كيفية معالجة الزوج الغضوب وتراكمات البيئة المنزلية القاسية عند الزوجة

0 510

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

مشكلتي هي أنني فتاة أحببت شابا منذ خمس سنوات، طلب زواجي أكثر من 3 مرات، وكان أبي يرفض بسبب اختلاف الجنسية بيني وبينه، وبعد معاناة سنين طويلة وافق أبي وحملني مسئولية زواجي، وهددني بأني لن أدخل بيته إلا ضيفة، وأنه مهما حدث بيني وبين زوجي لا أفكر في الرجوع لبيتي مرة أخرى.

تمت خطبتي للشاب وعشت في خوف من الغد، خصوصا وأنا عشت في أسرة مفككة لا تعرف العاطفة طريقها بين أمي وأبي، وكانت طفولتي معذبة بسبب ما كنت أشاهده من أبي وهو يضرب والدتي، بالإضافة لضربه لي بقسوة وأنا طفلة.

صرت أخاف إذا نطق بكلمة أمام أهلي وهي تحمل أكثر من معنى أن يفهمه أحد خطأ أو أي موقف يحدث.
أخاف أن يفهم بأنه إنسان سيئ؛ لأنني لا أريد أن يشمت بي أهلي، وخصوصا والدي.
إذا واجهتني أي مشكلة لا أستطيع أن أشكو لأحد، وإذا صار أي شيء بيني وبينه أخاف أن أحدث به أحدا؛ لأن ردهم سوف يكون علي: أنت تحبين، تحملي مثلما تحملت السنين الماضية!

قبل يومين حدث شيء لم يكن يخطر على بالي حدوثه بيني وبينه، فقد كنت على موعد مع الدكتور، وذهبت قبله، ووعدني أن يأتي في موعد معين، وتأخر علي لمدة ساعة، وأنا من النوع الذي يكره الانتظار، والمشكلة أني كنت أنتظره بالشارع لأن العيادة أغلقت بابها وانتهى الدوام، وبين قلقي عليه وغيظي منه، ولأنه تأخر علي أكثر من مرة، كان غضبي شديدا، مع العلم أنه كان في عمله وسبب تأخره دائما علي هو عمله الشاق.

عندما جاء بدأ الشجار بيننا، أنا أصرخ وهو يرد بنفس الطريقة.
ضربت نافذة السيارة بيدي فأوقف السيارة وبدأ يضربني على وجهي ضربات عديدة حتى علا صوت بكائي، لدرجة أني أحسست أن كل من في الشارع يسمعني.
وبقي يصرخ في وجهي ويقول بأنني إذا صرخت فيه بهذه الطريقة مرة أخرى فلن أجد سوى الضرب!

ومضى اليوم دون أن يحاول أن يرضيني بكلمة، لكن يحاول أن يثبت لي أنني السبب فيما حدث، وأنه لم يكن يريد أن يضربني لولا استفزاز صوتي.

وبقينا على هذا الحال يومين، هو يتصل بي في البيت، ولأني لا أريد أن يعلم أحد من أهلي كنت أرد عليه لكن بجفاء، وتعاتبنا وقال إنه يحس بندم كبير، وإنه غير مقنع بهذا التعامل مع أي امرأة، وإنه يحبني كثيرا.
أنا أحسست بصدق في كلامه، لكني خائفة أو حاسة أني تساهلت معه، وكان يجب أن أخاصمه فترة أطول.

أرجو منكم أن تريحوني من هذه الحيرة، لأنني لا أعلم ماذا أفعل، وأخاف أن تتكرر مرة أخرى، ولا أحد يعلم بي، ولا أستطيع أن أخبر أحدا.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يربط على قلبك، وأن يرزقك الاستقرار والسكينة والسعادة الدائمة، وأن يبدل خوفك أمنا، وأن يصلح لك خطيبك، وأن يجعل بينكما المودة والرحمة.

وبخصوص ما ورد بسؤالك: فأتصور أن الحياة الأسرية القديمة التي عشتيها ما زالت تلقي بظلالها القوية على حياتك الحالية، مما يترتب عليه توتر أعصابك بصفة شبه مستمرة، وخوفك من الفشل في زواجك نتيجة اختيارك لهذا الشاب برغبتك، وتحميل أهلك لك مسئولية هذا الزواج، وكلام والدك بعدم التعاون معك مستقبلا، كل هذا الركام وهذا الوعيد هو الذي يجعلك دائما في توتر وشد عصبي، وهذا أمر في الواقع مزعج جدا، فإن الإنسان عادة ما يتزوج لكي يستريح ويؤسس علاقة أسرية مستقرة، ويساهم ويدعم تأسيس أسرة سعيدة وموفقة، وعملية الخوف من الفشل قطعا أو غالبا ما تؤدي إلى الفشل مع الأسف الشديد؛ لأن التحسس الزائد يجعل الأمر الصغير كبير جدا، والكلمة العادية كأنها سهم مسموم أو طلقة مدفع رغم أنها عادية، والموقف الطبيعي أو الذي يحدث عند الكثير من الناس كأنه قتل أو إهانة أو جريمة لا تغتفر، هذه هي إفرازات الخوف من الفشل مع الأسف، وهذه هي صورة المستقبل الأسري بالنسبة لك، ولذلك لابد لك من وقفة قوية وصريحة لمعالجة هذا الهاجس، لذا فعليك بالآتي:

1- اتركي عنك تماما فكرة الفشل، ولا تفكري فيها مطلقا تحت أي ظرف من الظروف مهما كانت التحديات، واعلمي أختاه أنه ما من بيت إلا وبه مئات المشاكل، ورغم ذلك ما زالت الحياة مستمرة، وأنت لن تكوني أول زوجة، وبالتالي لن تكوني آخرهن، فخذي الأمور بتلقائية وبطريقة عادية، وحاولي إقناع نفسك وبقوة أن الفشل لن يحدث إلا إذا كنت تستشعرينه وتفكرين فيه.

2- أنت لديك صلاحيات وإمكانات هائلة بمقدورها أن تحقق أعلى نسبة من النجاح، فلم تفكرين دائما في الفشل؟ وأقصد أن لديك إمكانات عقلية وعلمية ونفسية وجسدية ودينية إيمانية تجعلك مبدعة في حياتك الأسرية ولست حتى مجرد زوجة عادية، بل بمقدورك أن تكوني زوجة مثالية، وأن تكون حياتك الزوجية والأسرية يضرب بها المثل في الاستقرار والسعادة.

فأرجو أن تحاولي أن تكوني طبيعية، ولا داعي للخوف مطلقا، فأنت عادية مع شيء من الحساسية وزوجك كذلك.

3- حاولي استعمال تدريب (21×14) وأقصد به نوعا من البرمجة العقلية، والتي قد تساعدك إلى حد كبير في تغيير نمط سلوكك، والتدريب هو:

كل يوم بعد صلاة الفجر أو الصبح اجلسي وحدك في مكان هادئ، وخذي نفسا عميقا ثم أخرجيه من فمك بهدوء، ثم كرري عبارة: (أنا إنسانة ناجحة أسرية، أو عبارة: أنا إنسانة سعيدة وناجحة، أو عبارة: أنا زوجة مثالية وقوية)؛ كرري العبارة التي تختارينها 21 مرة كل يوم، مع فاصل قصير بين كل مرة ومرة، وذلك لمدة 14 يوم بشرط ألا تكلمي أحدا أثناء هذا البرنامج، وألا يكون هناك أي نوع من التشويش.

هذا البرنامج يصلح لمثل هذه الحالة ولأي حالة تريدين أن تغييرها وتكونين في حالة أحسن مما أنت عليه، حاولي ولا تتكاسلي، وسوف تنجحين بإذن الله، واعلمي أن الله جل جلاله قال: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))[الرعد:11]، فإذا غيرت نفسك وطريقة تفكيرك وآلية التعامل مع الوقائع والأحداث، وحاولت استقبال أي رد فعل على أنه شيء عادي، فإن شاء الله سوف تتغلبين على هذه الحالة النفسية، وتكونين من أسعد النساء والزوجات.

4- راقبي تصرفات زوجك عند الغضب، وماذا يفعل؟ وكيف يعالج الأمور والمشكلات التي تواجهه؟ قفي على طبيعة نفسه وتركيبته الشخصية، وإياك أن تحاولي استفزازه حتى تتأكدي من ذلك، وإنما انظري وراقبي واسأليه عن كيفية معالجته لمشاكل العمل أو الأهل أو الجيران حتى تأخذي الصورة القريبة أو الصحيحة لشخصيته، وما سيكون عليه في المستقبل غالبا، ثم بعد هذا التحليل حاولي مساعدته في التخلص من تلك العادات القبيحة، وأن يكون إنسانا هادئا متزنا يحسن التعامل مع أي مشكلة بهدوء وروية، وعدم تعصب وضرب وسب أو غير ذلك، ضعي في اعتبارك محاولة تغييره للأفضل، وأنا واثق من قدرتك على ذلك.

إذن: ابدئي بنفسك أولا، واتركي عنك هذا الخوف الذي لا داعي له أساسا، وضعي يدك في يد زوجك، وابدأا معا صفحة جديدة لحياة جديدة مستقرة وسعيدة، مع الإكثار من أهم سلاح وهو الدعاء، وحسن الظن بالله، وستكونين فعلا أنت وزوجك من السعداء.

مع تمنياتنا لكما بالسعادة الدائمة في الدنيا والآخرة، وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات