المكتوبة بالندرة ) من تتمة كلام الأذرعي ( قوله : ونظره ) أي الأذرعي : أي فيما ذكره من الفرق خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ، وعبارة شرح الروض : قال الأذرعي : وظاهر كلامهم استحباب هذه الإطالة وإن لم يرض بها المأمومون ، وقد يفرق بينها وبين المكتوبة بالندرة أو بأن الخروج منها أو تركها إلى خيرة المقتدي بخلافه في المكتوبة ، وفيه نظر ، ويجوز أن يقال : لا يطيل بغير رضا المحصورين لعموم خبر { إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف } وتحمل إطالته صلى الله عليه وسلم على أنه علم رضا أصحابه ، أو أن ذلك مغتفر لبيان تعليم الأكمل بالفعل إلخ ، فقوله : وفيه نظر من كلام الأذرعي بدليل قول شرح الروض بعده ا هـ . وهو كذلك موجود في قوت الأذرعي لكن بالمعنى




                                                                                                                            الخدمات العلمية