الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت على فتاة عبر الانستغرام وأريد الزواج بها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب بعمر 27 سنة، لا أميل لمرافقة الفتيات أو التحدث مع أي فتاة في الشارع، بقصد أخذ رقمها؛ لأني أريد الزواج الحلال السعيد.

تعرفت على فتاة عبر الانستغرام، وهي بعمر 20 سنة، ومن عائلة ملتزمة، وبدأنا في مرحلة التعارف ونيتي الزواج بها، وليس تضييع الوقت أو التلاعب، وبعد مدة قصيرة فكرت أن أطلب رقم والدها والتواصل مع صديق للاستشارة، ومرافقته لي عند أبيها، ولكن قلت لا بد أن آخذ الخطوة الأولى والمهمة وهي الاستخارة.

استخرت الله في خطوتي المقبلة معها، وفي اليوم التالي صارحتني بأنها لا تبادلني نفس الشعور، وبأنها لا تحس بشيء معي، وقالت هذا مجرد إحساس؛ لأنها لم تخض أي علاقة من قبل، ولا تريد إنهاء تعارفنا، وأكملنا.

بعد أيام أنا أحسست أيضاً، وعدت أتذكر كلامها السابق، فأصبحت أتراخى في التواصل معها، ودعوت الله إذا لم تكن هي الزوجة فلينتهِ هذا التواصل، فوجدتها طلبت الانتهاء، لكن بعد يومين أصبحت تراسل، وتتصل، وعشرات من الرسائل بأنها أخطأت، ولم يكن ينبغي قول ذلك، وتحلف بالله وتقول: إن هذا بسبب أنها لم تعش تجربة مثل هذه من قبل، ولهذا تجد نفسها مرة تنجذب وتريد إكمال النية للزواج حتى نجتمع في الحلال، ومرة تحس بعدم معرفة هل تواصلنا وأحاسيسها ينبغي أن تكون هكذا؟

الآن ما زلت لا أريد التواصل معها، ولا أعلم هل أتساهل معها؟ لأنها كما تقول أول مرة، وهي في سن صغير، وعليها ضغط الامتحانات، وظروف عائلية، وتطلب أن أمهلها، وأنها بعد اعتذارها ستكون كنقطة ضعف عندها ولن تفكر بإعادة ذلك.

هل هذا دليل على صلاة الاستخارة، ولا ينبغي لي التقليل من نفسي كرجل وعدم الاستمرار معها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن تكون بخير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التقية النقية التي تسعدك في دنياك وآخرتك، وبعد:

أولاً: إننا ابتداء نحمد الله أن رزقك التدين، وأن جعلك حريصاً على طاعته، وإننا على يقين من حسن نيتك، وحسن قصدك، وأنك تريد الخير، لا الشر، ولكن الأماني والنية الحسنة المجردة من العمل الصحيح لا تقيم البيت.

ثانياً: اعلم أن تواصلك مع فتاة لا تحل لك من وراء أهلها هو أمر غير مشروع، وأنت لا ترضى لنفسك أن يتواصل أحد مع أختك من وراء ظهركم، ولو بقصد الزواج، وعليه فالحكم الشرعي واضح -أخي- ولا يحتاج إلى فتوى.

ثالثاً: السؤال الذي يجب أن تجيب عليه الآن: هل أنت قادر على تكاليف الزواج أم لا؟ هذا السؤال ضروي جداً الجواب عليه، فالعرب تقول: ثبت العرش ثم انقش. فإذا كنت -أخي الكريم- غير مستعد للزواج؛ فهذا يعني أنك تتعب نفسك، وتجهدها بأمور فوق طاقتها، واعلم أن العين ترى غير المقدور عليه بما ليس عليه، فلا تتعب نفسك، وسنخبرك بما يجب أن تفعله بعد قليل، وإن كنت مستعداً للتقدم للخطبة فأتمم الاستشارة.

رابعاً: اعلم -وفقك الله- أن من كتبها الله لك زوجة هي معلومة ومقدرة لك من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، فإذا كانت هي زوجتك فستكون وسترى الخير في ذلك، وإن لم تكن هي من قدرها الله لك زوجة فلن تكون ولو جيشت الدنيا كلها، وستعلم في الخاتمة أن اختيار الله لك كان أفضل مما أردته لنفسك.

خامساً: إننا لا ننصح أبداً بالعلاقات عبر الوسائط الاجتماعية لعدة أسباب:

1- الكذب فيها كثير، والغفلة فيها أكثر.

2- هو تواصل محرم.

3- أكثر من 80% من هذا التواصل لا يفضي إلى الزواج، وأقل الباقي من يستمر بعد الزواج.

4- غالباً إن حدث الزواج فإنه يورث في القلب الشك والريبة، وهذا أمر ملاحظ للقليل الذين أفضى بهم الأمر للزواج.

سادساً: إننا ننصحك إن كنت تعلم الفتاة وأهلها حق المعرفة، وقادراً على الزواج، فاستشر أهلك، وتأكد عن طريق النساء في تدينها، ومن ثم تقدم لها، وإن كنت لا تعرفها فخذ رقم هاتف والدها، وابحث بنفسك واستشر أهلك مع ضرورة أن توقف هذا التواصل فوراً.

سابعاً: أنت قاب قوسين أو أدنى من الزواج، وهي قاب قوسين أو أدنى من الزواج، والسعد كل السعد أن تكون أول امرأة في حياتك هي زوجتك، ساعتها ستسعد ولن تجد الآلام التي تحدث لكثير من الشباب -أخي الكريم-، ثم تذكر أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: شاب نشأ في عبادة الله تعالى.

ثامناً: لا تعلق آمالك على غيب لم تصل إليه، ولا تضيق واسعاً، وضع هذه الآية نصب عينيك تسعد وتنجو: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله)، هذا هو الطريق الآمن وغيره هو الهلاك والفساد والدمار، فاسلك طريق المعافاة، واعلم أن القلب إذا امتلأ طاعة وإيماناً، وتوكلاً على الله، هان عليه ما صعب اليوم، وأمكنه أن يتجاوز ما توهم أن تجاوزه مستحيلاً، فاستعن بالله واطلب العفاف في دينك حتى تسلم دنياك.

تاسعاً: يعينك على تجاوز تلك المرحلة كثرة الصيام مصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام، في حديث ابن مسعودٍ: (يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).

هذا هو الطريق -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يثبتك على الحق حتى تلقاه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً