إرشادات لفتاه تعاني شدة الخوف من الجن

0 716

السؤال

أشتكي من خوف شديد تجاه الجن، مع أني لا أرى منهم شيئا، ولا أحلم بأشياء مخيفة والحمد لله، ولكن دائما أشعر وكأنه سيغمى علي من خوفي، ما أشعر به أكبر والله أعلم، فلا أستطيع الوصف، مع العلم بأني أقيم الصلاة، والصيام، أما الآن فأنا أقرأ الرقية الشرعية لمدة (40) يوما، وأتمنى أن تكون فيها الإفادة في علاجي، فما رأيكم؟ ولم هذا الخوف الغريب؟

وبعض الأحيان أحس بأني أتعمق في نفسي، حتى أشعر أن أحدا ما بداخلي! وأشعر بضيق بين حين وآخر في اليوم.

أرجو مساعدتي، فأنا أعاني، ولا أحب أن أكلم زوجي، أو أحدا من أفراد أسرتي؛ وهذا من خوفي الشديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الأخت الفاضلة/ حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يرزقك الهدى والثبات والتقى، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن كيد الشيطان ضعيف، ولا سبيل له على أهل الإيمان والطاعة للرحمن، قال تعالى: (( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ))[النحل:99]، ولا سلطان للشيطان إلا على أهل المعاصي والمنكرات.

وقد ذكر ابن القيم وبعض السلف أن الشيطان إذا اقترب من عبد ذكر الله يصرع؛ فتجتمع حوله الشياطين، فيقولون: ما باله؟ فتقول الشياطين: صرعه إنسي ذكر الله، والعكس بالعكس، فإن الشيطان يصرع أهل الغفلة عن الرحمن، قال تعالى: (( إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ))[النحل:100].

ولابد أن تعرفي أن هذا العدو ضعيف، وحقير، ولا يملك أن يضر إنسانا إلا بإذن الله، قال تعالى: (( وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ))[المجادلة:10].

وهناك وسائل لطرد وهزيمة هذا العدو نختصرها في الآتي:

1- التوحيد الخالص لله.

2 - الإيمان بالقضاء والقدر، ومعرفة أن الأمة لو اجتمعت على نفع الإنسان أو ضره لا يملكون ذلك إلا بشيء قد كتبه الله.


3 - الإكثار من ذكر الله، والحرص على طاعته، وخاصة أذكار الصباح والمساء والخروج والدخول، فإذا قال الإنسان عند الخروج: (بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ تنحى عنه الشيطان، وينادي الشيطان الشيطان الآخر، فيقول: ما بالك بشخص هدي وكفي ووقي، فيقول: لا سبيل لنا إليه. فينصرفان).

4 - الابتعاد عن بيئة المعصية ورفاق السوء.


5 - تجنب الجلوس في الأماكن المظلمة، والحرص على ذكر الله عند الذهاب لقضاء الحاجة، وعند سماع نباح الكلاب.

6 - تطهير البيت من الصور والكلاب وآلات اللهو والغفلة، وعمارة البيوت بذكر الله وتلاوة القرآن.


7 - كف حركة الصبيان عند غروب الشمس؛ لأنها أوقات انتشار الجن.

8 - تجنب الوحدة، والحرص على الرفقة الصالحة، فإن لم نجد فعلينا بكتاب الله، فإنه جليس لا يمل، وصاحب لا يغش.

9 - تجنب الألفاظ التي يغتر بها الشيطان، كقول بعض الناس: تعس الشيطان، أو كقول بعضهم إذا سقط منه شيء، أو أصيب: (حسى)؛ لأننا إن فعلنا ذلك تعاظم الشيطان، وهو حقير، ويقول: بقوتي صرعته، ويتعاظم، ولكن الصواب أن يقول: بسم الله، وعندها يتصاغر الشيطان ويخزيه الله.

10 - أن تكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وتكثري من قراءة آية الكرسي وخواتيم البقرة، وليس لهذه الأذكار مدة محددة، أو عدد محدد إلا ما ورد فيه تحديد، ولكن المؤمن يحافظ على أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال المختلفة عند الطعام، وعند المقام، وعند الخروج والدخول، وعند هبوب الريح، وهكذا حسب ما ورد في السنة بالتوبة المطهرة.

11 - وإذا سمع الإنسان أصواتا مخيفة، أو رأى أشياء غير مألوفة فعليه أن يذكر الله.

12 - إذا ذهب الإنسان إلى الصحاري والبراري فعليه أن يذكر الله، ويردد ألفاظ الأذان، ويؤذن للصلاة كما في حديث أبي سعيد الخدري؛ فإنها طاردة للشيطان، وإذا أراد أن ينزل في منزل فإنه يقول: (( أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق ))، ونحو ذلك من الأذكار.

13 - استحضار عظمة الله، وتذكر حقارة الشيطان، وليس العكس، فهذا العدو حقير يفرح إذا جعلنا له مكانا، ولذلك فقد كان يتسلط على أهل الجاهلية الذين كانوا إذا نزلوا في مكان قالوا: نعوذ بكبير هذا الوادي من جماعته؛ فاتخذتهم الشياطين ألعوبة، وسجل القرآن ذلك فقال تعالى: (( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ))[الجن:6]، فتحرشت بهم الشياطين، وأرهقوهم، وهذا بكل أسف ما يفعله الدجالون والكهنة والعرافون بمن يذهب إليهم؛ فتتسلط عليه الشياطين، فإذا أفلس الدجال واحتاج إلى المال سلط أعوانه من الجن على أولئك الذين يذهبون إلى الكهنة والسحرة والدجالين؛ حتى يضطروا للذهاب إليهم، ودفع النقود والهدايا والقرابين للجن، والعياذ بالله!

وخير ما يطرد به الإنسان عناصر الخوف والضعف هو زيادة الإيمان بالله، ومن خاف الله أخاف الله منه كل شيء، وتجنبي الوحدة، واحرصي على الإكثار من الأذكار، وخاصة دعاء الغم الذي ردده نبي الله يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وهو: ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )، والغم عبارة عن حزن وضيق لا يعرف له الإنسان سببا، وهذا العلاج ليس لنبي الله يونس وحده، ولكن هو دواء نافع لكل مؤمن، ولذلك قال سبحانه في ختام الآية: (( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ))[الأنبياء:88].

والصواب أن تخبري الأخيار من أقربائك، وتجتهدوا جميعا في تهيئة بيئة الإيمان الطاهرة في البيت، وإذا داوم المسلم على الأذكار الواردة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يصاب بالأذى، وإذا أصيب بشيء من الضرر فإنه يكون التأثير خفيفا، فاحرصي على طهارتك، وواظبي على الأذكار، وحتى في أيام العذر الشرعي لا تنقطعي عن الأذكار والتحصينات الشرعية.
وقد يكون السبب في هذا الخوف هو الطريقة التي تربيت عليها، فبعض الناس يقص على أطفاله قصص العفاريت، ويخوفهم من أشياء كثيرة، وهذا خطأ في التربية، وقد يكون هدف المربي هو راحة نفسه من إزعاج الأطفال، ولكن هذا أسلوب خاطئ جدا، والأم الواعية إذا شعرت أن طفلها خائف فإنها تضمه إلى صدرها، وتجتهد في التخفيف عنه، وتهدئ من روعه، ويفضل أن تجعله ينام؛ حتى ينسى الأشياء المخيفة التي مرت على سمعه أو بصره.

ومرة أخرى أكرر: كيد الشيطان ضعيف، ولا يستطيع أن يضر الإنسان، إلا إذا أذن الله وقدر، والشيطان يخاف من ذكر الله، وينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، ولا يدخل بيوت من يذكرون الله عند دخولهم، ويحرم من طعام من يذكر الله عند طعامه.

ونسأل الله العظيم أن يرزقنا الطمأنينة بذكره وتوحيده، وأن يعيذنا من الشيطان وهمزه ونفخه ونفثه.

والله الموفق.



مواد ذات صلة

الاستشارات