الارتباط من خلال المواقع، هل يعد خطأ؟

0 440

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن يتسع صدركم لسماع مسألتي، ولو أنها لا تختلف كثيرا عما يرسل إليكم من أسئلة مشابهة، لكنها تختلف عنها في نقطة واحدة، ومسألتي بدأت عندما دخلت إحدى منتديات موقع إسلامي في الروضة المخصصة للأخوات للتعليق على أحد الموضوعات، وهو ليس للشات، ولكن تعليق على موضوع ما.

وتضمن تعليقي عليه أني كتبت: أني أرتدي النقاب - والحمد لله - وأرسلت بإميلي؛ لأن هذا المنتدى كان قائما على الأعمال الخيرية التي تقوم بها هؤلاء الفتيات، وذلك يتطلب اجتماعنا؛ فكتبت لهم ذلك.

ولكني فوجئت برسالة من شخص يكتب لي: أنه يعتذر أولا عن إرساله رسالة على إيميلي، وأنه قرأ تعليقي في هذا المنتدى قدرا؛ لأنه يعمل بالشركة القائمة على هذا الموقع، وأنه ملتزم من قريب والحمد لله، وأنه يطلب الارتباط بي؛ لأنه علم أني أرتدي النقاب، وأنه وجد أنه لا بأس من ذلك؛ لأنها لا تختلف كثيرا عن تلك الزيجات التي تأتي بها له والدته، ويراهن رؤية شرعية، ولكن لا يحدث نصيب، ففي كلتا الحالتين هو لا يعرف من أمر الفتاة شيئا، وسوف يتولى أمر السؤال عنها بعد ذلك، ولها أن تفعل نفس الشيء، وأنه لا يطلب شات على الإنترنت، ولكن يطلب ارتباطا رسميا بعد معرفة المعلومات المطلوبة، وبعد الرؤية الشرعية وحدوث التوافق.

واستخرت ربي في أن أخبر أمي بهذا الأمر، أو أن أهمل هذه الرسالة ولا أعيرها انتباها؛ فأخبرت أمي، ولكني وجدتها على عكس توقعي، أي: أنها توافق على المبدأ، وبالفعل بعثت إليه رسالة بذلك، وطلبت منه بعض المعلومات المطلوبة، ولكن أمي لم تستكف بها، وطلبت مني أن أخبره بأننا نريد أن نقابله مقابلة عن بعد، وذلك عن طريق الإنترنت قبل الدخول إلى البيوت.

وأجرينا هذه المقابلة، وكنت مع أمي وقتها؛ حتى لا تتحقق الخلوة؛ لأن أبي متوفى، وكنت أنا التي أكتب الحوار والأسئلة، وكلها أسئلة عامة ضرورية للارتباط، ونحن الآن في فترة المهلة للسؤال عنه قبل أن ندخله بيتنا، وللعلم حتى الآن هو لا يعلم الكثير عني سوى ما كتبته عني في المنتدى: كليتي، واسمي، ومرحلتي الدراسية، وأني أرتدي النقاب؛ لأني طلبت ذلك لحكمة ألا تنتشر أخباري بين أكثر من شخص إذا لم يحدث ارتباط.

ولكن مشكلتي الآن باختصار أني كنت دخلت إحدى المنتديات، وهي تعرض مشكلة فتاة على لسانها أنها قد تعرفت إلى شاب غير ملتزم من خلال الشات، وأنه كان غير ملتزم، وأخذت تحدثه عن الصلاة والالتزام، وبدأ يخطو خطوات في الالتزام، وأحبته وأحبها إلى آخر ذلك، وطلب التقدم إليها، وفي نفس الوقت تقدم إليها شاب ملتزم، وهي الآن متحيرة!

فوجدت نفسي بعد أن قرأت رسالتها عاجزة عن الرد عليها، فهل ما أفعله مع هذا الشاب حلال، أم حرام؟ مع أني لم أكلمه في الشات، ولا كانت بيننا خلوة من قبل مثل هذه الفتاة، وأنه طلب الدخول من البيوت، وأن يتم الموضوع مرورا بكل الإجراءات الرسمية، وبعلم الأهل، فأرجو منكم المشورة والنصح! وأرجو منكم رجاء خاصا ألا تجيبوا على سؤالي من الاستشارات السابقة؛ لاختلاف بعض النقاط بيني وبينها.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فشكرا لك ابنتي، وزادك الله حرصا وخيرا، وقد أعجبني فيك حرصك على التفاعل مع قضايا المسلمين والمسلمات، واختيار مواقع إسلامية يظن فيها الخير والانضباط، وقد سررت أيضا لحرصك على مكاشفة الوالدة في الأمر قبل اتخاذ خطوات أو توسع علاقات، وليت كل الفتيات يعرضن مثل هذه الأمور على الأهل، وخاصة الأمهات؛ لأنهن أقرب وأحرص على مصلحة بناتهن، ولديهن خبرة ومعرفة بالرجال، ولن تخيب فتاة تستخير ربها وتستشير أهلها، وجزاك الله خيرا على حرصك على أن تكون العلاقة بحضور وموافقة الوالدة، فإن هذا الرجل لا يزال أجنبيا، وإذا تأكد لكم صلاح هذا الرجل فلا مانع من القبول به.

ولكني أوصيك بعدم التوسع في التعامل مع الرجال مستقبلا، واحرصي على الاحتفاظ بعنوانك، ولا تنشري أخبارك الخاصة؛ لأن هذا قد يجلب لك الكثير من المتاعب، والإنسان يملك أسراره وأخباره، فإذا نشرها أصحبت ملكا لكل الناس.

وأرجو أن تحرصي على هذا المنهج في التعامل مع الرجال، وحافظي على نقابك وحشمتك، ولا شك أنك حرصت على الالتزام بالضوابط الشرعية، وهذا يشكر لك، وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وإذا تم هذا الموضوع حسب الإجراءات الرسمية، وبعلم الأهل وإعلان النكاح، فلا توجد أي موانع في إتمام هذا الزواج، والفرق كبير بينك وبين النماذج الأخرى التي أشرت إليها.

وأرجو أن تسألوا عنه وتعرفوا أخباره، والمهم هو دين الرجل وأخلاقه وقدرته على تحمل المسئولية، ونشاطه ورغبته في العمل، ومن حقه أيضا أن يسأل ويتعرف على أحوال الأسرة، وبعد حصول التوافق والرغبة الأكيدة من الطرفين لا بد من النظر المباشر في حضور الأهل؛ تنفيذا لتوجيهات النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)، فمن حقه أن ينظر إلى ما يدعوه للنكاح، ومن حق الفتاة أن تنظر لشريكها ورفيق دربها، (وما راء كمن سمعا)، فإن الشريعة راعت الجوانب النفسية، وحرصت على حصول أكبر قدر من الدوافع والرغبات، والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.

وإذا كره الإنسان جانبا فعليه أن ينظر إلى الجوانب الأخرى، فلا يوجد إنسان بلا عيوب، ولكن السيئة تنغمر في بحور الحسنات، والزواج السعيد مهره يسير، ومراسيمه مبسطة، ويحرص فيه الزوجان على البعد عن المعاصي، وتسبقه النية الصالحة.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات