السؤال
السلام عليكم.
ما زلت أعاني من مشكلة النوم لدرجة أنني ما إن أبدأ بالنوم لا أفكر في صلاة الفجر ولاحتى في صلاة العشاء إذا نمت قبل أن يأذن، بخلاف إذا كنت مستيقظة فأنا لا أؤخرها عن وقتها، وإذا قلت بأنني سأنام ساعة لأرتاح وأستخدم المنبه لذلك حتى أتمكن من الاستيقاظ للمذاكرة، فالوقت وقت امتحانات فإنني أستيقظ لإطفاء المنبه فقط فلا أعرف ماذا يحدث لي؟
هذا كله وإن نمت على وضوء وقرآن فما الحل؟ فأنا أضيع صلاة الفجر وسأرسب إذا استمريت على هذا الحال وأريد رأيكم في هذا الحل.
سمعت في إحدى الدروس عن علو الهمة في طلب العلم عند السلف الصالح من الأئمة أنهم كانوا لا ينامون الليل من أجل طلب العلم والعبادة وهذا لا يؤثر على صحتهم ونشاطهم بل يجدون راحتهم في ذلك، وإن أحدهم لم يصل الفجر إلا بوضوء العشاء 30 سنة، 15 سنة من طلب العلم، و 15 من العبادة، ولم يكونوا يشتكون من مرض أو ضعف في تركيزهم وحفظهم.
فدروسي أيضا 100% حفظ فالنوم المبكر ثم الاستيقاظ لم يأت بنتيجة، رغم أنني حاولت 1000 مرة بعد الألف، أعتقد أنني سأترك النوم فهو عدو لي بما أنه يحرمني من الطاعات، وأقتدي بالسلف الصالح، وأن أخصص يوما فقط في الأسبوع للنوم، فامتحاناتي ستبدأ من 06/06/13 إلى 06/07/07 فأنا لي رغبة قوية في أن أكون الأولى على مستوى قسمي، فأمامي تحد عظيم لأن درجاتي جدا متدنية فعلا.
فلدي إحساس قوي أنني رغم انتهاء الامتحانات أنني سأستمر في الحفاظ على صلاة الفجر لأنني سأكون قد عرفت حلاوتها وألفت نفسي بها مدة هذا الشهر الكامل.
فما رأيك يا أستاذي وأبي الدكتور الفرجاني فابنتك ضائعة وتريد حلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شمس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإذا كنت تواظبين على الصلاة في حال الصحو وتتحسرين على فوات وقتها بالنوم فأنت على خير، ومرحبا بمن تتطلع للتأسي بالسلف الأخيار، وشكرا لك على تواصلك معنا وأبشري فأنت بين آباءك والإخوان، ولن تضيع فتاة تطيع الرحمن، وتعرف أن المعاصي سبب الخذلان قال تعالى: ((فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم))[النساء:160]، وقال تعالى: ((فكلا أخذنا بذنبه))[العنكبوت:40] وقال سبحانه: ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم))[الشورى:30]، وقال ابن مسعود رضي الله: (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم).
وينسب للشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي **** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي
فاجتهدي في طاعة الله فإن للطاعة ضياء في الوجه، وانشراح في الصدر، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وهي من أسباب التوفيق .
وأرجو أن تكون بداية التصحيح بالاهتمام بأمر الصلاة، ولا مانع من طلب المساعدة من الصديقات الصالحات ومن الوالدين والمحارم في هذا الأمر، مع ضرورة وضع المنبه في مكان بعيد بعض الشيء، والحرص على ذكر الله عند الاستيقاظ من النوم حتى يذهب الشيطان .
ولا يخفى عليك أن الفلاح في السير على هدى وخطى سلف الأمة الأخيار والتمسك بسنة نبينا المختار الذي كان ينام ويستيقظ ويعطي جسمه حقه في الراحة، وكان ينام ويده اليمنى تحت خده كالوسادة، وهذا الأمر يجعل النوم قصيرا وخفيفا، كما أن ما كان يغفله السلف يدلنا على أن في هذا الجسد طاقات عظيمة إذا أحسن الإنسان استخدامها، وأن هذه النفس كالطفل .. وقد قال الشاعر: -
والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
ولكننا لا ننصحك بترك النوم جملة واحدة لأن لذلك أضرارا، كما أن سلف الأمة كانوا يأخذون هجعة خفيفة بعد طلوع الشمس، وكانوا يستعينون بالقيلولة على طول القيام.
وقد حصل لبعض الزملاء موقف مؤلم عندما نام عن الامتحان لأنه واصل الليل بالنهار وحرم نفسه من الراحة، وكان من شدة حرصه ابتعاده عن الناس للمذاكرة فغلبته عيناه فلم يستيقظ إلا بحر النهار.
ولا داعي لاستعجال النتائج، ولكن من الضروري الاستمرار في أداء الواجبات، والاستمرار على أسلوب العلاج دون انقطاع؛ لأن النتيجة قد لا تظهر للوهلة الأولى.
وأرجو أن ترفعي أكف الضراعة إلى الله، وتتوكلي عليه سبحانه بعد عمل الأسباب، فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، ومن طلب العلا سهر الليالي.
وقد صدقت فإن الاستمرار على الصلاة من أهم ما يعين على الخير والطاعات، ويورث الخير والمكرمات.
وبالله التوفيق والسداد.