السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشعر أن في خدي مثل النمل يتحرك! وكان ذلك يحدث عند التحدث مع بعض الأشخاص، والآن أشعر به في كل وقت، وفي بعض الأحيان عندما أسأل أسئلة محرجة تتسارع دقات قلبي وتتغير ملامح وجهي بشكل سلبي، وأنا شخص حساس بعض الشيء، وبعض الأحيان أكون خجولا ولا أجيد التحدث مع الآخرين، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين الخير الجزيل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن الشعور بالتنميل وكذلك الشعور بشيء يتحرك كدبيب النمل، وشعورك أيضا بعدم الارتياح حين التحدث، مع تسارع ضربات القلب وتغيير ملامح وجهك بشكل سلبي مع وجود هذا الخجل، وبما أن شخصيتك حساسة، فهذا كله يعطينا تشخيصا واحدا للحالة، وهي أنك تعانين مما يسمى بالقلق الاجتماعي البسيط، وهو نوع من المخاوف القلقية التي تحدث في المواقف الاجتماعية، ومقارنة بحال الكثير من الناس والأسئلة التي تردنا من بعض الإخوة والأخوات، فإن حالتك بسيطة جدا، وإن شاء الله ستكون سهلة العلاج.
تسارع ضربات القلب ناتج من إفراز مادة تسمى بالأدرينالين، وهذه المادة تفرز طبيعيا خاصة في أوقات المواجهات، لكن إذا كان إفرازها أكثر من اللزوم فهذا يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، وهي مادة تزيد من تحفز الإنسان بدرجة تركيزه؛ لأن المواقف الاجتماعية بالطبع تحتاج لشيء من ذلك، وتغير ملامح الوجه أيضا كما يحدث لبعض الناس عند المواجهات الاجتماعية، حيث إن تدفق الدم يزداد في هذه المنطقة، وكل الأعراض الأخرى التي تحس بها نسميها جميعا بالأعراض النفسوجسدية، أي أنها أعراض جسدية ولكن سببها نفسي.
الذين يعانون من القلق أو الرهاب أو الخوف الاجتماعي البسيط دائما يأتيهم شعور شديد بهذه الأعراض، بالرغم من أنها في حقيقة الأمر هي أقل كثيرا مما يتخيلون ويتصورون، والذي أنصحك به -أخي الكريم- بعد أن شرحنا لك الحالة أن تحاول أن تتجاهلها بقدر المستطاع، وفهم الإنسان لطبيعة حالته وتشخيصها هو أهم خطوة نحو العلاج في هذه الحالات.
أنا أود أن أؤكد لك أنه لن يحدث لك أي نوع من الحرج أو السخرية أو الاستهزاء من قبل الآخرين، فالبعض يأتيهم هذا الشعور وأنت لم تذكر ذلك، ولكن كثيرا من الذين يعانون من الخجل الاجتماعي يأتيهم هذا الشعور ويأتيهم اعتقاد بأنهم يتلعثمون أمام الآخرين، وأن هنالك تعرقا ورجفة وشيئا من هذا القبيل، وهذه مشاعر مبالغ فيها، وأنا أؤكد لك أن ما تشعر به هو أبسط كثيرا من الحقيقة!
التجاهل يعتبر أهم نوع من أنواع العلاج، بأن تقول لنفسك: (ما الذي يجعلني أقلق؟ أنا سوف أتجاهل هذه المشاعر تماما، أنا أؤدي عملي على أحسن ما يمكن، أنا لدي علاقات لدي صداقات، أنا أؤدي صلاتي في المسجد مع الجماعة، فلماذا أخاف ولماذا أخجل؟)، فهذا نوع من التخاطب الاستبصاري الذاتي الذي يساعد الناس في علاج مثل هذه الحالات، ونصيحتي لك هي أن تكثر من المواجهات.
انطلق نحو المناسبات الاجتماعية، وحين تلتقي بالناس ابدأ بالسلام وتبسم في وجوههم، وكن صاحب معلومات ومعرفة حتى تخوض في حديث وحوار مع الآخرين، وهذا يصقل من مقدرات الإنسان ويقلل من هذا الخجل والخوف الاجتماعي.
هنالك علاج دوائي أيضا أرى أنك - إن شاء الله - أنك سوف تستفيد منه كثيرا إذا تناولته، وهو دواء بسيط جدا، وهو متوفر وموجود بالمملكة العربية السعودية، ويسمى تجاريا باسم (زولفت Zoloft) ويسمى تجاريا أيضا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة، والحبة تحتوي على خمسين مليجراما، إذن تناول خمسة وعشرون مليجراماليلا يوميا، ويفضل تناولها بعد الأكل.
استمر على هذه الجرعة الصغيرة لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى خمسين مليجراما - أي حبة واحدة - لمدة ستة أشهر، ويجب أن تلتزم بالجرعة، وهذه مدة ليست مدة طويلة أبدا، بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراما لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أراه -أخي الكريم- وإن شاء الله سوف تكون حالتك بخير، وأنت في استشارة سابقة عكست أعراضا يمكن أن تعتبر وساوسا، وهذه الأمور كلها متقاربة جدا، فالقلق والخوف والوساوس والرهاب الاجتماعي كلها متشابكة، ويكون هنالك تداخل كبير جدا في هذه الأعراض، فالذي ذكرته الآن هو درجة بسيطة من الخوف الاجتماعي كما شرحنا لك، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بالإرشادات والدواء الذي وصفناه لك، عليك أن تلتزم بالتطبيق، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.
لمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الروابط التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).
ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.