السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة من الله علي بالهداية والحمد لله، أعيش بفرنسا وعائلتي لا تعرف من الإسلام إلا العادات والتقاليد، تقدم لي أخ لطلب يدي، فقوبل بالرفض رغم أنه عبد صالح أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا، ورفضه ليس لسبب شرعي، بل لسبب لا يمت للشرع بصلة، رفضوه لأنه ليس من بلدي الأصلي لكنه مقيم بفرنسا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
ولا يخفى عليكم أن فرنسا بلد كفر وفتن، ويعلم الله أني أريد تحصين نفسي، إضافة إلى أني أتمنى من الله أن يكون هذا الأخ زوجي في الدنيا والآخرة ووالد أطفالي إن شاء الله، ووالله لقد صليت صلاة الاستخارة عدة مرات وكل مرة لا أرى ولا أحس إلا خيرا والحمد لله، أردت أن أبعث إليكم لتنصحوني كيف أحاول إقناع والدي بأن هذا الأخ يمكن أن يسعدني فهو على خلق ودين؟ إن عائلتي تفضل أن أبقى عانسة على أن أتزوج من هذا الأخ، بل تفضل أن أموت ولا أجلب إليهم هذا العار.
إني أعلم والحمد لله أن ما أصابني لم يكن ليخطئني، وما أخطأني لم يكن ليصيبني، كما أني أعلم والحـمد لله أن هذا الأخ إن كان قد كتبه الله لي فلن يستطيع إنس ولا جن أن يغير هذا والعكس كذلك، والحمد لله على كل حال.
سؤال آخر: كيف أسترجع حب أمي وأبي؟ إني أحبهما ولكن لم أعد أطيق الجلوس معهم ليس لأنهم رفضوا الأخ ولكن لأنهم رفضوا الاستماع لرأيي بل تجاوز ذلك إلى الضرب والدعاء بأن أعود إلى المنزل في نعش ووالله لا أزيد حرفا والله على ما أقول شهيد، أعرف أنهم يحبونني وأن هذا بسبب الجهل بالدين والله المستعان.
أعينوني بارك الله فيكم بالنصح والدعاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك زوجا صالحا يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فأرى أن الأمر يحتاج منك إلى مزيد من الصبر الجميل وعدم العجلة؛ لأن إقناع الوالدين ليس بالأمر السهل؛ لأن هذه الرسوبيات قديمة تعيش مع كثير من الناس لفترة طويلة من الزمن، وقلما يتخلص منها إنسان، فأرجو أن تلتمس العذر لهم، وأن تستيعني بمن يساعدك في إقناعهم والعدول عن رأيهم، فلا تتعجلي الأمور ما دمت واثقة من أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإذا كان لك فيه نصيب فلابد أن تدركيه لا محالة إن شاء الله، فما عليك إلا الصبر والدعاء، والاستعانة بمن يساعدك في إقناعهم، ثم دعي بعد ذلك النتائج لله تعالى.
ولا يجوز لنا بحال يا ابنتي العزيزة أن نكره الوالدين لمجرد اختلافهم معنا في الرأي، أو عدم تلبية رغباتنا؛ حيث أنه من الوارد جدا أن نكون نحن على خطأ وهم على صواب، بل حتى وإن كانوا مخطئين فلا يحوز لنا أن نكرههم لذلك، فعليك بالدعاء لهما بأن يشرح الله صدرهما لقبول هذا الشاب، وأن يمتعهم بالصحة والعافية وطول العمر والهداية إلى صراطه المستقيم، والدعاء بكل خير عموما، وجاهدي نفسك في الجلوس معهما بنية تنفيذ عبادة البر والإحسان إليهما، وسل الله أن يرزقك حبهما، وأن يملأ قلبك بذلك، وبالدعاء والأخذ بالأسباب سوف يحقق الله رغبتك أو يرزقك خيرا ممن تقدم إليك؛ لأن الله لا يضيع أهله، ولا يجوز لنا أن نضحي بعلاقتنا مع والدينا من أجل حياة زوجية لم تقم بعد، وإنما الواجب علينا الآن برهما والإحسان إليهما ومعاملتهما بالمعروف، وأما الزواج فله شأن آخر.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق وراحة البال وتحقيق الآمال، وبالله التوفيق.