الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو نوى ) المسافر المستقل وإن كان محاربا ( إقامة ) مدة مطلقة أو ( أربعة أيام ) مع لياليها ( بموضع ) عينه قبل أن يصل إليه ( انقطع سفره بوصوله ) أي بوصول ذلك الموضع وإن لم يكن صالحا للإقامة ، فإن نواها وقد وصل له أو بعده انقطع سفره بمجرد نيته وخرج ما دون الأربعة فلا يؤثر ، ولو أقامها من غير نية انقطع سفره بتمامها أو نوى إقامة وهو سائر فلا يؤثر أيضا ، وأصل ذلك أن الله تعالى أباح القصر بشرط الضرب في الأرض : أي السفر ، وبينت السنة أن إقامة ما دون الأربع غير مؤثر { ; لأنه صلى الله عليه وسلم أباح للمهاجر إقامة ثلاثة أيام بمكة مع حرمة المقام بها عليه وألحق بإقامتها نية إقامتها } ، وشمل قوله بوصوله من خرج ناويا سفرا طويلا ثم عن له الإقامة ببلد قريب منه فله القصر ما لم يصله لانعقاد سبب الرخصة في حقه فلا ينقطع إلا بوصول ما غير النية إليه ، وما يقع كثيرا في زمننا من دخول بعض الحجاج مكة قبل الوقوف بنحو يوم مع عزمهم على الإقامة بمكة بعد رجوعهم من منى أربعة أيام فأكثر ، هل ينقطع سفرهم بمجرد وصولهم لمكة نظرا لنية الإقامة بها ولو في الأثناء ، أو يستمر سفرهم إلى رجوعهم [ ص: 255 ] إليها من منى ; لأنه من جملة مقصدهم ؟ فلا تأثير لنيتهم الإقامة القصيرة قبلها ولا الطويلة إلا عند الشروع فيها ، وهي إنما تكون بعد رجوعهم من منى ودخولهم مكة . للنظر في ذلك مجال وكلامهم محتمل ، والثاني كما أفاده بعض أهل العصر أقرب ( ولا يحسب منها ) أي الأربعة ( يوما ) أو ليلتا ( دخوله وخروجه على الصحيح ) إذ في الأول الحط وفي الثاني الرحيل ، وهما من مهمات أشغال السفر المقتضي لترخصه ، وبه فارق حسبانهما من مدة مسح الخف ، وقول الزركشي : لو دخل ليلا لم يحسب اليوم الذي يليها مردود ، والثاني يحسبان كما يحسب في مدة الخف يوم الحدث ويوم النزع ، وفرق الأول بأن المسافر لا يستوعب النهار بسيره وإنما يسير في بعضه وهو في يومي دخوله وخروجه سائر في بعض النهار ، بخلاف اللبس فإنه مستوعب للمدة ، وخرج غير المستقل كقن وزوجة فلا أثر لنيته المخالفة لنية متبوعه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله وإن لم يكن صالحا ) أي عملا بنيته وإن لم يمكنه التخلف من القافلة عادة ، ثم إن اتفقت له الإقامة فذاك وإلا فيكون مسافرا جديدا بمجاوزة ما نوى الإقامة به .

                                                                                                                            ( قوله : وخرج ما دون الأربعة ) أي ويتصور بالنية لوضوح أن ذلك لا يتصور بالإقامة بالفعل ( قوله : مع حرمة المقام بها لا عليه ) زاد الإسنوي قبل الفتح انتهى . عميرة .

                                                                                                                            ( قوله : فله القصر ) أي وكذا غيره من بقية الرخص [ ص: 255 ] وإنما اقتصر عليه لكون الكلام فيه .

                                                                                                                            ( قوله : كما أفاده بعض أهل العصر ) مراده حجر .

                                                                                                                            ( قوله : الداركي ) قال في الأنساب بفتح الراء : دارك قرية بأصبهان انتهى سيوطي .

                                                                                                                            ( قوله : ولا يحسب منها يوما دخوله وخروجه ) أي وتحسب الليلة التي تلي يوم الدخول ، وكذا اليوم الذي يلي ليلة الدخول ، وبه يظهر رد ما قاله الداركي .

                                                                                                                            ( قوله : من مدة مسح الخف ) أي حيث اعتبرت المدة من آخر الحدث وإن كان في أثناء يوم أو ليلة ( قوله : فلا أثر لنيته ) قال سم على حجر : قوله فلا أثر لنيته إلخ : أي كما قال في شرح الروض ، وكذا لا أثر لنية الإقامة لو نواها غير المستقل كالعبد ولو ماكثا كما سيأتي : أي في شرح الروض انتهى . لكن لا يبعد أنه لو نوى الإقامة ماكثا وهو قادر على المخالفة وصمم على قصد المخالفة أثرت نيته انتهى . وقوله ولو نوى الإقامة : أي كل من القن والزوجة ، وقوله وهو قادر : أي كنساء أهل مصر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية